للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

للتأخير. والثانية تمتنع إن زاده الأجرة للمفاضلة، وإلا جاز بشرط المناجزة. فلو وقع الشراء بنقد مخالف جنساً كذهب وفضة امتنعت الأولى للتأخير وجازت الثانية بشرط المناجزة (كزيتون ونحوه): أي كمنع إعطاء زيتون ونحوه - كسمسم وحنطة - (لمعصره) أو لمن يطحن نحو الحنطة (على أن يأخذ قدر ما يخرج منه تحرياً) للشك في المماثلة، وسواء دفع أجرة أم لا. وكذا دفعه على أن يخلطه على شيء عنده ثم يقسمه بعد عصره على حسب ما لكل (بخلاف كتبر): أي تبر ونحوه كسبيكة ومسكوك لا يروج في محل الحاجة. وعبر في العتبية بالمال، وعبر غيره بالذهب والفضة (يعطيه مسافر و [١]) يعطي (أجرته لدار): أي لأهل دار (الضرب) السلطاني (ليأخذ زنته) مسكوكاً، فيجوز مناجزة للضرورة على الأرجح.

(وبخلاف) إعطاء (درهم بنصف): أي في نظير نصف درهم؛ أي ما يروج رواج النصف وإن زاد وزناً أو نقص عن النصف (فدون وفلوس أو غيرها): أي غير الفلوس من طعام أو غيره فيجوز (في بيع أو كراء بعد العمل): أي استيفاء المنفعة (وسكاً): أي كان كل من الدرهم والنصف مسكوكاً (وتعومل بهما) معاً، وإن كان أحدهما أروج في التعامل لا إن كانا أو أحدهما غير مسكوك أو لم يتعامل به (وعرف الوزن): أي كون هذا كاملاً وهذا يروج رواج النصف - وإن أقل وزناً أو أنقص كما تقدم - وإلا لكان من بيع الفضة بالفضة جزافاً ولا شك في منعه، قاله القباب (وعجل الجميع): أي الدرهم والنصف وما معه لئلا يلزم البدل المؤخر. وهذه المسألة وما قبلها اقتضت الحاجة جوازهما، فهل تجوز الحاجة ما يقع عندنا بمصر من صرف الريال بدراهم فضة عددية - وإلا لضاق على الناس معاشهم قياساً على هذه المسألة؟ كان بعضهم يجوزه في تقريره إذ الضرورات تبيح المحظورات.

ــ

تنبيه: من فروع المسألة من باع سلعة بدينار إلا درهمين فدون، فيجوز إن تعجل الجميع الدينار والدرهمان والسلعة أو عجلت السلعة فقط وأجل الدينار والدرهمان لأجل واحد؛ لأن تعجيل السلعة دون النقد دل على أن الصرف ليس مقصوداً ليسارة الدرهمين بخلاف تأجيل الجميع أو السلعة فيمنع؛ لأنه بيع وصرف تأخر عوضاه أو بعضهما وهو السلعة. وتأجيل بعضها كتأجيل كلها إلا بقدر خياطتها أو بعث من يأخذها وهي معينة فيجوز فإن زاد المستثنى عن درهمين لم تجز المسألة إلا بتعجيل الجميع كما تقدم، ويجوز أيضاً أن تشتري عشرة أثواب مثلاً كل ثوب بدينار إلا درهمين وصرف الدينار عشرون درهماً ووقع البيع على شرط المقاصة بأن كل ما اجتمع من الدراهم قدر صرف دينار أسقط له ديناراً، فإن لم يفضل شيء من الدراهم بعد المقاصة - كما في المثال؛ لأنه يعطيه تسعة دنانير ويسقط العاشر في نظير العشرين درهماً - فالجواز ظاهر. وإن فضل بعد المقاصة درهم أو درهمان جاز أن يعجل الجميع أو السلعة وإن فضل أكثر من درهمين ولم يبلغ ديناراً جاز أن يعجل الجميع كذا في الأصل.

قوله: [للتأخير]: أي لما فيها من ربا النساء. قوله: [للمفاضلة]: أي لدخول ربا الفضل فيها؛ لأن الأجرة زيادة من المشتري.

قوله: [وجازت الثانية بشرط المناجزة]: أي لاختلاف الجنس وحصول المناجزة، ومعلوم أنه لا يقال فيه إعطاء زنته؛ لأن غاية ما فيه صرف والصرف يجوز بالقليل والكثير بشرط المناجزة.

قوله: [كسمسم وحنطة]: أدخلت الكاف: حب الفجل الأحمر وأما بزر الكتان فيجوز؛ لأنه ليس بطعام كما في الحاشية وسيأتي التحقيق أنه ربوي.

قوله: [للشك في المماثلة]: أي فحرمته لربا الفضل وللنسيئة في الطعام وهي التأخير مدة العصر أو الطحن فإن كان يوفيه من زيت حاضر عنده عاجلاً منع لربا الفضل. قوله: [وكذا دفعه] إلخ: أي وأما عصر شيئه على حدته بأجرة أو بغيرها فجائز. قوله: [يعطيه مسافر]: أي محتاج. وأما غير المحتاج فيمنع اتفاقاً كما أن غير المسافر يمنع كذلك. ولا مفهوم لدار الضرب، بل لو أعطاه لأحد من الناس غير أهل دار الضرب، فالظاهر الجواز. فذكر دار الضرب لمجرد التمثيل لما هو الشأن كما في الحاشية.

قوله: [وبخلاف إعطاء درهم بنصف]: حاصله أن شروط الجواز ثمانية:

كون المدفوع درهماً والمردود نصفه في بيع أو كراء بعد العمل وسكاً واتحدا وعرف الوزن، وعجل الجميع، وعومل بكل. قوله: [كأن بعضهم يجوزه في تقريره]: قال في حاشية الأصل نقلاً عن شيخه العدوي والشرح: أجاز بعضهم ذلك في الريال الواحد أو نصفه أو ربعه للضرورة. كما أجيز صرف الريال الواحد بالفضة العددية، وكذا نصفه وربعه للضرورة وإن كانت القواعد تقتضي المنع اهـ. وعند الشافعية يتخلصون بالهبة في إبدال الريالات بالفضة العددية وهي فسحة.

تنبيه: يلزم رد الزيادة التي زادها أحد المتصارفين على أصل الصرف بعد العقد، بأن لقي أحدهما صاحبه فقال له: استرخصت مني الدينار فزدني، فزاده شيئاً. فإنه إذا رد الصرف لعيب ترد تلك الزيادة تبعاً له لا ترد لعيب بها. وهل عدم ردها لعيبها مطلقاً عينها أم لا أوجبها أم لا؟ وهو ظاهر المدونة وهو المذهب، خلافاً لما في الموازية. وفهم من قولنا: بعد العقد أنها لو كانت في العقد لردت لعيبه ولعيبها اتفاقاً.


[قال مُعِدُّ الكتاب للشاملة]
[١] قوله: (مسافر و) في ط المعارف: (مسافر).

<<  <  ج: ص:  >  >>