للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فصل [١]:

(حرم) كتاباً وسنة وإجماعاً (في عين وطعام: ربا فضل): أي زيادة ولو مناجزة. (إن اتحد الجنس) فيهما: فلا يجوز درهم بدرهمين ولا دينار بدينارين ولا صاع قمح مثلاً بصاعين ولو يداً بيد.

(والطعام ربوي) الواو للحال والحال أن الطعام ربوي وسيأتي بيان الربوي والأجناس؛ فإذا اختلف الجنس أو كان الطعام غير ربوي جازت المفاضلة إن كانت يداً بيد كدينار بقنطار من فضة وإردب قمح بإرادب من فول مثلاً مناجزة.

(و) حرم فيهما (ربا نساء) بفتح النون أي تأخير (مطلقاً) اتحد الجنس أو اختلف، كان الطعام ربوياً أم لا. فلا يجوز دفع دينار في مثله أو في دراهم لوقت كذا ولا طعام ربوي أو غيره في طعام آخر لوقت كذا كما سيأتي تفصيله. ويستثنى من ذلك القرض. إذا علمت ذلك: (فيجوز صرف ذهب بفضة) قلت عن صرف الوقت أو كثرت عند الرضا بذلك (مناجزة): أي يداً بيد لاختلاف الجنس. (لا) يجوز (ذهب وفضة) من جانب بمثلهما من الجانب الآخر ولو تساويا؛ كدينار ودرهم بدينار ودرهم (أو أحدهما وعرض) من جانب -كدينار وثوب بمثلهما أو درهم وشاة (بمثلهما).

اعلم أن قاعدة المذهب سد الذرائع؛ فالفضل المتوهم كالمحقق؛ فتوهم الربا كتحققه. فلا يجوز أن يكون مع أحد النقدين أو مع كل واحد منهما غير نوعه أو سلعة؛ لأن ذلك يوهم القصد إلى التفاضل كما قاله ابن شاس. إذ ربما كان أحد الثوبين أقل قيمة من الدينار الآخر أو أكثر فتأتي المفاضلة.

(و) لا يجوز صرف (مؤخر) لما فيه من ربا النساء (ولو) كان التأخير (غلبة): كأن يحول بينهما عدو أو سيل أو نار أو نحو ذلك. (أو قرب) التأخير (مع فرقة) في المجلس قبل القبض لقول سند: إذا تصارفا في مجلس وتقابضا في مجلس آخر فالمشهور المنع على الإطلاق. وقيل: يجوز فيما قرب اهـ.

وأما دخول الصيرفي حانوته ليخرج منه الدراهم أو مشى قدر حانوت أو حانوتين لتقليب الدراهم فقيل بالكراهة وقيل بالجواز.

(أو عقد ووكل) غيره (في القبض) فيمنع (إلا بحضرة موكله أو غاب نقد أحدهما وطال) بلا تفرق في المجلس

ــ

والواصف له غير بائعه وأن لا يبعد جداً. وإن كان غير عقار فيجوز بأربعة شروط: أن تقرب غيبته كيومين، والبيع على اللزوم، والواصف له غير البائع، وليس فيه حق توفية. فإن تخلف شرط منها منع شرط النقد.

فصل: حرم كتاباً وسنة

لما أنهى الكلام على ما هو مقصود بالذات من أركان البيع وشروطه وموانعه العامة شرع في الكلام على موانع مختصة ببعض أنواعه. وكتاباً وما بعده منصوب بنزع الخافض فتحريم الكتاب هو قوله تعالى: {وأحل الله البيع وحرم الربا} [البقرة: ٢٧٥] والسنة قال - صلى الله عليه وسلم -: «لعن الله آكل الربا وموكله وكاتبه وشاهده وقال: هم سواء» وأما الإجماع: فقد أجمعت الأمة على حرمته، وصح رجوع ابن عباس عن إباحة ربا الفضل لعموم التحريم.

قوله: [أي زيادة]: اعترض بأنه يشمل الزيادة في الصفة مع أن الحرمة خاصة بالزيادة في العدد أو الوزن. وأجيب: بأن قوله الآتي عاطفاً على ما يجوز وقضاء قرض بمساو وأفضل صفة قصر له على الزيادة في العدد أو الوزن دون الصفة فإجماله هنا اتكال على ما يأتي.

قوله: [ولو مناجزة]: أي يداً بيد.

قوله: [إن اتحد الجنس] إلخ: أي لقول العلامة الأجهوري:

ربا نسا في النقد حرم ومثله ... طعام وإن جنساهما قد تعددا

وخص ربا فضل بنقد ومثله ... طعام ربا إن جنس كل توحدا

قوله: [بفتح النون]: أي مهموزاً مع المد وعدمه، وأما الربا فهو بالقصر لا غير. قوله: [دفع دينار في مثله]: مثال لاتحاد الجنس.

وقوله: [أو في دراهم]: مثال لاختلافه. قوله: [في طعام آخر]: أي ربوي أو غيره من جنس المدفوع فيه أو من غير جنسه. قوله: [ويستثنى من ذلك القرض]: أي فلا يضر فيه التأخير مع أنه متحد الجنس ولا فرق بين الطعام الربوي وغيره بشروطه الآتية.

وقوله: [قلت عن صرف الوقت]: أي فلا فرق بين كون ما تراضيا عليه قدر صرف الوقت أو أقل أو أكثر. والغبن جائز.

قوله: [ولو تساويا]: محل ذلك ما لم تتحقق مساواة الدينار للدينار والدرهم للدرهم، وإلا جاز. ويكون من قبيل المبادلة لا من قبيل الصرف.

قوله: [إذ ربما كان أحد الثوبين] إلخ: حاصله أن ما صاحب أحد النقدين من العرض يقدر من جنس النقد المصاحب له فيأتي الشك في التماثل والمنع في هذه مطلق ولو تحقق تماثل الدينارين وتماثل قيمة العرضين. واعلم أن مالكاً منع الصورتين وأبو حنيفة أجازهما وفرق الشافعي بينهما فأجاز الأولى ومنع الثانية وتسمى عند الشافعية بمسألة درهم ومد عجوة.

قوله: [ولو كان التأخير غلبة]: أي طال أم لا. وكره مالك للصراف أن يدخل الدينار تابوته قبل تمام الصرف. قوله: [وقيل يجوز فيما قرب]: أي وهو مذهب العتبية، فإنه قال فيها: يجوز التأخير القليل مع تفرق الأبدان اختياراً.

قوله: [إلا بحضرة موكله]: أي ولا فرق بين أن يوكل


[قال مُعِدُّ الكتاب للشاملة]
[١] زاد بعدها في ط المعارف: (في الربا).

<<  <  ج: ص:  >  >>