أي أمره الحاكم (بها): أي بالنفقة (أو بالطلاق بلا تلوم) بأن يقول له: إما أن تنفق وإما أن تطلقها، (فإن طلق أو أنفق) فالأمر ظاهر، (وإلا طلق عليه) بأن يقول الحاكم: فسخت نكاحه، أو: طلقتك منه أو يأمرها بذلك ثم يحكم به؛ (وإن) كان الزوج (غائباً) ولم يترك لها شيئاً ولا وكل وكيلاً بها. ولا أسقطت عنه النفقة حال غيبته، وتحلف على ذلك. وهذا إن كانت غيبته بعيدة كعشرة أيام، وأما قريب الغيبة فيرسل له: إما أن يأتي أو يرسل النفقة أو يطلق عليه، (كأن وجد ما يسد الرمق): أي ما يحفظ الحياة خاصة دون شبع معتاد ومتوسط، فإنه يطلق عليه إذ لا صبر لها عادة على ذلك.
(لا) يطلق عليه (إن قدر على القوت) ولو من خشن المأكول، وهي علية القدر أو خبز بغير أدم، (و) على (ما يواري العورة) ولو من غليظ الصوف (وإن) كانت (غنية) شأنها لبس الحرير. وما مر من أنه يراعي وسعه وحالها فهو من متعلقات اليسر والقدرة؛ وما هنا من فروع العجز فالمعنى أنه إن عجز عن النفقة التي تليق بها بالمرة: بأن لم يقدر على شيء أو قدر على ما يسد الرمق فلها التطليق عليه، وإن قدر على مطلق قوت وما يواري العورة لم يطلق عليه. (وله) أي للزوج الذي طلق عليه لعسره (رجعتها إن وجد في العدة يساراً يقوم بواجب مثلها عادة) لا دونه فلا رجعة له، بل لا تصح.
(ولها حينئذ): أي حين إذ حصل يسر في عدتها (النفقة فيها): أي في العدة؛ لأن الرجعية لها النفقة دون البائن (وإن لم يرتجع ولها): أي للزوجة (مطالبته) أي مطالبة زوجها لا بقيد المعسر (عند سفره بمستقبلة) مدة غيابه عنها، (أو يقيم لها كفيلاً) يدفعها لها. (وإلا) بأن أبى من ذلك (طلق عليه) إن شاءت.
(وفرضت) النفقة للزوجة (في مال الغائب) ولو وديعة عند غيره، (و) في (دينه الثابت) على مدينه (وبيعت داره) في نفقتها (بعد حلفها باستحقاقها) للنفقة على زوجها الغائب، وأنه لم يوكل لها وكيلاً في دفعها لها، وأنها لم تسقطها عنه. والظرف متعلق بقوله: "وفرضت" إلخ.
(وإن تنازعا): أي الزوجان بعد قدومه من سفره (في إرسالها) فقال: أرسلت لك النفقة، وقالت: لم ترسلها (أو تركها) بأن قال: تركتها لك قبل سفري، وقالت: لا (فالقول لها) بيمين (إن رفعت لحاكم من يوم الرفع) متعلق بقوله: "فالقول لها" (لا) إن رفعت (لغيره) أي لغير الحاكم من عدول وجيران فليس القول قولها (إن وجد) حاكم (وإلا) ترفع
ــ
أو إن أثبت عسره تلوم له على المعتمد ثم طلق عليه.
قوله: [أي أمره الحاكم بها] فإن لم يكن حاكم فجماعة المسلمين العدول يقومون مقامه في ذلك، وفي كل أمر يتعذر فيه الوصول إلى الحاكم العدل والواحد منهم كاف كما قاله في الحاشية تبعاً لـ (عب)، وتقدم ذلك عن المؤلف في أول باب المفقود.
قوله: [وإن كان الزوج غائباً] اعلم أن الغائب يطلق عليه للعسر بالنفقة دخل بها أو لم يدخل دعي للدخول أم لا على المعتمد خلافاً لما في بهرام حيث قال: لا بد من دخوله أو دعوته، فظهر لك أن الدخول أو الدعوة إنما تشترط في إيجاب النفقة على الزوج إذا كان حاضراً لا غائباً كما في (ح) خلافاً لبهرام.
قوله: [أو يطلق عليه]: أي إن لم يطلق هو بنفسه.
قوله: [رجعتها إن وجد في العدة يساراً] أي لما تقرر أن كل طلاق أوقعه الحاكم يكون بائناً إلا طلاق المولى والمعسر بالنفقة.
قوله: [يقوم بواجب مثلها] أي فيعتبر فيها ما يعتبر في ابتداء النكاح، فإذا كانت غنية شأنها أكل الضأن فلا تصح الرجعة إلا إذا قدر على ذلك، فإذا قدر على خشن الطعام فقط فلا تصح الرجعة، ولو رضيت على المعتمد وقيل تصح إن رضيت، وإنما اعتبر في الرجعة اليسار الكامل مع أنها لا تطلق عليه إذا وجد ما تيسر من خشن القوت، لأن أبغض الحلال إلى الله الطلاق فلا يقدم عليه إلا بالضيق الشديد، بخلاف لو صارت أجنبية فلا ترد إلا باليسار المناسب. قوله: [بل لا تصح] أي ولو رضيت كما في السليمانية عن سحنون؛ لأن الطلقة التي أوقعها الحاكم إنما كانت لأجل ضرر فقره فلا يمكن من الرجعة إلا إذا زال الموجب والحكم يدور مع العلة.
قوله: [وإن لم ترتجع] أي على المشهور، ومقابله ما رواه ابن حبيب عن مطرف وابن الماجشون أنه لا نفقة لها حتى ترتجع.
قوله: [وفرضت النفقة للزوجة في مال الغائب] أي يفرضها الحاكم إذا رفعت له أمرها أو جماعة المسلمين إن لم يكن حاكم.
قوله: [والظروف متعلق بقوله وفرضت] إلخ: أي إنما يفرض لها في ماله ودينه الثابت، ويبيع داره بعد حلفها، ومثل الزوجة في فرض نفقتها الأولاد والأبوان فتفرض نفقتهم في هذه الأشياء كما تفرض للزوجة بشروطها.
قوله: [وإن تنازعا] إلخ: حاصله أن الزوج إذا قدم من السفر فطالبته زوجته بنفقتها مدة غيبته فقال: أرسلتها لك أو تركتها لك عند سفري فلم تصدقه على ذلك، ولا بينة له فالقول قولها بيمين إن رفعت أمرها للحاكم في شأن ذلك، وأذن لها في الإنفاق على نفسها والرجوع لها