للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والثاني يلزم الطلاق بمجرد الإخبار على المشهور والاستثناء في كلامه منقطع إذ لم تدخل صورة من هاتين الصورتين في التمليك قبله، وتسميتهما رسالة اصطلاح فالمعنى على كلام الشيخ أن من ملك رجلين طلاق امرأته فليس لأحدهما القضاء به، بل لا بد من اجتماعهما، إلا أن يقول لهما [١]: أعلماها أو أخبراها بطلاقها، فيلزم بمجرد قوله لهما ذلك، ولا يتوقف على إخبارها، أو يقول: طلقاها ولا نية له، فكذلك على قول ابن القاسم في المدونة، وقيل: محمله عند عدم النية على التوكيل بمعنى أنه يتوقف على تبليغها ولو من واحد منهما، وله منعه، وهو قوله: في غيرها، وقيل: محمله التمليك فلا يقع إلا بهما معاً، فإن نوى به واحداً منهما عمل به، والله أعلم.

فصل في الرجعة

ولما كانت الرجعة من توابع الطلاق، ويتعلق بها أحكام بين حقيقتها وما يتعلق بها من الأحكام عقبه بقوله: (الرجعة) بفتح الراء وقد تكسر (عود الزوجة) أي إعادتها (المطلقة) طلاقاً (غير بائن) بخلع أو بت، أو بكونه قبل الدخول، فإن كان بائناً فلا رجعة (للعصمة) أي لعصمة زوجها (بلا تجديد عقد) بل بقول أو فعل أو نية كما يأتي.

والأصل فيها الجواز كما أشار له بقوله: (وللمكلف) أي: البالغ العاقل (ولو) كان (محرماً) بحج أو عمرة، (أو مريضاً أو) عبداً أو سفيهاً (لم يأذن له) في الرجعة (ولي) السيد في العبد أو الأب والوصي والحاكم في السفيه، (ارتجاعها) أي المطلقة غير البائن (في عدة نكاح صحيح) لا إن خرجت من العدة، ولا إن كانت العدة من نكاح فاسد يفسخ بعد الدخول، وسواء فسخ بعده أو طلق فلا رجعة كخامسة وجمع كأخت مع أختها، ولو ماتت الأولى أو طلقت لعدم صحة النكاح (حل وطؤه) احترز به عن صحيح وطئ فيه وطئاً حراماً، إما لعدم لزومه؛ كوطء عبد تزوج بغير إذن سيده؛ وإما لعروض حرمته كحائض ومحرمة بحج فلا تصح الرجعة في عدة من ذكر (بقول) متعلق "بارتجاعها": أي إما بقول ولو لم يطأ، صريح (كرجعت) لزوجتي، (وارتجعت) زوجتي، وحذف المعمول إشارة إلى أن المدار على نيته ذكره أو حذفه، ويكون مع النية رجعة ظاهراً وباطناً، بخلاف الهزل فإنه رجعة في الظاهر فقط كما يأتي، وكذا راجعتها ورددتها لعصمتي أو لنكاحي أو غير صريح كمسكتها (وأمسكتها) إذ يحتمل أمسكتها تعذيباً، (أو بفعل) كوطء ومقدماته (مع نية)،

ــ

لأصبغ قال أبو الحسن، ومذهب المدونة هو الصحيح للاحتياط في الفروج.

قوله: [والثاني يلزم] إلخ: أي من الأقوال الثلاثة المتقدمة.

قوله: [إذا لم تدخل صورة] إلخ: أما الصورة الأولى فظاهر، وأما الثالثة وهي طلقاها على مذهب المدونة الذي هو القول الأول.

قوله: [وتسميتها رسالة اصطلاح]: أما الصورة الأولى فالاصطلاح فيها موافق للغة والعرف العام، وأما الثانية فمجرد اصطلاح للفقهاء فقط.

قوله: [بمعنى أنه يتوقف] إلخ: أي فيحمل على التوكيل الذي جعل لكل منهما الاستقلال به احتياطاً في الفروج، وتوسطاً بين الرسالة والتمليك.

قوله: [فإن نوى به واحداً منهما]: أي الرسالة والتمليك أو التوكيل، وقوله "عمل به" أي عمل على مقتضاه.

فصل في الرجعة

لما أنهى الكلام على الطلاق وما يتعلق به، وقسمه إلى واقع من الزوج، ومن مفوض إليه ذكر ما قد يكون بعد ثبوته وهو الرجعة، وهو لغة المرة من الرجوع وشرعاً ما قاله المصنف.

قوله: [بين حقيقتها]: أي تعريفها.

قوله: [طلاقاً أي غير بائن]: يفهم منه أن عود البائن للعصمة لا يسمى رجعة وهو كذلك، بل يسمى مراجعة لتوقف ذلك على رضا الزوجين، لأن المفاعلة تقتضي الحصول من الجانبين، والمعتبر تحقق الطلاق في نفس الأمر لا في اعتقاد المرتجع، فمن ارتجع زوجته معتقداً أنه وقع عليه الطلاق لشكه هل طلق أم لا؟ فإن رجعته غير معتد بها، فإذا تبين له بعد الرجعة وقوع الطلاق فلا بد من رجعة غير التي وقعت منه، لأنها مستندة لاعتقاده أنه لزمه الطلاق بالشك وهو غير لازم له، وليست مستندة للطلاق الذي تبين أنه وقع منه، هكذا ينبغي كما في (شب) انتهى من الحاشية

قوله: [بخلع] إلخ: تفصيل للبائن، وقوله "للعصمة" متعلق بـ "عود" و "بلا تجديد عقد" حال من "عود".

قوله: [والأصل فيها الجواز]: المناسب الندب فإن أحكام النكاح تعتريها كما وجده البدر القرافي بخط بعض أقاربه استظهاراً كما في الأجهوري كذا في المجموع

قوله: [وللمكلف]: خبر مقدم وارتجاعها مبتدأ مؤخر وما بينهما اعتراض قصد به المبالغة والرد على المخالف. والمكلف من فيه أهلية الطلاق فيخرج الصبي والمجنون، ويدخل المحرم والمريض، فالمجنون يرتجع له وليه أو الحاكم، والصبي لا يتأتى فيه رجعة، لأن طلاق وليه عنه بعوض أو بدونه بائن، لأن وطأه كلا وطء.

قوله: [فلا تصح الرجعة في عدة من ذكر]: أي لأن المعدوم شرعاً كالمعدوم حساً قوله: [كما يأتي]: أي من أن الحاكم يلزمه بالنفقة وسائر الحقوق لا الباطن فلا يحل له الاستمتاع بها ولا معاشرتها معاشرة الأزواج فيما بينه وبين الله.

قوله: [ورددتها لعصمتي أو لنكاحي]: أي فلا يكون صريحاً إلا بذكر المتعلق الذي هو قوله لعصمتي أو لنكاحي، كما يشير له الشارح وإلا كان من المحتمل.


[قال مُعِدُّ الكتاب للشاملة]
[١] ليست في ط المعارف.

<<  <  ج: ص:  >  >>