للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

أشار لذلك بقوله:

(وتعتد زوجة المفقود) حرة أو أمة صغيرة أو كبيرة (في أرض الإسلام)، متعلق بالمفقود (عدة وفاة) على ما تقدم، ابتداؤها بعد الأجل الآتي بيانه (إن رفعت أمرها للحاكم) إن كان ثم حاكم شرعي، (أو لجماعة المسلمين عند عدمه) ولو حكماً كما في زمننا بمصر؛ إذ لا حاكم فيها شرعي ويكفي الواحد من جماعة المسلمين إن كان عدلاً عارفاً شأنه أن يرجع إليه في مهمات الأمور بين الناس، لا مطلق واحد وهو محمل كلام العلامة الأجهوري وهو ظاهر لا خفاء به، والاعتراض عليه تعسف.

(ودامت نفقتها): من ماله بأن ترك لها ما تنفق على نفسها منه، وإلا فلها التطليق عليه لعدم النفقة بشرطه المعلوم في محله.

وفائدة الرفع للحاكم الكشف عن حال زوجها بالسؤال والإرسال للبلاد التي يظن بها ذهابه إليها للتفتيش عنه إن أمكن الإرسال، والأجرة عليها.

(فيؤجل الحر أربعة أعوام، والعبد نصفها) عامين لعله أن يظهر خبره (بعد العجز عن خبره): بالبحث عنه في الأماكن التي يظن ذهابه إليها.

فإذا تم الأجل دخلت في عدة وفاة ولا تحتاج إلى نية دخول فيها، ولها الرجوع إلى التمسك بزوجها قبل الشروع فيها لفرض حياته عندها.

(وليس لها بعد الشروع فيها) أي العدة (الرجوع) إلى عصمة زوجها، والبقاء عليها لفرض موته عندها بالشروع فيها، وهو قول أبي عمران ورجح، وقال أبو بكر بن عبد الرحمن: لها ما لم تخرج من العدة، فلو خرجت منها فليس لها الرجوع اتفاقاً.

(ولا نفقة) لها في عدتها، بل تسقط عن زوجها لفرضها موته بشروعها فيها، (وقدر به): أي بالشروع في العدة (طلاق) من المفقود عليها يفيتها عليه، (يتحقق) وقوعه (بدخول) الزوج (الثاني) عليها وعليه (فتحل للأول) إن جاء (بعصمة جديدة بعد الثاني) بأن طلقها أو مات عنها (إن كان) الأول - أي المفقود - (طلقها اثنتين) قبل دخول الثاني بها: أي وإن وطئها الثاني وطئاً يحل المبتوتة فـ (إن جاء) المفقود بعد عقد الثاني عليها (أو تبين حياته أو موته؛

ــ

زمن الطاعون بعد ذهابه وأما الثالث: فهو الآتي في قوله: " واعتدت في مفقود المعترك بين المسلمين من يوم التقاء الصفين وأما الرابع: فهو الآتي في قوله: " ومفقود أرض الشرك فإنها تمكث لمدة التعمير " إلخ، وأما الخامس: فهو الآتي في قوله: " وفي الفقد بين المسلمين والكفار بعد سنة بعد النظر ".

قوله: [أشار لذلك]: أي شرع يفصل تلك الأقسام الخمسة وإن لم يصرح بمفقود أرض الشرك في الدخول، لكنه فصل الجميع بأوضح عبارة.

قوله: [وتعتد زوجة المفقود] إلخ: أي إن كان فقده في غير زمن الوباء.

قوله: [صغيرة أو كبيرة]: أي مسلمة أو كتابية.

قوله: [إن كان ثم حاكم شرعي]: أي حاكم سياسة سواء كان والياً أو غيره.

قوله: [أو لجماعة المسلمين]: هكذا عبارة الأئمة، وعبر عنه بعضهم بقوله فلصالحي جيرانها.

قوله: [والاعتراض عليها تعسف]: أي اعترض [١] الشيخ أبو علي المسناوي قائلاً لم أر من ذكره ولا أظنه يصح.

قوله: [ودامت نفقتها]: أي ولم تخش العنت وإلا فتطلق عليه للضرر فهي أولى من معدومة النفقة كذا قال الأشياخ.

قوله: [فيؤجل الحر أربعة أعوام]: أي سواء كانت الزوجة مدخولاً بها أم لا، دعته قبل غيبته للدخول أم لا. والحق أن تأجيل الحر بأربعة أعوام والعبد نصفها تعبدي أجمع الصحابة عليه. وحيث ضرب الأجل المذكور لواحدة من نساء المفقود قامت دون غيرها سرى الضرب لبقيتهن وإن امتنعت الباقيات من كون الضرب لمن قامت ضرباً لهن وطلبن ضرب أجل آخر فلا يجبن لذلك، بل يكفي أجل الأولى ما لم يخترن المقام معه، فإن اخترنه فلهن ذلك وتستمر لهن النفقة.

قوله: [بعد العجز عن خبره بالبحث عنه]: من هنا نقل المشذالي عن السيوري أن المفقود اليوم ينتظر مدة التعمير لعدم من يبحث عنه الآن، وأقره تلميذه عبد الحميد كما في البدر القرافي. ولكن محل هذا كله عند دوام النفقة وعدم خوف العنت كما علمت، ودين الله يسر ولا ضرر ولا ضرار.

قوله: [دخلت في عدة وفاة]: أي وعليها الإحداد عن ابن القاسم خلافاً لعبد الملك.

واعلم أنه بمجرد انقضاء العدة المذكورة تحل للأزواج، ولا يأتي هنا قوله سابقا "إن تمت قبل زمن حيضتها، وقال النساء لا ريبة بها ولا انتظرتها أو تمام تسعة أشهر"، وذلك لانقضاء أمد الحمل من حين التأجيل كذا في (عب).

قوله: [وقدر به] إلخ: أي فيقدر وفاته فتعتد عدة وفاة، وتأخذ جميع المهر وإن لم يكن قد دخل بها وهذا قول مالك وبه القضاء، وروى عيسى عن ابن القاسم: أنه لا يكمل لها المهر بل لها نصفه إلا إذا مضت مدة التعمير أو ثبت موته، وعلى الأول إذا كان الصداق مؤجلاً فهل يعجل جميعه، وهو قول سحنون، أو يبقى على تأجيله وهو قول مالك، وهو الراجح. وإنما لم يكن الأول أرجح مع حلول ما أجل بالموت لأن هذا تمويت لا موت حقيقة، وثمرة تقدير طلاقه أشار له المصنف بقوله "فتحل للأول" إلخ.

فالحاصل أنه يقدر وفاته لأجل أن تعتد عدة وفاة، ويكمل لها الصداق ولا نفقة لها في العدة، ويقدر طلاق لأجل أن تفوت على الأول بدخول الثاني، ولحليتها للأول إذا كان طلقها طلقتين


[قال مُعِدُّ الكتاب للشاملة]
[١] كذا في ط الحلبية، ولعل الصواب: (اعتراض).

<<  <  ج: ص:  >  >>