بلا يمين ما أمكن) الانقضاء، كثلاثين يوماً: أي مدة الإمكان، ولو خالفت عادتها أو خالفها الزوج، وشمل كلامه انقضاءها بالأقراء أو الوضع فلا تصح رجعتها وقد حلت للأزواج، (و) صدقت (في أنها رأت أول الدم) من الحيضة الثالثة، (وانقطع) قبل استمراره المعتبر وهو يوم أو بعضه، فهي في عدتها لم تخرج، وقال ابن الحاجب: لا يفيدها ذلك ولا تصدق، وقد حلت للأزواج وتبعه الشيخ، قال ابن عرفة: المذهب كله على قبول قولها أي خلافاً لابن الحاجب، ثم اختلفوا بعد أن قالوا بتصديقها فيما لو راجعها بعد قولها: قد انقطع فعاودها الدم عن قرب قبل تمام طهر، حتى لفقت عادتها، هل هذه الرجعة فاسدة؟ لأنه قد تبين أنها حيضة ثالثة صحيحة وقعت فيها الرجعة فتكون باطلة وهو الصحيح أو ليست بفاسدة بل صحيحة؟ وعلى القول الصحيح حمل بعضهم كلام ابن الحاجب والشيخ، أي فقولهما لا يفيدها قولها قد انقطع أي في صحة الرجعة، أي إنا وإن صدقناها فراجعها فعاودها الدم حتى لفقت عادتها إلا أنه لا يفيد في صحة الرجعة، بل الرجعة فاسدة.
(ولا يلتفت لتكذيبها نفسها) حيث قالت: كذبت في قولي قد انقضت عدتي فلا تحل لمطلقها إلا بعقد جديد، ولا توارث بينهما (ولو صدقها النساء) في تكذيبها نفسها بأن قلن: نظرناها حين قالت قد انقضت العدة بنزول الحيض أو الوضع فلم نر بها أثر حيض ولا وضع، فلا يلتفت لذلك وقد بانت بقولها: قد انقضت حيث أمكن الانقضاء.
(و) الزوجة (الرجعية) أي المطلقة طلاقاً رجعياً (كالزوجة) التي في العصمة في لزوم النفقة والكسوة والسكنى ولحوق الطلاق والظهار، (إلا في الاستمتاع والخلوة) بها، (والأكل معها) بلا نية مراجعتها بذلك فلا يجوز، (ولو مات زوجها) المطلق لها (بعد سنة) من يوم طلاقها (فقالت: لم تنقض)، فأنا أرث (وهي غير مرضع، و) غير (مريضة، لم تصدق) فلا إرث لها منه (إلا إذا كانت تظهره) أي تظهر عدم انقضائها قبل موته فتصدق وترث بيمين إن ظهر للناس لضعف التهمة حينئذ، (وإلا) بأن كانت مرضعاً أو مريضة (صدقت) لأن شأن المرضع والمريضة عدم الحيض،
ــ
وجوبه لها بالتمليك فتأمل.
قوله: [بلا يمين]: وقيل بيمين.
قوله: [انقضاءها بالأقراء]: أي فإن شهدت لها النساء أنها تحيض لمثل هذا فإنها تصدق، ووجه تصديقها في كالشهر جواز أن يطلقها أول ليلة من الشهر وهي طاهر فيأتيها الحيض وينقطع قبل الفجر، ثم يأتيها ليلة السادس عشر وينقطع قبل الفجر أيضاً، ثم يأتيها آخر يوم من الشهر بعد الغروب، لأن العبرة بالطهر في الأيام. ولك أن تلغز فتقول: ما امرأة مدخول بها غير حامل طلقت أول ليلة من رمضان، فحلت للأزواج من أول يوم من شوال ولم يفتها صوم ولا صلاة منه وقد تقدم التنبيه على هذا اللغز في باب الحيض.
قوله: [ثم اختلفوا] إلخ: ونص أبي الحسن عياض واختلفوا إذا راجعها عند انقطاع هذا الدم وعدم تماديه، ثم رجع هذا الدم بقرب هل هي رجعة فاسدة لأنه قد استبان أنها حيضة ثالثة صحيحة وقعت الرجعة فيها فتبطل وهو الصحيح وقيل لا تبطل رجع الدم عن قرب أو بعد اهـ، ثم ذكر أبو الحسن عن عبد الحق في النكت أنه حكى القولين، وقال بعدهما والقول الأول يعني التفصيل عندي أصوب اهـ، والقرب أن لا يكون بين الدمين طهر تام فتأمل.
قوله: [ولا يلتفت لتكذيبها نفسها]: الفرق بين هذه المسألة والتي قبلها حيث قلتم المذهب قبول قبولها في المسألة المتقدمة دون هذه أنها في هذه صرحت بتكذيب نفسها ولم تستند لما تعذر به بخلاف التي قبلها.
قوله: [بذلك]: اسم الإشارة عائد على ما ذكر من الأمور الثلاثة، أي فإن نوى رجعتها بأحد هذه الأمور صحت قوله: [بعد سنة] إلخ: حاصل المسألة أنه إذا طلقها طلاقاً رجعياً ثم مات بعد سنة أو أكثر من يوم الطلاق، فقالت: لم أحض من يوم الطلاق إلى الآن أصلاً، أو لم أحض إلا واحدة أو اثنتين، ولم أدخل في الثالثة فلا يخلو حالها من أمرين: تارة يظهر في حال حياة مطلقها احتباس دمها للناس، ويتكرر قولها للناس، وفي هذه الحالة يقبل قولها بيمين وترث لضعف التهمة حينئذ، وتارة لم تكن تظهره في حال حياة مطلقها فلا يقبل قولها، ولا ترث لدعواها أمراً نادراً، والتهمة حينئذ قوية، وما ذكره شارحنا من التفصيل بين من تظهره والتي لم تكن تظهره هو قول الموازية، وقال في سماع عيسى إنها تصدق بيمين مطلقاً كانت تظهره أم لا، وهذا الخلاف حكاه ابن رشد فيما إذا ادعت ذلك بعد السنة أو بقرب انسلاخها، وأما لو ادعت ذلك بعد أكثر من العام أو العامين لا ينبغي أنها تصدق إلا أن تكون تظهر ذلك في حياته قولاً واحداً.
قوله: [صدقت]: أي بغير يمين.
قوله: [لأن شأن المرضع والمريضة] إلخ: حاصله أنه إذا كانت المرأة مريضة أو مرضعة في كل المدة التي بين الموت والطلاق فإنها تصدق في دعواها في هذه الحالة عدم انقضاء هذه العدة بغير يمين، ولو كانت المدة أكثر من سنة، فإن كانت مريضة أو مرضعة بعد تلك المدة وادعت عدم الانقضاء بعد الفطام أو بعد زوال المرض، ففي المواق عن ابن رشد أن حكم المرضع