أو ما رآني) أزني، (وتخمس بغضب الله عليها) أي تقول في الخامسة: غضب الله أو أن غضب الله عليها (إن كان من الصادقين) فيما رماني به، (وأعادت) الزوجة يمينها (بعده) أي بعد حلف زوجها (إن ابتدأت) باليمين قبله، قاله أشهب، وهو الراجح، وقال ابن القاسم يكفي والمعتمد الأول (وأشار الأخرس) منهما باليمين وتكفيه الإشارة (أو كتب) إن كان يعرف الكتابة (و) شرطه (حضور جماعة) للعان (أقلها أربعة) من العدول.
(وندب) إيقاعه (إثر صلاة) لما فيه من الردع والرهبة.
(و) ندب (بعد) صلاة (العصر): لأنها الصلاة الوسطى على ما رجح.
(و) ندب (تخويفهما) بالوعظ بأن يقال لهما: إن الإقدام على الحلف بالله كاذباً فيه الوبال الأخروي والدنيوي، والاعتراف بالحق فيه النجاة وإن لزمه الحد، لأنه يكون كفارة له ونحو ذلك، (وخصوصاً) يندب التخويف (عند الخامسة و) ندب (القول) لهما عندها (بأنها الموجبة للعذاب) بنزول اللعنة أو الغضب على الكاذب.
(والمسلم) يلاعن وجوباً (بالمسجد) لأنه أشرف الأماكن فيغلظ فيه به، (والذمية) تلاعن زوجها المسلم (بالكنيسة) أراد بها ما يشمل بيعة اليهود، (فإن نكلت أدبت) ولم تحد، (وردت) بعد تأديبها (لأهل دينها) ليفعلوا بها ما يرونه عندهم، وشبه في التأديب قوله: (كقوله) أي الزوج (وجدتها) أي الزوجة (مع رجل في لحاف) أو متجردين، فإنه يؤدب ولو قاله لأجنبية لحد.
(وإن رماها) أي رمى الزوج زوجته (بغصب) بأن قال لها: غصبت على الزنا، (أو شبهة) بأن قال: وطئها فلان أو رجل ظنته إياي، وأنكرت أو صدقته (فإن ثبت) ببينة (أو ظهر) للناس (التعن) الزوج فقط دونها، ولا يفرق بينهما، وفائدة لعانه نفي الولد عنه (كصغيرة توطأ): أي يمكن وطؤها إذا رماها زوجها برؤية الزنا بها فإنه يلتعن فقط، (ولا تفريق) بينهما لأن التفريق إنما هو بلعانهما معاً (فإن أبى) في المسائل الثلاث من اللعان (لم يحد) للقذف لفقد التكليف في الأخيرة وحقيقة الزنا في الأولين.
(وإلا) بأن لم يثبت ما رماها به من الغصب أو الشبهة، ولم يظهر ذلك للناس التعنا معاً وفرق بينهما
ــ
الغير لها.
قوله: [أو ما رآني] إلخ: التفت لطريقة ابن المواز.
قوله: [أي تقول في الخامسة غضب الله عليها]: يصح قراءته بالفعل الماضي أو بصيغة المصدر، وإنما تعين اللعن في خامسة الرجل والغضب في خامسة المرأة، لأن الرجل مبعد لأهله وهي الزوجة ولولده الذي نفاه باللعان فناسبه التعبير باللعنة، لأن اللعن معناه البعد، والمرأة مغضبة لزوجها ولأهلها ولربها فناسبها التعبير بالغضب.
قوله: [وأشار الأخرس]: أي وكرر الإشارة أربعاً ويخمس باللعنة.
قوله: [باليمين]: أي الحلف فالباء بمعنى اللام.
قوله: [أو كتب]: أي ويكرر الكتابة أربعاً ويخمس باللعنة.
قوله: [وشرطه حضور جماعة]: أي لأن اللعان شعيرة من شعائر الإسلام وخصلة من خصاله ومن خصوصياته، فكان أقل ما تظهر به تلك الشعيرة أربعة عدول، إلا أن حضور الجماعة المذكورة لاحتمال نكوله أو إقرارها، لأن النكول والإقرار يثبت بشهادة اثنين على ما رجحه اللقاني، خلافاً لمن قال إنهما لا يثبتان إلا بأربعة كذا في الحاشية
قوله: [لأنها الصلاة الوسطى]: فإن قلت: هذا الترجيح موجود في صلاة الصبح، بل المعتمد عند مالك أنها الصبح. أجيب بأن صلاة الصبح وقت نوم وليس وقت تصرف ولا اجتماع وإن كان فضلها عظيماً.
قوله: [وندب تخويفهما]: أي قبل الشروع في اللعان عند الأولى وعند الشروع في الثانية والثالثة والرابعة، وخصوصاً عند الخامسة، كما قال ابن الحاجب وتبعه خليل والمصنف، وقال ابن عرفة لا أعرف كونه عند الخامسة وعزاه عياض للشافعي كذا في الحاشية
قوله: [بنزول اللعنة أو الغضب على الكاذب]: أي فتكون خامسة الرجل موجبة للعذاب عليه إن كان كاذباً، وعليها إن كانت كاذبة، وخامسة المرأة كذلك، والمراد بالعذاب كما قال الخرشي: الرجم أو الجلد على المرأة إن لم تحلف، وعلى الرجل إن لم يحلف اهـ. ولكن الأولى أن يراد بالعذاب عذاب الآخرة لا عذاب الدنيا أو ما هو أعم.
قوله: [بالمسجد]: أي الجامع ولا يعتبر رضاهما أو أحدهما بدونه وهو واجب شرطاً.
قوله: [لأنه أشرف الأماكن]: وأصل اللعان أن يكون في أشرف الأماكن ولو بحسب زعم الحالف فلذلك تلاعن الذمية في كنيستها
قوله: [والذمية تلاعن زوجها المسلم] إلخ: وهل تجبر على الكنيسة كما يجبر المسلم على المسجد أو لا تجبر؟ خلاف.
قوله: [أدبت ولم تحد]: أي لأن الحدود شروطها إسلام المحدود.
قوله: [كقوله أي الزوج] إلخ: أي فيؤدب لذلك ولا حد عليه ولا يلاعن.
قوله: [ولو قاله لأجنبية] إلخ: قال ابن المنير: الفرق بين الزوج والأجنبي، أن الأجنبي يقصد الإذاية المحضة، والزوج قد يعذر به بالنسبة إلى صيانة النسب. وعلى ما ذكر من حد الأجنبي دون الزوج يلغز ويقال: قذف الأجنبية لا يحد فيه الزوج ولا لعان عليه، مع أن القاعدة أن كل قذف لأجنبية لو قذف به الزوج زوجته فيه الحد إن لم يلاعن؟ وجوابه أن القاعدة غير مطردة
قوله: [كصغيرة توطأ]: احترز بقوله "توطأ" عما إذا كانت لا توطأ، فإن زوجها لا حد عليه ولا لعان لعدم لحوق المعرة.
قوله: [لفقد التكليف في الأخيرة]: أي والزنا الموجب للحدود لا يكون إلا من مكلف والموضوع أنها صبية هذا مقتضى كلامه، والذي قاله الخرشي: أن الصغيرة التي توطأ يلاعن فيها لنفي الحد عن نفسه فمقتضاه أنه إذا