للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ويجوز بيع المرابحة (ولو على عوض مضمون) أي موصوف نقده في سلعة وأولى مقوم معين فمن ابتاع سلعة بحيوان أو عرض موصوف أو معين ونقده فيها جاز أن يبيعها مرابحة على ما نقد لا على قيمته إذا وصفه للمشتري عند أبي القاسم ومنعه أشهب؛ فقولنا: "مضمون": أي موصوف نص على المتوهم، فأولى إن كان العوض معيناً، كهذا الثوب. وقول الشيخ: "مقوم" صادق بهما، والمراد أنه نقد فيها العوض وليس المراد أنه في الذمة إذ ما لم يبرز في الخارج لا تصح مرابحة عليه.

(وحسب) البائع على المشتري (إن أطلق) في الربح حال البيع من غيره بيان ما يربح له وما لا يربح بل وقع على ربح العشرة أحد عشر مثلاً (ربح، ماله عين قائمة) بالسلعة أي مشاهدة بالبصر (كصبغ وطرز وقصر وخياطة وفتل) لحرير ونحوه وغزل (وكمد) بسكون الميم أي دق الثوب لتحسينه (وتطرية) أي جعل الثوب في الطراوة ليلين وتذهب خشونته، وكذا عرك الجلد المدبوغ ليلين. ومحل "حسب" ما ذكر إن كان استأجر عليه، لا إن كان من عنده قال ابن يونس: لو كان هو الذي يتولى الطرز والصبغ ونحو ذلك لم يجز أن يحسب، فإذا لم يكن له عين قائمة حسب أصله فقط دون ربحه إن زاد في الثمن.

وإليه أشار بقوله: (و) حسب (أصل ما زاد في الثمن) دون ربحه ولم يكن له عين قائمة (كأجرة حمل) من مكان لآخر إذ [١] كانت السلع في المكان المنقولة إليه أغلى من المنقولة منه.

(و) أجرة (شد وطي) للثياب ونحوها أو للأحمال (اعتيد أجرتهما) بأن لم تجر العادة بأنه هو الذي يتولى ذلك (وكراء بيت للسلعة فقط، وإلا) يعتد أجرتهما بأن جرت بأن البائع هو الذي يتولاهما بنفسه، ولم يكن البيت لخصوص السلعة بل لها ولربها (فلا) يحسب أصل ولا ربح، كما لو تولى ما ذكر بنفسه. وأما السمسار، فإن اعتيد بأن كان المبتاع مثله لا يشتري إلا بسمسار فقال أبو محمد وابن رشد يحسب أصله دون ربحه، وقال ابن محرز: يحسب ربحه أيضاً، والمعتمد الأول، وإن لم يعتد بأن كان شأن المبتاع يتولى الشراء بنفسه لم يحسب ما أخذه ولا ربحه قطعاً. وشذ من خالف.

ــ

من الجهل والخطر ولتوقف المرابحة على أمور كثيرة.

قوله: [ولو على عوض]: صوابه مقوم كما قال خليل؛ أي هذا إذا كان ثمن السلعة المبيعة مرابحة عيناً بل ولو كان على مقوم وفيه رد على أشهب كما سيأتي.

قوله: [ومنعه أشهب]: أي إذا كان المقوم الموصوف ليس عند المشتري مرابحة لما فيه من سلم الحال، لأن دخول البائع على أن المشتري يدفع له المقوم الموصوف الآن هو عين السلم الحال، وهو باطل عندنا: واختلف: هل ابن القاسم يجوز هذه المسألة؟ فيكون بينه وبين أشهب خلاف، أو يمنعها فيكون موافقاً؟ ومحل الخلاف بينهما في مقوم مضمون ليس عند المشتري ولكن يقدر على تحصيله وإلا لمنع اتفاقاً كما يتفقان على المنع في مقوم معين في ملك الغير لشدة الغرر، وأما مضمون أو معين في ملكه فيتفقان على جوازه فالصور خمس: الأولى: مقوم مضمون ليس عند المشتري ولكن يقدر على تحصيله. والثانية: مثلها لكن لا يقدر على تحصيله. والثالثة: معين في ملك الغير. والرابعة: مضمون في ملكه. والخامسة: معين في ملكه.

قوله: [والمراد أنه نقد فيها العوض]: يعني أن بائع المرابحة نقد العوض الذي يبيع عليه مرابحة لمن اشترى منه.

قوله: [وحسب البائع على المشتري] إلخ: حاصله أنه إذا وقع البيع على العشرة أحد عشر، فإنه يحسب على المشتري ثمن السلعة وربحه ويحسب عليه أيضاً أجرة الفعل الذي لأثره عين قائمة وربحها. واعلم أن قول المصنف: "وحسب" إلخ في حالتين: ما إذا بين البائع جميع ما لزم تفصيلاً، إما ابتداء، أو بعد الإجمال. كأن يقول: قامت علي بمائة ثم يفصل ولم يبين ما يربح له وما لا يربح له ولم يشترط ضرب الربح لا على الكل ولا على البعض، بل قال: أبيع على المرابحة العشرة أحد عشر مثلاً، وبقي ما إذا شرط. وتحته أربع صور، لأنه: إما أن يشرط ضرب الربح على الكل أو البعض، وفي كل: إما أن يكون ذلك بعد تفصيل ما لزم ابتداء. أو بعد تفصيله بعد الإجمال، فيعمل بالشرط في الصور الأربع كما في الحاشية.

قوله: [كصبغ]: بفتح الصاد: مصدر ليناسب ما بعده وهو مثال للفعل الذي لأثره عين قائمة ويصح قراءته بالكسر: أي الأثر فعلى هذا يحتاج لتقدير في الكلام أي كعمل صبغ.

قوله: [ونحوه]: أي كقطن وكتان وقوله وغزل هو نوع آخر غير الفتل.

قوله: [إن كان استأجر عليه]: أي ولو كان شأنه عمل ذلك بنفسه.

قوله: [حسب أصله فقط]: أي حسب أجرة الفعل الذي زاد في الثمن وليس لأثره عين قائمة فيعطي للبائع تلك الأجرة مجردة عن الربح.

قوله: [إذا كانت السلع] إلخ: أي حيث إن الحمل زادها ثمناً، والموضوع أنه استأجر عليه وأما لو حمله بنفسه فلا يحسب له أجرة وكذا يقال في الشد والطي.

قوله: [بأن لم تجر العادة] إلخ: حاصله أنه متى كان شأنه تعاطيه بنفسه فلا يحسب أجرتهما ولا ربحه ولو آجر عليه وهذا بخلاف الفعل الذي لأثره عين قائمة فإنه متى آجر عليه حسب الأجرة وربحها ولو كان شأنه يتولى ذلك بنفسه والفرق أن ما لا عين له قائمة لا يقوى قوة ما له عين قائمة، كما قرره الأشياخ.

قوله: [وإن لم يعتد] إلخ: حاصل ما ذكروه في السمسار إذا لم يعتد، أنه إذا كان بائع المرابحة من الناس الذين


[قال مُعِدُّ الكتاب للشاملة]
[١] في ط المعارف: (إذا).

<<  <  ج: ص:  >  >>