للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(إن استلحق الولد) الذي لاعن فيه لتبين قذفه إياها، (إلا أن يثبت) ببينة أو إقرارها (زناها، ولو) زنت (بعد اللعان) لأنه قد تبين أنه قذف غير عفيفة فلا حد عليه، (أو سمى الزاني بها).

فإنه يحد لقذفه إلا أن يثبت زناه ولو بغيرها فلا يحد لأنه قذف غير عفيف (وشرطه) أي اللعان (التعجيل) أي تعجيله بعد علمه (في الحمل أو الولد و) شرطه (عدم الوطء) لها (مطلقاً) في الحمل والولد والرؤية، (فإن وطئ) المرأة الملاعنة (بعد علمه بحمل) من غيره (أو وضع أو رؤية) لها تزني، (أو أخر) لعانها ولو يوماً (بلا عذر بعد علمه بالأولين) أي الحمل أو الوضع، (امتنع) لعانه لها ولا يمكن منه، فالمانع في الرؤية الوطء فقط لا التأخير.

(و) شرطه (أشهد، في الأربع) مرات منه أو منها (واللعن منه) في الخامسة (والغضب منها في الخامسة و) شرطه (بدؤه) بالحلف (عليها) فإن بدأت به أعادت بعده كما يأتي، ولا يكفي ما وقع منها ابتداء على المشهور خلافاً لما نقل عن ابن القاسم، وقول الشيخ وفي إعادتها إن بدأت خلاف معترض، بأن قول ابن القاسم لم يرجحه أحد.

ثم بين كيفية ذلك بقوله: (فيقول) الزوج: (أشهد) بفتح الهمزة (بالله) ولا يشترط زيادة "الذي لا إله إلا هو" (لزنت) في الرؤية ونفي الحمل (أربعاً) من المرات. هذا هو المشهور وهو مذهب المدونة، وقال ابن المواز: يقول في رؤيتها الزنا: لرأيتها تزني، وفي نفي الحمل: ما هذا الحمل مني، وهو أوجه، ولذا مشى عليه الشيخ (وخمس بلعنة الله عليه إن كان من الكاذبين) عليها (أو إن كنت كذبتها) أي كذبت عليها (فتقول) بعده: (أشهد بالله ما زنيت،

ــ

واحد، خلافاً لمن يتوهم اختلاف المجريين.

قوله: [إن استلحق الولد الذي لاعن فيه]: وسواء لاعن لنفيه فقط، أو لنفيه مع الرؤية، وأما إذا لاعن للرؤية فقط، ثم استلحق ما ولدته لستة أشهر من يوم الرؤية فلا حد عليه، وقال ابن المواز يحد وهو ظاهر المدونة وعليه اقتصر المواق كذا في (بن) نقله محشي الأصل، فلو تعدد الولد المنفي باللعان واستلحق واحداً بعد واحد فإنه يحد للجميع حداً واحداً إلا أن يستلحق الثاني بعدما حد للأول، فيتعدد فيما يظهر كذا في الحاشية.

قوله: [أو سمى الزاني بها]: عورض هذا بحديث البخاري وغيره عن ابن عباس: «أن هلال بن أمية قذف امرأته عند رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بشريك بن سحماء» فسمى الزاني بها، ولم ينقل أن هلالاً حد من أجله؛ وأجاب الداودي بأن مالكاً لم يبلغه هذا الحديث، وأجاب بعض المالكية بأن المقذوف لم يطلب حقه، وذكر عياض أن بعض الأصحاب اعتذر عنه بأن شريكاً كان يهودياً، قال ابن حجر اهـ (بن). نقله محشي الأصل.

قوله: [فإنه يحد لقذفه]: أي بعد إعلام المقذوف بأن فلاناً قذفه بامرأته لأنه قد يعترف أو يعفو لإرادة الستر ولو بلغ الإمام.

تنبيهان:

الأول: إن كرر بعد اللعان قذفها بما رماها به أولاً، فلا يحد بخلاف ما إذا قذفها بأمر آخر أو بما هو أعلم فإنه يحد.

الثاني: حيث استلحق الأب الولد بعد الموت فإن المستلحق يرثه إن كان لذلك ولد حر مسلم ولو بنتاً، أو لم يكن وقل المال الذي يحوزه المستلحق، قال خليل في توضيحه: والذي ينبغي أن تتبع التهمة فقد يكون السدس كثيراً فينبغي أن لا يرث، ولو كان للميت ولد، وقد يكون المال كله يسيراً فينبغي أن يرث وإن لم يكن له ولد، ومفهوم قولنا: " بعد الموت " أنه لو استلحقه حياً ثم مات ذلك الولد، فإن الأب يرثه من غير شرط وهذا التفصيل إنما هو في الميراث، وأما النسب فثابت باعترافه مطلقاً وسيأتي ذلك في باب الاستلحاق

قوله: [بعد علمه في الحمل أو الولد]: أي فيجعل اللعان لنفي الحمل والولد ولا يتقيد بزمان ولا فرق بين كون المرأة في العصمة أو مطلقة كان الطلاق بائناً أو رجعياً خرجت من العدة أم لا، كانت حية أو ميتة، بخلاف اللعان للرؤية فإن شرطه أن تكون في العصمة أو في العدة، فمتى رماها وهي في العصمة أو في العدة لاعن، ولو انقضت العدة فإن ادعى بعد العدة أنه رأى فيها أو قبلها أو بعدها فلا لعان.

قوله: [امتنع لعانه لها]: أي ولحق به الولد وبقيت زوجة، سواء كانت مسلمة أو كتابية، ويحد للمسلمة وليس من العذر تأخيره لاحتمال كونه ريحاً فينفش خلافاً لابن القصار.

قوله: [وشرطه أشهد في الأربع]: أي بأن يقول في كل مرة أشهد بالله لرأيتها تزني إلخ.

قوله: [بأن قول ابن القاسم] إلخ: تصوير للاعتراض أي مع أن الشيخ خليلاً قال: وحيث قلت خلاف فذلك للاختلاف في التشهير.

قوله: [ولا يشترط زيادة الذي لا إله إلا هو]: أي على الراجح خلافاً لابن المواز القائل بأنه يزيدها، وعلى الأول يستثنى اللعان مما يأتي في الشهادات من أن اليمين في كل حق بالله الذي لا إله إلا هو، ولا يشترط أيضاً زيادة البصير في لعانه للرؤية أن يقول كالمرود في المكحلة خلافاً لمن قال بزيادة ذلك، وفي لزوم زيادة وإني لمن الصادقين وعدم لزومها قولان، والصواب اللزوم لوروده في القرآن.

قوله: [يقول في رؤيتها الزنا لرأيتها تزني]: أي إذا كان بصيراً، وأما الأعمى فيقول لعلمتها أو تيقنتها.

قوله: [وهو أوجه]: وجه ذلك أنه لا يلزم من نفي الحمل كونها زنت، لأن الحمل قد يأتي من وطء شبهة إلا أن يتسمح، ويراد بالزنا إصابة

<<  <  ج: ص:  >  >>