للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(ولا) رد (بغبن) أي بسببه (ولو خالف العادة) أي في القلة أو الكثرة، كأن يشتري ما يساوي درهماً بعشرة وأعكسه [١] (إلا أن يستسلم) أحد المتبايعين صاحبه (بأن يخبره بجهله) كأن يقول المشتري: أنا لا أعلم قيمة هذه السلعة فبعني كما تبيع الناس فقال البائع: هي في العرف بعشرة فإذا هي بأقل، أو يقول البائع: أنا لا أعلم قيمتها فاشتر مني كما تشتري من الناس فقال: هي في عرفهم بعشرة؛ فإذا هي بأكثر، فللمغبون الرد على المعتمد بل باتفاق. وذكر الشيخ فيه التردد معترض بأنه لم يخالف فيه أحد، وإنما الخلاف في الغبن من غير استسلام إذا كان المغبون جاهلاً فإن كان عارفاً فلا قيام له اتفاقاً. فإن استسلم الجاهل فالرد متفق عليه بل حكى ابن رشد عليه الإجماع، فحكاية الشيخ فيه التردد من السهو البين.

ثم انتقل يتكلم على بيان حكم الرد في عهدة الثلاث وعهدة السنة فقال: (وله): أي للمشتري رقيقاً خاصة ذكراً أو أنثى (الرد في عهدة الثلاث): أي ثلاثة الأيام فقط، والعهدة في الأصل: العهد؛ وهو الإلزام والالتزام. وفي العرف: تعلق ضمان المبيع بالبائع في زمن معين، وهي قسمان: عهدة سنة وهي قليلة الضمان طويلة الزمان وستأتي، وعهدة ثلاث أي ثلاثة أيام وهي بالعكس، وهما خاصتان بالرقيق بالشرط أو العادة كما يأتي، فعهدة الثلاث يرد فيها (بكل) عيب (حادث) في دينه كزنا وسرقة أو بدنه كعمى أو وصفه كجنون وصرع وإباق (إلا أن يستثنى عيب معين) كإباق أو سرقة فلا رد به ويرد بما عداه فإن شرط سقوطها فلا رد بشيء حدث أيامها.

(وعلى البائع فيها) أي زمنها (النفقة) على الرقيق

ــ

بذلك الاسم الخاص فله الرد، كما لو سمى الحجر ياقوتة.

قوله: [ولا رد بغبن]: ما لم يكن البائع بالغبن أو المشتري به وكيلاً أو وصياً، وإلا رد ما صدر منهما من بيع أو شراء فإن باع بغبن وفات المبيع رجع الموكل والموصى عليه على المشتري بما وقع فيه الغبن، فإن تعذر الرجوع على المشتري رجع على الوكيل أو الوصي بذلك، ولا يتقيد الغبن بثلث أو غيره بل ما نقص عن القيمة نقصاً بيناً أو زاد عليها زيادة بينة وإن لم يكن الثلث قال ابن عرفة وهو الصواب وهو مقتضى الروايات في المدونة اهـ. (بن).

قوله: [ولو خالف العادة]: أي هذا إذا كان الغبن بما جرت به العادة في مغالبة الناس بل ولو كان بما خالف العادة ورد المصنف بـ"لو" قول ابن القصار إنه: يجب الرد بالغبن إذا كان أكثر من الثلث. وقول المتيطي عن بعض البغداديين:

إن زاد المشتري المبيع على قيمته الثلث فأكثر فسخ البيع وكذا إن باع لنقصان الثلث من قيمته فأعلى إذا كان جاهلاً بما صنع وقام قبل مجاوزة العام، وبهذا أفتى المازري وابن عرفة والبرزلي ومشى عليه ابن عاصم في التحفة حيث قال:

ومن بغبن في مبيع قاما ... فشرطه أن لا يجوز العام

وأن يكون جاهلاً بما صنع ... والغبن للثلث فما زاد وقع

وعند ذا يفسخ بالأحكام ... وليس للعارف من قيام

اهـ. لكن رد ابن رشد هذه الأقوال بقوله: وهو غير صحيح، لقوله عليه الصلاة والسلام «لا يبع حاضر لباد دعوا الناس في غفلاتهم يرزق الله بعضهم من بعض».

قوله: [ثم انتقل يتكلم على بيان] إلخ: لما كانت العهدة على قسمين عامة، وهي عهدة الإسلام من درك المبيع من عيب أو استحقاق وهي متولي العقد، إلا الوكيل فلا عهدة عليه في صورتين وإنما هي على الموكل، وهما: أن يصرح بالوكالة أو يعلم العاقد معه أنه وكيل وهذا في غير المفوض. وأما هو فالعهدة عليه لأنه أحل نفسه محل البائع وكذا المقارض والشريك المفوض في الشركة.

وأما القاضي والوصي ففي المدونة: لا عهدة عليهما فيما وليا بيعه والعهدة في مال اليتامى، فإن هلك مال الأيتام. ثم استحقت السلعة فلا شيء على الأيتام، والقسم الثاني: عهدة الرقيق وهي التي شرع فيها المصنف.

قوله: [وهو الإلزام]: أي إلزام الغير شيئاً كإلزام الحاكم غيره شيئاً.

وقوله: [والالتزام]: أي التزام الشخص لغيره شيئاً. قوله: [وفي العرف تعلق] إلخ: أي والبيع في تلك المدة لازم لا خيار فيه، لكن إن سلم في مدة العهدة علم لزومه المتبايعين وإن أصابه نقص ثبت خيار المبتاع كالعيب القديم.

قوله: [وهي قليلة الضمان]: أي لأن الرد فيها بعيوب ثلاثة فقط.

قوله: [وهي بالعكس]: أي قليلة الزمان كثيرة الضمان لأنه يرد فيها بكل حادث.

قوله: [بالشرط أو العادة]: مثلهما حمل السلطان الناس عليها.

قوله: [فعهدة الثلاث]: تعتبر الثلاثة الأيام بغير يوم البيع إن سبق بالفجر وكذا عهدة السنة وسيأتي ذلك. قوله: [إلا أن يستثنى عيب معين] إلخ: ظاهره كانت مشترطة أو معتادة أو حمل السلطان الناس عليها وخص شمس الدين اللقاني الاستثناء بالمعتادة فقط أما البيع بالبراءة في المشترطة أو المحمول عليها من السلطان فيرد معها بالحادث دون القديم الذي بيع بالبراءة منه. فالأقسام ثلاثة: يرد بالقديم والحادث إن لم يبع البائع ببراءة من القديم وإلا


[قال مُعِدُّ الكتاب للشاملة]
[١] في ط المعارف: (أو عكسه)، ولعلها الصواب.

<<  <  ج: ص:  >  >>