للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(ولا) رد (على حاكم و) لا على (وارث بين) بضم الباء الموحدة وكسر التحتية المشددة بالبناء للمجهول: أي ظهر للمشتري حال الشراء أن بائعه حاكم أو وارث، كان البيان منهما أو من غيرهما. ومفهومه أنه إذا لم يعلم بذلك لكان له الرد. وقوله: (رقيقاً فقط) معمول لرد المقدر بعد لا النافية (بيع لكدين) على الميت أو الغائب أو المفلس. ومثل الدين: نفقة الزوجة أو الأطفال، فقوله: "بين" راجع لهما، فهو من الحذف من الأول لدلالة الثاني على ما هو الراجح. وقيل: البيان شرط في الوارث فقط ومثلهما الوصي. وشرط كون بيع من ذكر مانعاً من رد الرقيق: إذا لم يعلم بالعيب ويكتمه. كما أشار له بقوله:

(ولم يعلما بالعيب): وإلا كان للمشتري الرد به كما إذا لم يعلم بأن البائع حاكم أو وارث. وقال ابن المواز: قال مالك: بيع الميراث وبيع السلطان بيع براءة إلا أن يكون المشتري لم يعلم أنه بيع ميراث أو سلطان فهو مخير بين أن يرد أو يحبس. وفي المدونة: وبيع السلطان للرقيق في الديون والمغنم وغيره بيع براءة اهـ. فعلم من هذا أن المراد بالبيان العلم ولو من غيرهما كأنه قيل: علم كل منهما، وأن المشتري إذا لم يعلم كان له الرد، وقول الشيخ: "وخير مشتر ظنه غيرهما" الأولى أن يقول: جهلهما ليشمل ما إذا لم يظن شيئاً فمدار التخيير على نفي العلم. ومفهوم: رقيقاً فقط، أنهما لو باعا غيره من حيوان أو عروض لم يكن بيعهما بيع براءة؛ فللمشتري الرد ولو بين أي علم أنه حاكم أو وارث على ظاهر كلام المدونة المتقدم الذي مشى عليه الشيخ. وظاهر كلام ابن المواز الإطلاق، ثم إن جميع ما تقدم من أن لواجد العيب الرد به بالشروط المتقدم ذكرها محله ما لم يحدث عن المشتري عيب آخر في المبيع، فإن حدث به عيب فلا يخلو إما أن يكون متوسطاً أو يسيراً أو كثيراً، ولكل حكم أشار لذلك بقوله: (وإن حدث بالمبيع) المعيب عند المشتري (عيب متوسط) بين المخرج عن المقصود والقليل ومثله بقوله: (كعجف) كحدوث عجف لحيوان وهو شدة الهزال (و) حدوث (عمى وعور وعرج وشلل) بيد أو رجل (وتزويج رقيق) ذكراً أو أنثى قبل اطلاعه على العيب القديم (وافتضاض بكر) ولو وخشاً والواو بمعنى: أو في الجميع، (فله) أي للمشتري الواجد لعيب قديم بعد حدوث شيء مما ذكر (التمسك) بالمبيع (وأخذ) أرش العيب (القديم و) له (الرد) أي رده على البائع (ودفع) أرش العيب (الحادث): فالخيار له لا للبائع، وطريق ذلك التقويم ثلاث مرات: (يقوم) أولاً (صحيحاً) بعشرة مثلاً (ثم) يقوم (بكل) من العيبين بقطع النظر عن الآخر، فيقوم ثانياً بالعيب القديم بقطع النظر عن الحادث بثمانية مثلاً، فقد نقص الخمس ثم يقوم ثالثاً بالحادث بقطع النظر عن القديم بثمانية مثلاً فقد نقص الخمس أيضاً، ثم يقال للمشتري: إما أن تتماسك بالمبيع وترجع على البائع

ــ

فليفهم.

قوله: [بين]: إنما بناه للمجهول لأجل التعميم. الذي قاله بعد. قوله: [معمول لرد المقدر]: فيه ركة لا تخفى فالمناسب أن يقدر الواقع بعد "لا" فعلاً مضارعاً مبنياً للفاعل ويذكر فاعله وهو المشتري ويجعل رقيقاً معمولاً له، فيصير السياق هكذا: ولا يرد مشتر على حاكم ولا على وارث بين رقيقاً فقط.

قوله: [ومثل الدين نفقة الزوجة] إلخ: خلافاً للباجي حيث قال: لا يكون بيع الوارث مانعاً من الرد إلا إذا كان لقضاء دين فقط.

قوله: [وقيل البيان شرط في الوارث فقط]: هذا ضعيف، ويستثنى من بيع الحاكم ما إذا باع عبداً مسلماً على مالكه الكافر فليس بيع براءة كما قدمه المصنف بقوله: "وجاز رده عليه بعيب". وتقدم التنبيه عليه.

قوله: [وإلا كان للمشتري الرد به]: أي لأن الحاكم أو الوارث حينئذ كل مدلس.

قوله: [قال ابن المواز] إلخ: كلام ابن المواز هو مأخذ تعميم البيان فيما تقدم.

وقوله: [وفي المدونة] إلخ: هو مستند القول بأن البيان شرط في الوارث فقط. قوله: [فهو مخير بين أن يرد أو يحبس]: أي وإن كان مطلعاً على بعض العيوب وراضياً بها. قوله: [فعلم من هذا] اسم الإشارة عائد على كلام ابن المواز لأن التعميم لا يفهم إلا منه كما تقدم.

قوله: [وظاهر كلام ابن المواز الإطلاق]: أي شمول الرقيق وغيره فيكون على إطلاقه: بيع الحاكم والوارث بيع براءة ولو في غير الرقيق، ولكن هذا الإطلاق خلاف الراجح فتحصل أن عموم كلام ابن المواز من حيث البيان مسلم ومن حيث شموله لغير الرقيق غير مسلم.

قوله: [لحيوان]: أي عاقل أو غيره. قوله: [وافتضاض بكر]: بالقاف والفاء، وما مشى عليه المصنف من أنه من المتوسط هو المعتمد خلافاً لما مشى. عليه خليل في عده من المفوت. والحاصل أن فيه أقوالاً ثلاثة: الأول: أنه من المفوت كان البائع مدلساً أم لا وهذا لابن رشد. والثاني: أنه من المتوسط كان البائع مدلساً أم لا علية أو وخشاً وهو لمالك.

والثالث: إن كان البائع غير مدلس فهو متوسط كما قال مالك. وإن كان مدلساً فإما أن يرد ولا شيء عليه أو يتمسك ويأخذ أرش القديم وهو لابن الكاتب، وهذا هو الأوجه.

قوله: [وطريق ذلك التقويم ثلاث مرات]: ما ذكره من أن التقويم إذا أراد الرد ثلاث مرات، وهو ما قاله عياض، وهو الصواب. خلافاً لقول الباجي: إنه إذا أراد الرد إنما يقوم تقويمين: أحدهما بالعيب القديم والآخر بالحادث عند المشتري. وأشعر قول المصنف

<<  <  ج: ص:  >  >>