للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولو نخلة (كاف في) جواز بيع الجميع من (جنسه) لا في غير جنسه، فلا يباع رمان ببدو صلاح بلح أو تين (إن لم يكن) ما بدا صلاحه (باكورة) فإن كانت باكورة سبق طيبها على غيرها بزمن طويل لم يجز بيع الباقي بطيبها (وكفى فيها) فقط (لا) يصح بيع (بطن ثان) من الثمار (بطيب) بطن (أول) مما له بطون، كالموز والجميز والنبق فمن باع البطن الأول لبدو صلاحه ثم ظهر البطن الثاني لم يجز بيعه إلا إذا بدا صلاحه أيضاً، ولا يعتمد في جواز بيعه بطيب الأول.

ثم شرع في بيان بدو الصلاح في الثمار وغيرها فقال: (وهو) أي بدو الصلاح (الزهو) في البلح باصفراره أو احمراره وما في حكمها كالبلح الخضراوي (وظهور الحلاوة) في غيره كالعنب والتين ونحوهما (والتهيؤ للنضج) كأن يميل إذا قطع إلى صلاح كالموز؛ لأن شأنه ألا يطيب إلا بعده [١] جذه وربما دفن في نحو تبن.

(و) بدو الصلاح (في ذي النور) بفتح النون: وهو الزهر كالورد والياسمين ولفظ ذي زائدة (بانفتاحه) أي انفتاح أكمامه وظهور ورقه منها.

(وفي البقول) كالفجل والكراث والجزر (بإطعامها): أي بلوغها حد الإطعام (وفي البطيخ) الأصفر أو غيره (بكالاصفرار)، ومثل الاصفرار في غير الأصفر تهيؤه للنضج بدخول الحلاوة فيه وتلون لبه وفي القثاء والخيار ببلوغهما حد الإطعام.

(وفي الحب بيبسه) المراد به غاية الإفراك وبلوغه حداً لا يكبر بعده عادة (ومضى بيعه): أي الحب فلا يفسخ (إن أفرك) ولم ييبس وإن كان لا يجوز ابتداء (بقبضه) قال في المدونة: أكرهه، فإن وقع وفات فلا أرى أن يفسخ. اهـ. قال عياض: اختلف في معنى الفوات هنا فقال أبو محمد إنه القبض وعليه اقتصرت المدونة، ومثله في كتاب ابن حبيب، وذهب غير أبي محمد إلى أن الفوات بالعقد، وقيل: بيبسه وهذا إذا اشتراه على أن يتركه حتى ييبس أو كان العرف ذلك وإلا فالبيع جائز. والمراد بيعه جزافاً مع سنبله، وأما بيعه مجرداً عن سنبله، فقبل اليبس لا يجوز ويفسخ مطلقاً وبعد اليبس يجوز

ــ

وعليه قيمة الثمرة لأنه بشراء الأصل كان قابضاً للثمرة وفاتت بما حصل فيها عنده من الزهور. فلو اشترى الثمرة قبل الإبان ثم اشترى الأصل قبل الإبان أيضاً فسخ البيع فيهما، لأنه بمنزلة من اشترى نخلاً قبل الإبان على أن تبقى الثمرة للبائع وهو لا يجوز فلو اشترى الأصل بعد الإبانة فسخ البيع في الثمرة فقط. اهـ. نقله محشي الأصل.

تنبيه: ضمان الثمرة في البيع الفاسد من البائع ما دامت في رؤوس الشجر، فإن جذها المشتري رطباً رد قيمتها وثمراً رده بعينه إن كان باقياً، وإلا رد مثله إن علم وقيمته إن لم يعلم. هذا إذا اشترى الثمرة قبل بدو صلاحها على التبقية، وأما لو اشتراها على الإطلاق وجذها فإنه يمضي بالثمن على قاعدة المختلف فيه كذا في (بن).

قوله: [ولو نخلة]: أي ولو في بعض عراجينها.

قوله: [الجميع من جنسه]: أي في ذلك الحائط وفي مجاوره ولو اختلفت أصنافه. وهذا خاص بالثمار كما يؤخذ من قوله: "ولو نخلة" ومثله في الرسالة، فلا يجوز بيع الزرع ببدو صلاح بعضه بل لا بد من يبس جميع الحب لأن حاجة الناس لأكل الثمار رطبة لأجل التفكه بها أكثر ولأن الغالب تتابع طيب الثمار. وليست الحبوب كذلك، لأنها للقوت لا للتفكه قال في حاشية الأصل: وهذا الكلام يفيد أن نحو المقثأة كالثمار.

قوله: [سبق طيبها على غيرها]: تفسير للباكورة.

قوله: [لا يصح بيع بطن ثان]: حاصله: أن الشجر إذا كان يطعم في السنة بطنين متميزين فلا يجوز بيع البطن الثاني بعد وجوده وقبل صلاحه ببدو صلاح البطن الأول، وهذا هو المشهور. وحكى ابن راشد قولاً بالجواز بناء على أن البطن الثاني يتبع الأول في الصلاح. وفي المواق: سمع عيسى بن القاسم: الشجرة تطعم بطنين في السنة بطناً بعد بطن فلا يباع البطن الثاني مع الأول بل كل بطن وحده.

قوله: [لم يجز بيعه إلا إذا بدا صلاحه]: أي والفرض أن البطون متميز بعضها عن بعض كالنبق والجميز، وأما ما لا يتميز بطونه فإنه يجوز أن يباع كله ببدو صلاح البطن الأول لأن طيب الثاني يلحق طيب الأول عادة كما يأتي في قوله: "وللمشتري بطون نحو مقثأة وياسمين".

قوله: [الزهو]: بفتح الزاي وسكون الهاء وبضمها وتشديد الواو.

قوله: [كالبلح الخضراوي]: أي فيكفي ظهور الحلاوة في البلح الخضراوي لكونه دائماً أخضر.

قوله: [وتلون لبه]: أي بالحمرة والسواد.

قوله: [ومضى بيعه]: يعني أن الحب إذا بيع قائماً مع سنبله جزافاً بعد إفراكه وقبل يبسه على التبقية أو كان العرف ذلك، فإن بيعه لا يجوز ابتداء وإن وقع مضى بقبضه بحصاده، وقولنا: قائماً احتراز مما جز كالفول الأخضر والفريك فإن بيعهما جزافاً جائز بلا نزاع لأنه منتفع به.

قوله: [ولم ييبس]: أي لم يبلغ غاية الإفراك.

قوله: [وقيل بيبسه]: أي فيفوت به وإن لم يحصده. وبقي قول رابع: وهو أنه لا يفوت بالقبض بل بمفوت بعده.

قوله: [وإلا فالبيع جائز]: أي وإلا بأن اشتراه على القطع أو الإطلاق أو كان العرف ذلك وكان لمشتريه حينئذ تركه حتى ييبس، كما في سماع يحيى، وكذا في ابن رشد.

قوله: [ويفسخ مطلقاً]: أي بيع جزافاً أو كيلاً على التبقية أو


[قال مُعِدُّ الكتاب للشاملة]
[١] في ط المعارف: (بعد)، ولعلها الصواب.

<<  <  ج: ص:  >  >>