للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فلا يجوز التصديق فيه، ولا بد من معرفة العدد وقدر الكيل أو الوزن فيما يوزن منه.

(وقرض) لا يجوز التصديق فيه، فمن [١] اقترض نقداً أو طعاماً أو غيرهما لا يجوز له أن يصدق المقترض فيما أخذه منه؛ لاحتمال وجود نقص أو رداءة فيتغاضى عنه آخذه لحاجته وفي نظير المعروف.

(ومبيع لأجل) من طعام أو غيره؛ لا يجوز التصديق فيه لجواز وجود نقص فيغتفر لأجل التأخير أو الحاجة فيؤدي لأكل أموال الناس بالباطل. (ومعجل) من الديون (قبل أجله): لا يجوز فيه التصديق؛ لأن ما عجل قبل أجله سلف فيحتمل أن يكون ناقصاً فيغتفر للتعجيل فيكون سلفاً جر نفعاً.

(و) لا يجوز (صرف مع بيع): أي اجتماعهما في عقد واحد، كأن يشتري ثوباً بدينار على أن يدفع فيه دينارين ويأخذ صرف دينار دراهم، لتنافي أحكامهما؛ لجواز الأجل والخيار في البيع دون الصرف. وكذا لا يجوز اجتماع البيع أو الصرف مع جعل أو مساقاة أو شركة أو نكاح أو قراض، ولا اجتماع اثنين منها في عقد. نظمها بعضهم بقوله:

عقود منعنا اثنين منها بعقدة ... لكون معانيها معاً تتفرق

فجعل وصرف والمساقاة شركة ... نكاح قراض ثم بيع محقق

ولك أن تزيد عليهما:

فهذه عقود سبعة قد علمتها ... ويجمعها في الرمز "جبص مشنق"

واستثنوا من ذلك صورتين للضرورة: أشار لهما بقوله: (إلا) أن يكونا (بدينار): كأن يشتري سلعة بدينار إلا خمسة دراهم فيدفع الدينار ويأخذ خمسة دراهم مع السلعة (أو يجتمعا): أي الصرف والبيع (فيه): أي في دينار بأن يأخذ من الدراهم أقل من صرف دينار. كأن يشتري سلعة أو أكثر بعشرة دنانير ونصف دينار فيدفع أحد عشر ديناراً ويأخذ صرف نصف دينار. ولا بد من تعجيل السلعة والصرف في الصورتين على الراجح؛ لأن السلعة صارت كالنقد، وإليه أشار بقوله:

(وتعجل الجميع): أي الثمن من المشتري والسلعة مع الدراهم من البائع وهو عطف على يجتمعا.

(ولا) يجوز (إعطاء صائغ الزنة والأجرة) صادق بصورتين: الأولى: أن يأخذ من الصائغ سبيكة بوزنها دراهم مسكوكة ويدفع له السبيكة ليصوغها له ويدفع له أجرة الصياغة.

الثانية: أن يأخذ منه مصوغاً أو مسكوكاً بوزنه من جنسه وزيادة الأجرة. والأولى تمتنع وإن لم يزده أجرة

ــ

رجع به ولم يغتفره. وإن اشترط عليه عدم الرجوع عند العقد لزم أكل أموال الناس بالباطل. قوله: [فلا يجوز التصديق فيه]: أي فيما ذكر من النقد والطعام لئلا يوجد نقص فيدخل التفاضل إن شرط عدم الرجوع بالنقص أو التأخير إن شرط الرجوع به بعد الاطلاع عليه. وحرمة التصديق في هذه المسألة هو أحد قولين فيها، والآخر جواز التصديق فيها قال (بن): ولا ترجيح لأحدهما على الآخر. قوله: [وقرض]: معطوف على مبادلة وهو الفرع الثاني من الفروع الأربعة.

قوله: [فيتغاضى عنه]: بالغين والضاد المعجمتين: أي يتغافل ويتساهل.

قوله: [لأن ما عجل قبل أجله سلف]: قال الخرشي: الذي يفيده كلام الغرياني في حاشيته على المدونة أن الحكم في التصديق إذا وقع في القرض الفسخ على ظاهر المدونة وفي البيع لأجل عدم الفسخ على ظاهرها، كما قال عبد الحق إنه الأشبه بظاهرها. ورأس مال السلم كالمبيع لأجل في جريان الخلاف وأن المعجل قبل أجله يرد ويبقى حتى يأتي الأجل. وأما الصرف فيرد وكذا مبادلة الربويين كما قال ابن يونس، وقال ابن رشد بعدم فسخهما.

قوله: [ولا يجوز صرف مع بيع]: أي خلافاً لأشهب حيث قال بجواز جمعهما نظراً إلى أن العقد احتوى على أمرين كل منهما جائز على انفراده وأنكر أن يكون مالك حرمه، قال: وإنما الذي حرمه الذهب بالذهب مع كل منهما سلعة، والورق بالورق مع كل منهما سلعة - ابن رشد. وقول أشهب أظهر من جهة النظر وإن كان خلاف المشهور.

قوله: [لتنافي أحكامهما]: أي وتنافي اللوازم يدل على تنافي الملزومات. قوله: [ولا اجتماع اثنين منها]: حاصله أن الصور العقلية تسع وأربعون من ضرب سبعة في مثلها؛ المكرر منها ثمان وعشرون والباقي إحدى وعشرون؛ لأنك تأخذ كل واحد مع ما بعده تبلغ ذلك العدد فليفهم.

قوله: [ونظمها بعضهم]: المراد به (بن) نظمها على هذا الوجه وإلا فبعضهم نظمها بوجه آخر. قوله: [ولك أن تزيد عليهما]: الظاهر أن البيت الأخير من كلام الشارح رضي الله عنه

قوله: [واستثنوا]: أي أهل المذهب. قوله: [إلا أن يكونا بدينار]: وهو معنى قول خليل: إلا أن يكون الجميع ديناراً.

قوله: [إلا خمسة دراهم]: أي مثلاً والمدار على كون الدراهم والسلعة قدر الدينار.

قوله: [ويأخذ صرف نصف دينار]: أي فالعشرة دنانير وقعت في بيع ليس إلا، والحادي عشر بعضه في مقابلة بعض السلعة والبعض الآخر في مقابلة الصرف فقد اجتمع البيع والصرف في الدينار الحادي عشر. قوله: [لأن السلعة صارت كالنقد]: أي لأنها لما صاحبت الدراهم صارت كأنها من جملة الدراهم المدفوعة في مقابلة الدينار في الصورة الأولى: أو الدنانير في الصورة الثانية خلافاً للسيوري حيث أجاز تأخير السلعة وأوجب تعجيل الصرف إبقاء للكل على حكمه الأصلي.


[قال مُعِدُّ الكتاب للشاملة]
[١] في ط المعارف: (من).

<<  <  ج: ص:  >  >>