للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(أو) شرط (إن لم يأت بالثمن لكذا) نحو لآخر الشهر أو لعشرة أيام (فلا بيع) بيننا، فيلغى الشرط ويصح البيع وغرم الثمن الذي اشترى به قاله في المدونة. فهذه الأشياء يصح فيها البيع بعد الوقوع ويبطل فيها الشرط.

قال ابن رشد: الشروط المشترطة في البيوع على مذهب مالك رحمه الله تعالى أربعة أقسام: قسم يفسد البيع من أصله. وهو: ما أدى إلى خلل في شرط من الشروط المشترطة في صحة البيع. وقسم يفسد البيع ما دام المشترط متمسكاً بشرطه كشرط بيع وسلف، وقسم يجوز فيه البيع والشرط إذا كان الشرط جائزاً لا يؤدي لفساد ولا حرام، وقسم يمضي فيه البيع ويبطل الشرط، وهو ما كان الشرط فيه حراماً إلا أنه خفيف لم يقع عليه حصة من الثمن. اهـ.

ولما قدم أنه يدخل البذر في بيع الأرض دون الزرع، ويدخل الثمر الغير [١] المؤبر دون المؤبر في بيع الشجر، شرع في الكلام على بيعهما منفردين، فقال: (وصح بيع ثمر) بفتح المثلثة والميم من بلح ورمان وتين وعنب وإجاص وخوخ ونارنج وغير ذلك (وزرع) كقمح وشعير وفول وكتان وجزر وخس وفجل وغيرها (إن بدا صلاحه) فبدوُّ الصلاح شرط في صحة البيع إذا بيع منفرداً عن أصله (أو مع أصله) من شجر أو أرض وإن لم يبد صلاحه، لأنه صار تابعاً للأصل في البيع إذا وقع العقد عليهما معاً (أو ألحق) الثمر أو الزرع (به) أي بالأصل بأن يشتري الشجر أو الأرض [٢] ثم بعد ذلك يشتري الثمر أو الزرع. فيجوز وإن لم يبد صلاحهما (أو) بيعه قبل بدو صلاحه (بشرط قطعه) في الحال أو في مدة قريبة لا ينتقل فيها الثمر أو الزرع من طور لآخر، فيجوز بشرطين أشار لهما بقوله:

(إن نفع): أي إن كان ينتفع به لو قطع لأكل أو علف أو دواء لا إن لم ينفع لفقد شرط صحة البيع (واحتيج له): لأكله أو غيره، (لا) يصح بيع ما ذكر قبل بدو صلاحه (على التبقية أو) على (الإطلاق) من غير بيان قطع ولا تبقية.

(وبدوه): أي الصلاح (في بعض) من ذلك النوع

ــ

قوله: [أو شرط إن لم يأت بالثمن لكذا] إلخ: صورتها كما قال بعضهم: أن يقول البائع: بعتك بكذا الوقت كذا، أو على أن تأتيني بالثمن في وقت كذا، فإن لم يأت به في ذلك الوقت فلا بيع بيننا مستمر. قال في التوضيح: ذكر ابن لبابة عن مالك في هذه المسألة ثلاثة أقوال: صحة البيع وبطلان الشرط، وصحتهما وفسخ البيع، والذي اقتصر عليه في المدونة الأول، ونصها آخر البيوع الفاسدة: ومن اشترى سلعة على أنه إن لم ينقد ثمنها إلى ثلاثة أيام وفي موضع آخر إلى عشرة أيام فلا بيع بينهما فلا يعجبني أن يعقد على هذا فإن نزل ذلك جاز البيع وبطل الشرط وغرم الثمن. اهـ.

قوله: [وهو ما أدى إلى خلل في شرط]: أي كشرط عدم الطهارة أو كونه مجهولاً.

قوله: [كشرط بيع وسلف]: أي وشرط ألا يبيعها أو لا يطأها من كل شرط ينافي المقصود من البيع.

قوله: [وقسم يمضي فيه البيع] إلخ: كالمسائل المتقدمة في قوله كشرط ما لا غرض فيه.

قوله: [وصح بيع ثمر]: حاصل ما ذكره المصنف أن الثمار والحبوب والبقول لا يصح بيعها إلا إذا بدا صلاحها أو بيعت مع أصلها أو ألحقت بأصلها أو بيعت على الجذ بقرب إن نفع واحتيج له ولم يكثر ذلك بين الناس. فإن تخلف شرط من هذه الثلاثة منع بيعه على الجذ كما يمنع على التبقية أو الإطلاق.

قوله: [إن بدا صلاحه]: بلا همز لأنه من البدو بمعنى الظهور لا من البدء وإنما عبر المصنف بالصحة ليعلم بالصراحة عدم الصحة في المفهوم ولو عبر بالجواز لم يستفد ذلك منه صراحة.

قوله: [أو مع أصله]: معطوف على الشرط والمعنى أنه يكفي في بيع الثمر والزرع أحد أمور إما بدو الصلاح أو بيعه مع أصله أو إلحاق الثمر أو الزرع بأصله أو على القطع بشروطه الآتية فواحد من هذه الأربعة كاف.

قوله: [أو ألحق الثمر أو الزرع به]: أي وأما عكس ذلك كما إذا بيع الثمر أو الزرع أولاً ثم ألحق أصله به فممنوع لفساد البيع الأول حيث لم يكن بدا صلاحه ولا يلحق بالثاني لتأخره عنه.

قوله: [فيجوز بشرطين]: بقي شرط ثالث: وهو أن لا يتمالئوا عليه أي لم يقع من أهل المحل ذلك بكثرة فإن تمالأ أهل المحل ولو باعتبار العادة منع بيعه قبل بدو صلاحه.

قوله: [على التبقية أو على الإطلاق]: أي فلا يصح مطلقاً كان الضمان من البائع أو المشتري، اشتراه بالنقد أو النسيئة. هذا ظاهره وهو المعتمد كما في الحاشية نقلاً عن (ح). وقيد اللخمي والسيوري والمازري المنع بكون الضمان من المشتري أو من البائع والحال أنه بالنقد للتردد بين السلفية والثمنية، فإن كان الضمان من البائع والبيع بالنسيئة جاز. واختار (بن) هذا التقييد ووافقه في المجموع. وقد ذكر المواق هنا فروعاً عن ابن رشد من سماع عيسى ونصه: إذا اشترى الثمرة على الجذ قبل بدو الصلاح ثم اشترى الأصل جاز له بقاؤها بخلاف ما إذا اشتراها على التبقية ثم اشترى الأصل فلا بد من فسخ البيع فيها لأن شراءها كان فاسداً فلا يصلحه شراء الأصل، فإن صار إليه الأصل بميراث من بائع الثمرة لم ينفسخ شراؤها، إذ لا يمكن أن يردها على نفسه فإن ورثه من غير بائع الثمرة وجب الفسخ فيها. ولو اشترى الثمرة قبل الإبان على البقاء ثم اشترى الأصل فلم يفطن لذلك حتى أزهت، فالبيع ماض


[قال مُعِدُّ الكتاب للشاملة]
[١] في ط المعارف: (غير).
[٢] قوله: (أو الأرض) في ط المعارف: (والأرض).

<<  <  ج: ص:  >  >>