للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ووجوب الرجوع إلى اللغة، ويكون كناية محضة كما قاله الأئمة الثلاثة، لأن العرف قد تغير حتى لم يصر أحد يستعمل هذا اللفظ إلا في غاية الندور، والقاعدة أن اللفظ متى كان الحكم فيه مستند الحكم [١] عادي بطل ذلك الحكم عند بطلان تلك العادة وتغير إلى حكم آخر وإلى بيان الأنواع الثلاثة وأحكامها أشار بقوله: (للزوج تفويض الطلاق لها): أي للزوجة (أو لغيرها توكيلاً) منصوب على أنه مفعول مطلق بتقدير المضاف، أي تفويض توكيل (وتمليكاً وتخييراً).

(فإن وكل) في إنشائه (نحو: وكلتك) في طلاقك، (أو: جعلته) –أي: الطلاق- لك توكيلاً، (أو فوضته لك توكيلاً، فله) أي الزوج (العزل) أي عزل وكيله من زوجته أو غيرها قبل إيقاعه، كما لكل موكل عزل وكيله قبل فعل ما وكل عليه (إلا لتعلق حقها) فليس له العزل، كما لو شرط لها أنه إن تزوج عليها فقد فوض لها أمرها أو أمر الداخلة عليها توكيلاً؛ لأن الحق وهو رفع الضرر عنها قد تعلق لها فليس له عزلها عنه.

(لا إن ملك أو خير) فليس له عزلها لأنه فيهما قد جعل لها ما كان يملكه ملكاً لها، بخلاف التوكيل فإنه جعلها نائبة عنه في إيقاعه (وحيل بينهما): أي الزوجين وجوباً في التمليك والتخيير كالتوكيل إن تعلق به حق لها فلا يقربها (ووقفت) المملكة أو المخيرة أو من تعلق لها حق، أي: أوقفها الحاكم أو من يقوم مقامه متى علم (حتى تجيب) بما يقتضي رداً أو أخذاً بما يأتي، وإلا لزم الاستمتاع بعصمة مشكوكة، بخلاف الموكلة فلا يحال بينهما لقدرة الزوج على عزلها، فلو استمتع بها لكان ذلك منه عزلاً لها ومحل الحيلولة والإيقاف وقت العلم إن لم يعلق التخيير أو التمليك على أمر، كقدوم زيد، فإن علقه فلا حيلولة حتى يحصل المعلق عليه، فإن أجابت بشيء عمل به.

(وإلا) تجب (أسقطه الحاكم) أو من يقوم مقامه، ولا يمهلها وإن رضي الزوج بالإمهال لحق الله تعالى لما فيه من البقاء على عصمة مشكوكة.

(وعمل بجوابها الصريح في اختيار الطلاق أو رده)، كأن تقول: طلقت نفسي، أو: أنا طالق منك، أو: بائن، أو حرام، أو اخترت نفسي، أو لست لك بزوجة أو نحو ذلك من الكنايات الظاهرة وكأن تقول في رد الطلاق: اخترتك زوجاً ورددت لك ما ملكتني، هذا إن ردت ما جعله لها من الطلاق بقول، بل (ولو) كان (بفعل كتمكينها) من نفسها (طائعة) لا مكرهة (عالمة) بالتمليك أو التخيير وإن لم يطأ بالفعل، لا إن كانت غير عالمة بما جعله لها وأما جهل الحكم بأن لم تعلم أن التمكين مسقط لحقها فلا ينفعها، ومثلها الأجنبي؛ فلو ملك أو خير أجنبياً فقال: شأنك بها،

ــ

كلام القرافي في استدراك على ما قبله.

قوله: [ووجوب الرجوع إلى اللغة]: أي إن لم يحدث عرف قولي وإلا عمل على العرف الحادث، لتقديم العرف القولي على اللغة، فلو كان عرفهم إن خيرتك كملكتك في كونه راجحاً في الثلاث لا صريحاً كان حكم الصيغتين واحداً في المناكرة، وإن بالعكس عمل به، فإن كان كل من الصيغتين مهجوراً غير مفهوم المعنى بينهم كان من الكنايات الخفية، وهو معنى قوله "ويكون كناية محضة" فتأمل.

قوله: [على أنه مفعول مطلق]: ويصح نصبه على الحال من "تفويض"، وأما قول الخرشي منصوب على التمييز المحول عن المفعول، كغرست الأرض شجراً ففيه أنه لم يفوض لها التوكيل، وإنما فوض لها الطلاق على سبيل التوكيل.

قوله: [كما لكل موكل عزل وكيله] إلخ: أي وإن لم يعلم الوكيل بذلك

قوله: [وحيل بينهما]: أي ولا نفقة للزوجة زمن الحيلولة، لأن المانع من قبلها، وإذا مات أحدهما زمن الحيلولة قبل الإجابة فإنهما يتوارثان.

قوله: [إن تعلق به حق لها]: أي كما إذا قال إن تزوجت عليك فأمرك أو أمر الداخلة بيدك توكيلاً وتزوج، فيحال بينه وبين المحلوف لها حتى تجيب.

قوله: [أي أوقفها الحاكم]: سواء لم يسم أجلاً، بل ولو سمى كما إذا قال لها: أمرك بيدك إلى سنة مثلاً، فلا بد من الإيقاف والحيلولة متى علم، وإلا لزم البقاء على عصمة مشكوك فيها كما قال الشارح

قوله: [وعمل بجوابها الصريح] إلخ: جوابها الصريح الذي يقتضي الطلاق هو صريح الطلاق أو كنايته الظاهرة، ومن ذلك قولها اخترت نفسي فإنه كناية ظاهرة هنا، وأما لو أجابت بالكناية الخفية فإنه يسقط ما بيدها، ولا يقبل منها أنها أرادت بذلك الطلاق كما نقله (ح) عن ابن يونس

قوله: [عالمة بالتمليك]: فإذا ادعت عدم العلم فالقول قولها بيمين، فإن علمت بالتخيير والتمليك وثبتت الخلوة بينهما بعد ذلك، وادعى أنه أصابها وأنكرت ذلك، فقال بعض القول قوله بيمين، واستظهر الأجهوري أن القول قولها وظاهره خلوة زيارة أو خلوة بناء مع أنه سيأتي في الرجعة أن المعتمد لا بد من إقرارهما معاً في خلوة الزيارة، وخلوة البناء، فإذا انتفى إقرارهما، أو ثبت إقرار أحدهما فلا تصح الرجعة فهذا مما يقوي كلام


[قال مُعِدُّ الكتاب للشاملة]
[١] قوله: (مستند الحكم) في ط المعارف: (مستنداً لحكم)، ولعلها الصواب.

<<  <  ج: ص:  >  >>