(و) تجوز (المبادلة) في الذهب والفضة (وهي: بيع العين) ذهباً أو فضة (بمثله): أي ذهباً بذهب أو فضة بفضة (عدداً) كعشرة دنانير بمثلها يداً بيد (إن تساويا عدداً ووزناً) ولو كان أحدهما أجود كما سيأتي. ولا يشترط للجواز حينئذ إلا المناجزة وعدم دوران الفضل من الجانبين.
(وإلا) يتساويا فيما ذكر فلا يجوز إلا بشروط سبعة أشار لها بقوله: (فشرط الجواز) للمبادلة سبعة: (القلة) في العدد فلا يجوز في الكثير وبين القلة بقوله: (ستة فأقل) لا سبعة فأكثر، لأن شأن ابتغاء المعروف إنما يكون في القليل.
(والعدد): لا الوزن كواحد بواحد أو ستة بستة.
(وأن تكون الزيادة في الوزن فقط) دون العدد.
(وأن تكون) الزيادة (السدس فأقل في كل دينار أو درهم). وأن يكون (على وجه المعروف) لا المغالبة. وأن يكون (بلفظ البدل) دون البيع. (والأجود جوهرية أو) الأجود (سكة) حال كونه (أنقص) وزناً عن مقابله (ممتنع) لدوران الفضل من الجانبين فينتفي المعروف. (وإلا) يكن الأجود جوهرية أو سكة أنقص بل كان مساوياً لمقابله أو أزيد (جاز) لانتفاء علة المنع.
(و) تجوز (المراطلة) وهي: (عين) من ذهب أو فضة (بمثله) ذهب بذهب وفضة بفضة (وزناً) إما (بصنجة) في إحدى الكفتين والذهب أو الفضة في الأخرى (أو كفتين) بكسر الكاف؛ بأن يوضع عين أحدهما في كفة وعين الآخر في الأخرى فيساوى بينهما (ولو لم يوزنا) قبل ذلك لأن كل واحد أخذ زنة عينه، كان معلوماً قدرها وزناً قبل ذلك أم لا (وإن كان أحدهما) أي النقدين كله (أو بعضه أجود) من الآخر فيجوز. (لا) إن كان أحدهما (أدنى وأجود): أي بعضه أدنى من مقابله وبعضه الآخر أجود منه كمصري وبندقي، ويقابلان بمغربي؛ فالمغربي متوسط والمصري أدنى والبندقي أعلى، فيمنع لدوران الفضل من الجانبين.
ــ
الخلاف جار في قوله قبل: إن كانت الثلث.
قوله: [وتجوز المبادلة] إلخ: لما كان بيع النقد بنقد بغير صنفه صرفاً، وبصنفه إما مراطلة - وهو بيع نقد بمثله وزناً كما يأتي - وإما مبادلة، وقد عرفها المصنف كما قال ابن عرفة: بيع العين بمثله عدداً، فقوله: بمثله. يخرج الصرف وقوله: عدداً، تخرج المراطلة.
قوله: [ولا يشترط للجواز حينئذ]: أي حين إذ تساويا عدداً ووزناً. قوله: [لا سبعة]: العبرة بمفهوم الستة فالزائد عليها ممتنع. قوله: [لا الوزن]: أي فلا تجوز المبادلة في الدراهم أو الدنانير المتعامل بها وزناً كأوقية تبر كاملة بأوقية ناقصة. قوله: [وأن تكون الزيادة في الوزن]: أي بأن تكون زيادة كل واحد على ما يقابله في الوزن لا في العدد وحينئذ فلا بد أن يكون واحداً بواحد لا واحداً باثنين.
قوله: [السدس فأقل]: هذا الشرط ذكره ابن شاس وابن الحاجب وابن جماعة ولكن قال في القباب: أكثر الشيوخ لا يذكرون هذا الشرط وقد جاء لفظ السدس في كلام المدونة وهو محتمل للتمثيل والشرطية.
قوله: [وأن يكون على وجه المعروف]: اختلف؛ هل تشترط السكة للدراهم أو الدنانير وهل يشترط اتحادها؟ قولان: المعتمد عدم الاشتراط فما يتعامل به عدداً من غير المسكوك حكمه حكم المسكوك وتجوز المبادلة في سكتين مختلفتين. قوله: [أنقص وزناً عن مقابله]: مقابل الأول رديء الجوهرية ومقابل الثاني رديء السكة.
قوله: [ممتنع]: خبر عن قوله "والأجود". وإنما أفرد مع أنه خبر عن شيئين؛ لأن العطف بأو. قوله: [فينتفي المعروف]: أي المعروف الذي هو شرط المبادلة بسبب المبالغة. والحاصل أن القواعد تقتضي منع المبادلة ولو تمحض الفضل من جهة واحدة لكن الشارع أباحها حينئذ بشروطها ما لم يخرجا عن المعروف بدوران الفضل من الجانبين.
قوله: [لانتفاء علة المنع]: أي وهي دوران الفضل من الجانبين.
قوله: [وهي عين من ذهب أو فضة بمثله]: أي وسواء كانا مسكوكين أم لا اتحدت سكتهما أم لا كان التعامل بالوزن أو بالعدد. قوله: [أو كفتين]: أو في كلام المصنف لحكاية الخلاف ويدل له قول عياض اختلف في جواز المراطلة بالمثاقيل فقيل: لا تجوز المراطلة إلا بكفتين، وقيل: تجوز بالمثاقيل أيضاً وهو أصوب: اهـ، والمراد بالمثاقيل كما قال الأبي: الصنجة انتهى (بن)، والصنجة بفتح الصاد وبالسين وهو أفصح كما في القاموس.
قوله: [فيساوى بينهما]: أي فلا تغتفر الزيادة في المراطلة ولو قليلاً كما في المواق بخلاف المبادلة. إن قلت: إذ كان كل واحد إنما يأخذ مثل عينه فأي غرض في ذلك الفعل؟ أجيب بأنه: يمكن أن يكون الغرض باعتبار الرغبة في الأنصاف دون الكبار أو بالعكس أو في غير المسكوك دون المسكوك أو بالعكس.
قوله: [فالمغربي متوسط]: أي يفرض ذلك. قوله: [لدوران الفضل من الجانبين]: أي فرب المغربي يغتفر جودته ويأخذ المصري نظراً لأخذه البندقي ورب البندقي يغتفر جودته لأجل دفع المصري.
تنبيه: اختلف هل الأجود سكة أو صياغة كالأجود جوهرية. فيدور الفضل بسببهما - أو لا؟ الأكثر من أهل العلم على عدم اعتبارهما وأنهما ليسا كالجودة في الجوهرية فلا يدور بهما فضل خلافاً لما مشى عليه خليل.