للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولا طول بالمجلس (فإقالة طعام) من سلم تقدم في صدر هذا المبحث أنه لا يجوز فيه التأخير ولا ساعة، إلا أن المفارقة بالبدن لتحصيل الثمن لا تضر إذا لم تطل، وكذا التوكيل على القبض قبل المفارقة.

(فتولية فشركة فيه) أي: في طعام السلم، فمن أسلم في طعام فولاه لغيره أو أشركه فيه اغتفر لمن ولاه أو أشركه تأخير الثمن بعض اليوم، وقيل: يغتفر مفارقة البدن فقط كالذي قبله. والوسع فيه عما قبله باعتبار أن القول بجواز تأخير اليوم أو اليومين قوي.

(فإقالة عرض) أي من سلم، فمن أسلم في عرض ثم أقال بائعه فلا بد من تعجيل رد مال السلم، وإلا لزم فسخ الدين في الدين، وقد يجوز التأخير نحو الساعة العرفية.

(و) مثله (فسخ دين في دين) صريحاً، كأن تطالبه بدين عليه عين مثلاً فيعطيك في نظيره ثوباً أو عبداً وبالعكس، فلا بد من التعجيل كالذي قبله وقد يغتفر نحو الذهاب للبيت. ووسعه من حيث إن الخلاف بجواز اليوم ونحوه قوي.

(فبيعه به) أي بيع الدين بالدين كبيع عرض من سلم لغير من هو عليه، فلا بد فيه من تعجيل ثمنه كالذي قبله، ووسعه باعتبار أن الخلاف فيه قوي فلا يجوز اليوم ونحوه في الجميع على ما هو المعتمد.

(فابتداؤه): أي الدين بالدين، فإنه أوسع مما قبله حقيقة؛ لجواز تأخير رأس السلم بشرط الثلاثة الأيام، فعلم أن الأضيق حقيقة الصرف، والأوسع حقيقة ابتداء الدين بالدين، وأن ما بينهما على ما هو المعتمد رتبة واحدة والتوسعة فيها باعتبار أن مقابل المعتمد فيها قوي. ومن قلد عالماً في قوله المعتبر عند أهل العلم لقي الله سالماً، والله أعلم.

(فصل)

في بيان حكم بيع المرابحة وبيان حقيقته

(المرابحة: وهي بيع ما اشترى) من إضافة المصدر لمفعوله: أي إن حقيقتها أن يبيع بائع شيئاً اشتراه بثمن معلوم (بثمنه) الذي اشتراه به (وربح): أي مع زيادة ربح (علم) لهما فخرج جميع أنواع البيع من صرف ومبادلة ومراطلة وسلم وشركة، وكذا الإجارة والمساقاة.

(جائزة) خبر لقوله المرابحة، والمراد بالجواز خلاف الأولى، ولذا قال الشيخ: "والأحب خلافه"، والمساومة أحب إلى أهل العلم من بيع المزايدة وبيع الاستئمان والاسترسال، وأضيقها عندهم بيع المرابحة؛ لأنه يتوقف على أمور كثيرة قل أن يأتي بها البائع على وجهها.

ــ

قوله: [ولا طول بالمجلس]: أي بعد العقد وقبل الاصطراف.

قوله: [فإقالة طعام من سلم]: إنما قيد الشارح الإقالة المذكورة بكون الطعام من سلم لأن الإقالة في الطعام إذا كان من بيع سواء وقعت قبل قبضه أو بعده يجوز فيها تأخير رد الثمن ولو سنة كما قاله في حاشية الأصل نقلاً عن تقرير شيخ مشايخنا العدوي والعلة في منع التأخير في الإقالة من طعام السلم تأديته إلى فسخ الدين في الدين مع بيع الطعام قبل قبضه ولا يقال إنها حل بيع لأننا نقول هذه الإقالة

لما قارنها التأخير عدت بيعاً لخروجها عن مورد الرخصة.

قوله: [فتولية فشركة فيه] علة منع التأخير فيما ذكر تأديته إلى بيع الدين بالدين مع بيع الطعام قبل قبضه لأن المولي والمشرك بالكسر باع الطعام الذي في ذمة المسلم إليه بالثمن الذي لم يأخذه من المولى والمشرك بالفتح فيهما ولما كان مجموع علتين كان أضيق مما بعده.

قوله: [والأوسع حقيقة ابتداء الدين] إلخ: أي لجواز التأخير فيه ثلاثة أيام باتفاق ووجوب التعجيل في الصرف وعدم جواز التأخير.

وقوله: [وأن ما بينهما على ما هو المعتمد في رتبة واحدة]: أي وهو جواز التأخير للذهاب لنحو البيت. قوله: [على ما هو المعتمد]: أي فالمعتمد أن التوسعة فيه باعتبار قوة الخلاف وضعفه لا باعتبار اتساع الزمن

فصل في بيان حكم بيع المرابحة

لما كان البيع ينقسم إلى بيع مساومة كبيع المالك بغتة لمن يشتري منه، واستئمان كـ: بعني كما تبيع للناس، ومزايدة كبيع الدلال في التركات أو على التجار، ومرابحة وهو المقصود هنا فلذلك تعرض لأحكامه.

قوله: [حكم بيع المرابحة]: سيأتي أنها جائزة وقوله وبيان حقيقته أي تعريفه.

قوله: [وربح]: هذا يقتضي أن البيع على الوضيعة والمساواة لا يقال له مرابحة. والظاهر أن إطلاق المرابحة عليهما حقيقة عرفية وأجيب بأن هذا تعريف للنوع الغالب في المرابحة الكثير الوقوع لا تعريف لحقيقتها الشاملة للوضيعة أو المساواة وقد عرف ابن عرفة حقيقتها: بأنها بيع مرتب ثمنه على ثمن مبيع تقدمه غير لازم مساواته له. فقوله: غير لازم مساواته له صادق بكون الثاني مساوياً للأول أو أزيد أو أنقص منه، قال: فخرج بالأول المساومة والمزايدة والاستئمان، وخرج بالثاني الإقالة والتولية والشفعة والرد بالعيب على القول بأنها بيع.

قوله: [والمراد بالجواز خلاف الأولى]: وليس المراد بالجواز الكراهة ومراد خليل بقوله: والأحب خلافه، خصوص بيع المساومة فهو من قبيل العام الذي أريد به الخصوص بدليل قول الشارح والمساومة أحب إلخ.

قوله: [والاسترسال]: عطف مرادف على ما قبله وإنما كانت المساومة أحب لما في المزايدة من السوم على سوم الأخ المنهي عنه ولما في الاستئمان

<<  <  ج: ص:  >  >>