(و) جاز البيع (على رؤية) سابقة للمبيع (إن لم يتغير بعدها عادة) إلى وقت العقد، وهو يختلف باختلاف الأشياء: من فاكهة وثياب وحيوان وعقار، فإن كان شأنه التغير لم يجز على البت.
(و) جاز على الخيار (إن لم يبعد) ما بيع على الصفة أو الرؤية المتقدمة (جداً) فإن بعد جداً (كخراسان) بالمشرق (من أفريقية) بالمغرب مما يظن فيه التغير قبل إدراكه على صفته لم يجز (إلا على خيار بالرؤية) أي على خيار المشتري عند رؤيته (فيجوز مطلقاً) سواء بيع على الصفة أو الرؤية المتقدمة بعد أو لم يبعد (إن لم ينقد): أي إن لم يشترط نقد الثمن للبائع. فإن شرط لم يجز لتردده بين السلفية والثمنية. والحاصل أن في بيع الغائب اثنتي عشر صورة؛ لأنه: إما أن يباع على الصفة، أو على رؤية متقدمة، أو بدونهما، وفي كل: إما أن يباع على البت، أو على الخيار بالرؤية، وفي كل: إما أن يكون بعيداً جداً أو لا. فإن كان على الخيار جاز مطلقاً إن لم ينقد، وإن كان على البت جاز؛ إلا فيما بيع بدونهما - قرب أو بعد للجهل بالمبيع- أو كان يتغير عادة أو بعيداً جداً، وأما إن كان حاضراً مجلس العقد فلا بد من رؤيته إلا أن يكون في فتحه مشقة أو فساد فيباع بالوصف أو على ما في البرنامج على ما تقدم.
(وضمانه): أي المبيع غائباً على الصفة أو برؤية متقدمة (من المشتري): أي يدخل في ضمانه بالعقد (إن كان عقاراً) ولو بيع على المذارعة وقال في التوضيح: إن بيعت الدار مذارعة فالضمان من البائع بلا إشكال (وأدركته الصفقة سالماً وإلا) يكن عقاراً أو أدركته الصفقة معيباً (فمن البائع) الضمان (إلا لشرط فيهما): أي إلا لشرط من المشتري في العقار أنه على البائع أو من البائع على المشتري في غيره فيعمل به. (وقبضه): أي المبيع غائباً؛ أي الخروج له (على المشتري و) يجوز (النقد فيه تطوعاً) مطلقاً -عقاراً أو غيره - (كبشرط): أي كما يجوز النقد فيه بشرط (إن كان) المبيع الغائب على الصفة أو برؤية متقدمة (عقاراً) على اللزوم ولو بعد لا جداً؛ لأن شأنه ألا يسرع إليه التغير، إلا أن يصفه بائعه فلا يجوز النقد فيه بشرط، ويجوز تطوعاً.
(أو) كان غير عقار، و (قرب كيوم ونحوه) يوم ثان لا أكثر لأن الشأن عدم التغير في اليومين بعد الرؤية أو الوصف. والله أعلم.
ــ
قوله: [وجاز البيع على رؤية سابقة]: فإن حصل ذلك، فلما قبضه المشتري ادعى أنه ليس على الصفة التي رآه عليها وادعى البائع أنه عليها، فالقول قول البائع بيمينه إن حصل شك من أهل المعرفة: هل تلك المدة تغير المبيع أم لا؟ فإن قطع أهل المعرفة بعدم التغير فالقول للبائع بلا يمين، أو بالتغير فللمشتري بلا يمين. وإن رجحت لواحد منهما فالقول له بيمين.
قوله: [أي إن لم يشترط] إلخ: لا مفهوم له، بل يمنع النقد ولو تطوعاً لما يأتي له في باب الخيار في قوله: ومنع وإن بلا شرط في كل ما يتأخر قبضه عن مدة الخيار كمواضعة وغائب إلخ.
قوله: [جاز مطلقاً]: أي في ست صور، وهي: على الصفة، أو رؤية، متقدمة، أو بدونهما، وفي كل: قرب أو بعد. قوله: [وإن كان على البت جاز]: أي في صورتين، وهما: الصفة، والرؤية المتقدمة ولم يبعد جداً فيهما. ومفهومه صورتان وهما: الصفة، والرؤية المتقدمة مع البعد جداً.
قوله: [إلا فيما بيع بدونهما] إلخ: تحته صورتان ممنوعتان أيضاً، فالممنوع أربع والجائز ثمان، وهذا كله بقطع النظر عن النقد وعدمه. وأما إن نظر لهما كانت الصور أربعاً وعشرين علمت من حاصل الشارح الاثنتي عشرة التي ليس فيها شرط النقد. وأما الاثنتا عشرة التي فيها شرط النقد فحاصلها أن الست التي فيها الخيار يمنع فيها شرط النقد، وكذا إذا بيع لا على صفة ولا على رؤية باللزوم قرب أو بعد؛ فهاتان صورتان. وبقي أربع: وهي المبيع بالصفة، أو الرؤية السابقة على اللزوم قرب أو بعد؛ فيجوز بشروط تؤخذ من المصنف والشرح وسنذكرها بعد فليحفظ.
قوله: [ولو بيع على المذارعة]: أي الراجح كما أفاده (ر) ومحل كون الضمان من المشتري إذا لم تحصل منازعة بينه وبين البائع في أن العقد صادف المبيع هالكاً أو سالماً، فإن حصلت منازعة فالقول للمشتري والضمان على البائع؛ بناء على أن الأصل انتفاء الضمان عن المشتري. وعزاه في التوضيح لابن القاسم في المدونة اهـ. خرشي.
قوله: [على المشتري]: أي وشرطه على بائعه مع كون ضمانه منه يفسده؛ لأنه لما شرط عليه المبتاع الإتيان به صار كوكيله فانتفى عنه الضمان، فشرط الضمان عليه موجب للفساد. وإن كان ضمانه في إتيانه من مبتاعه فجائز وهو بيع وإجارة، كذا في الحاشية. قوله: [ويجوز النقد فيه تطوعاً]: حاصله أن المبيع الغائب بالصفة على اللزوم يجوز النقد فيه تطوعاً سواء كان عقاراً أو غيره. وإن كان على الخيار منع النقد مطلقاً عقاراً أو غيره، وهل يشترط في جواز النقد تطوعاً - إذا بيع على الصفة اللزوم كون الواصف له غير البائع؟ لأن وصفه يمنع من جواز النقد ولو تطوعاً، وهو الذي ارتضاه في الحاشية كما تقدم. أو لا يشترط ذلك؟ وهو المأخوذ من كلام (بن) فإنه نازع في كون وصف البائع من جواز النقد تطوعاً. وأما النقد بشرط فإن كان المبيع عقاراً فيجوز بثلاثة شروط: أن يكون على اللزوم،