للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(وإن استحق) من أحد المتصارفين (غير مصوغ) سواء كان مسكوكاً أم لا (بعد مفارقة أو طول ولو) كان ما استحق (غير معين) للصرف فلا مفهوم لقوله: "معين سك" (أو) استحق (مصوغ مطلقاً) حصل طول أو مفارقة [١] أم لا - لأن المصوغ يراد لعينه فلا يقوم غيره مقامه (نقض) الصرف فيما استحق، لا الجميع على ما تقدم. (وإلا) بأن استحق غير المصوغ بالحضرة (صح) الصرف (فيلزم) الدافع له (تعجيل البدل) وإلا نقض.

(وللمستحق إجازة الصرف) فيما استحقه (فيأخذ) من المصطرف (مقابله) ولو في الحالة التي ينقض فيها، وذلك في المصوغ مطلقاً. وفي غيره بعد المفارقة أو الطول. فإن استحق ديناراً أخذ مقابله دراهم من دافعها أولاً ثم يرجع المستحق من يده على الذي أخذها أولاً (إن لم يخبر المصطرف) المراد به: من استحق من يده ما أخذه من صاحبه (بالتعدي) فإن أخبره شخص بذلك - وكذا إن علم بالتعدي - لم يجز له إجازة الصرف.

(وجاز محلى بأحد النقدين) تنازعه كل من بيع المقدر ومحلى: أي وجاز أن يباع بأحد النقدين ما حلي بأحدهما، وسيأتي المحلى بهما معاً (وإن) [٢] كان المحلى بأحدهما (ثوباً) فأولى سيفاً ومصحفاً (إذا كان يخرج منه شيء بالسبك) بالنار، (وإلا) يخرج منه شيء إذا سبك (فكالعدم) فجواز بيعه ظاهر بلا شرط.

ويشترط لجواز بيع المحلى الذي يخرج منه شيء بالسبك شروط ثلاثة أشار لأولها بقوله: (إن أبيحت) الحلية لا إن حرمت؛ كسكين وثوب رجل كعمامة مقصبة ودواة، فلا يجوز بيعه بأحدهما بل بالعروض. إلا أن يكون الثمن من غير الحلية ويجتمعا في دينار كما تقدم في الصرف. وأشار لثانيها بقوله: (وسمرت) الحلية في المباع بحيث يلزم على خلعها منه فساد.

ولثالثها بقوله: (وعجل) المعقود عليه من ثمن ومثمن. فإن أجلا أو أحدهما منع بالنقدين وجاز بالعروض. وإذا وجدت الشروط جاز البيع بغير صنفه (مطلقاً) كانت الحلية تبعاً للجواهر أم لا.

(و) إذا بيع (بصنفه) زيد شرط رابع أفاده بقوله: (إن كانت) الحلية تبلغ (الثلث) فدون.

(وإن حلي) المباع (بهما) معاً (جاز) بيعه (بأحدهما إن تبعا الجوهر) أي المباع الذي هما به لا بهما معاً.

ــ

تجتمع مع الدراهم في دينار وإلا فلا منع. قوله: [وإن استحق من أحد المتصارفين غير مصوغ]: حاصل فقه المسألة أن الصرف إذا وقع بمسكوكين أو بمسكوك ومصوغ فاستحق المسكوك والمراد به ما قابل المصوغ فيشمل التبر والمكسور بعد مفارقة أحدهما المجلس أو بعد الطول، فإن عقد الصرف ينقض سواء كان المستحق معيناً حال العقد أم لا على المشهور. وإن كان المستحق مصوغاً نقض عقد الصرف كان استحقاقه بحضرة العقد أو بعد طول معيناً أم لا: لأن المصوغ يراد لعينه وغيره لا يقوم مقامه وإن كان المستحق غير مصوغ بحضرة العقد صح عقد الصرف سواء كان معيناً أم لا إلا أن غير المعين يجبر فيه على البدل من أراد نقض الصرف لمن أراد إتمامه بدفع البدل. وأما المعين فقيل إن صحة العقد فيه مقيدة بما إذا أراد تراضيا على البدل فمن أبى لا يجبر وقيل غير مقيدة.

قوله: [وإلا نقض]: أي وإن لم يحصل تعجيل وجب نقض الصرف وإبطاله لما يلزم عليه من النسيئة. قوله: [للمستحق إجازة الصرف]: أي وله نقضه وهذا قول ابن القاسم، وهو المشهور بناء على أن هذا الخيار جر إليه الحكم فليس كالخيار الشرطي. قوله: [لم يجز له إجازة الصرف]: أي لأنه كالصرف على الخيار الشرطي وهو ممنوع؛ وذلك لأنه لما أخبر بتعد من صارفه كان داخلاً على عدم إتمام الصرف فهو مجوز لتمامه وعدم تمامه كالصرف على خيار.

قوله: [إذا كان يخرج منه شيء] إلخ: حاصل فقه المسألة أن المحلى بأحد النقدين إن كان لا يخرج منه شيء إذا سبك فإنه يجوز بيعه بالعرض وبالنقد؛ سواء كان من صنف ما حلي به أو من غيره - كان الثمن حالاً أو هو مؤجلاً. وإن كان يخرج منه شيء إذا سبك، فإن بيع بعرض جاز بلا شرط من تلك الشروط الثلاثة حالاً أو مؤجلاً. وإن بيع بنقد فإن كان مخالفاً لصنف ما حلي به اشترط في صحة البيع الإباحة وتعجيل الثمن والمثمن والتسمير وإن كان بصنف ما حلي به، زيد رابع وهو كون الحلية تبعاً للمحلى بأن كانت الثلث فدون.

قوله: [إن أبيحت]: لما كان الأصل في بيع المحلى المنع؛ لأن في بيعه بصنفه بيع ذهب وعرض بذهب أو بيع فضة وعرض بفضة وبغير صنفه بيع وصرف في أكثر من دينار وكل منهما ممنوع، لكن رخص فيه للضرورة كما ذكره أبو الحسن عن عياض وشرطوا لجواز بيعه هذه الشروط فما كان ليس بمباح فليس من محل الرخصة فلذا لا يباع بالنقد إلا على حكم البيع والصرف.

قوله: [وسمرت]: مراده ما يشمل المخيطة أو المنسوجة أو المطرزة فليس المراد خصوص التسمير. قوله: [بأحدهما]: أي وأما بيعه بهما فلا يجوز على ما تقتضيه قواعد المذهب؛ لأنه بيع ذهب بذهب وفضة وبيع فضة بفضة وذهب. قوله: [إن تبعا الجوهر]: وهل تعتبر التبعية بالقيمة أي ينظر إلى كون قيمتها ثلث قيمة المحلى بحليته وهو المعتمد أو بالوزن خلاف وتظهر ثمرة الخلاف في سيف محلى بذهب وفضة بيع بسبعين ديناراً وكان وزن حليته عشرين ولصياغتها تساوي ثلاثين، وقيمة النصل وحده أربعون لم يجز بيعه بأحدهما على الأول وجاز على الثاني. وهذا


[قال مُعِدُّ الكتاب للشاملة]
[١] في ط المعارف: (كدافع)، ولعلها الصواب كما في أقرب المسالك.
[٢] في ط المعارف: (إن).

<<  <  ج: ص:  >  >>