للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(وإشهاد المشتري ببقاء الثمن) في ذمته بأن قال: اشهدوا أن ثمن السلعة التي اشتريتها من فلان في ذمتي (مقتض) عرفاً (لقبض المثمن) فإذا ادعى بعد ذلك أنه لم يقبضه لم يصدق وكان القول للبائع.

(وله) أي للمشتري (تحليف البائع إن قرب) الزمن (من) يوم (الإشهاد، كالعشرة) الأيام (لا الشهر) فليس له تحليفه بل القول للبائع إنه أقبضه السلعة بلا يمين.

(كإشهاد البائع بقبضه): أي الثمن من المشتري (ثم ادعى عدمه) وأنه لم يقبضه، وإنما حملني على الإشهاد بقبضه توثقي به وظني أنه لم ينكر، فله تحليف المشتري إن بادر كالعشر [١] لا أكثر.

(وإن ادعى مشتر بعد إشهاده) على نفسه (بدفع الثمن) للبائع بأن قال: اشهدوا علي بأني دفعته له والبائع حاضر لتتم الشهادة (أنه) معمول لـ "ادعى": أي ادعى أنه (لم يقبض الثمن) من البائع، وادعى البائع إقباضه له، (فالقول له): أي للمشتري بيمينه أنه لم يقبضه (في كالعشرة) الأيام فدون.

(و) القول (للبائع في) البعد (كالشهر - بيمين فيهما): أي في مسألة القول للمشتري ومسألة القول للبائع. هذا قول ابن القاسم، وبه قال بعض الأئمة كابن عرفة وغيره، وتقدم أنه إن أشهد أنه في ذمته، فالقول للبائع مطلقاً، قرب الزمن أو بعد. وللمشتري تحليفه إن بادر، كالعشرة. ولعل الفرق أن الإشهاد على البائع بأنه دفع له الثمن يشعر بأنه لم يقبض السلعة مخافة أنه لو طلبها منه لطالبه بالثمن، بخلاف الإشهاد بأنه في ذمته فإنه يقتضي قبض الثمن كما تقدم، وقال أصبغ: إن الإشهاد بالثمن دفعاً أو في الذمة، مقتض لقبض السلعة، فالقول للبائع مطلقاً. ويمكن حمل كلام الشيخ عليه لأنه أطلق في قوله: "وإشهاد المشتري بالثمن" إلخ ولو لم يذكر بعده الدفع.

(و) إن اختلفا (في البت) والخيار (فلمدعيه): أي فالقول لمدعي البت، لأنه الغالب عند الناس (كمدعي الصحة) القول قوله، دون مدعي الفساد للبيع (إلا أن يغلب الفساد) في شيء - كالصرف والسلم والمساقاة - فإنها لكثرة الشروط فيها يغلب عليها الفساد، فالقول لمدعيه فيها ما لم تقم بينة على الصحة.

(والمسلم إليه؛ إن فات رأس المال): وفواته - إن كان عيناً بالزمن الطويل

ــ

وذلك عامان على قول ابن حبيب، وعشرون على ما لابن القاسم، والأظهر مراعاة أحوال الناس والزمان والمكان. اهـ.

قوله: [وإشهاد المشتري ببقاء الثمن] إلخ: يعني أن المشتري إذا أشهد بأن ثمن السلعة التي اشتراها من فلان باق في ذمته فإن هذا مقتض لقبضه السلعة، فإن ادعى بعد ذلك أن السلعة المبيعة بذلك الثمن لم يقبضها لم يقبل. وله أن يحلف البائع أنه أقبضها له إن بادر.

قوله: [وكان القول للبائع]: أي بيمين إن قرب كالعشرة لا الشهر كما قال الشارح قوله: [كالعشرة الأيام لا الشهر]: قال في الحاشية: وانظر حكم ما بين الجمعة والشهر والظاهر أن ما قارب كلاً يعطى حكم كل وأما المتوسط فالظاهر أنه ليس له تحليفه. اهـ.

قوله: [وظني أنه لم ينكر]: المناسب "لا" بدل "لم".

قوله: [فله تحليف المشتري]: أي حيث لم يعترف البائع بقبض البعض بعد الإشهاد بقبضه، فإن اعترف بقبض بعض الثمن لم يحلف له المشتري ولو بادر لترجح قوله باعتراف البائع بقبض البعض بعد الإشهاد كذا في الحاشية.

قوله: [فإنه يقتضي قبض الثمن] صوابه: المثمن.

قوله: [وقال أصبغ إن الإشهاد بالثمن] إلخ: المعتمد ما قاله ابن القاسم.

قوله: [لأنه أطلق في قوله: وإشهاد المشتري بالثمن]: أي والإطلاق صادق بأن قال: اشهدوا أنه في ذمتي أو أقبضته له.

قوله: [فلمدعيه]: أي ما لم يجر عرف بخلافه؛ كأن جرى العرف بالخيار فقط، وإلا فالقول قول مدعي الخيار. وأما إن اتفقا على وقوع البيع على الخيار لكن ادعاه كل منهما لنفسه، فقيل: يتفاسخان بعد أيمانهما، وقيل: يتحالفان ويكون البيع بتاً. والقولان لابن القاسم والظاهر الأول كما في الحاشية. وهذا ما لم يجر العرف بأن الخيار لأحدهما وإلا عمل به.

قوله: [دون مدعي الفساد]: أي بين وجه الفساد أم لا فات المبيع أم لا، هذا قول بعض القرويين واقتصر عليه (شب) واعتمده بعضهم. وقال أبو بكر بن عبد الرحمن: القول قول مدعي الصحة إن كانت السلعة قد فاتت وإلا تحالفا وتفاسخا، وعليه اقتصر (عب) لكن قد علمت أن ظاهر المصنف وخليل الإطلاق وقد أيده في الحاشية.

تنبيه: هل القول لمدعي الصحة إن لم يغلب الفساد مطلقاً، اختلف الثمن بهما أم لا، أو إنما يكون القول قوله إلا أن يختلف بالصحة والفساد الثمن؟ كدعوى أحدهما وقوعه على الأم أو الولد وادعى الآخر وقوعه عليهما معاً، وكدعوى البائع أن المبيع بمائة والمشتري أنه بقيمته، فكالاختلاف في قدره يتحالفان ويتفاسخان عند قيام السلعة. فإن فاتت صدق المشتري إن أشبه، أشبه البائع أم لا؛ فإن انفرد البائع بالشبه صدق بيمينه وإن لم يشبها حلفا ولزم المبتاع القيمة يوم القبض. وهذا ظاهر حيث كان المشبه مدعي الصحة، وأما إن كان مدعي الفساد فيظهر أنه لا عبرة بشبهه فيتحالفان ويتفاسخان ويلزم القيمة يوم القبض لأنه بيع فاسد، ذكره بعضهم - كذا في الأصل.

قوله [والمسلم إليه] إلخ: حاصل فقه المسألة:


[قال مُعِدُّ الكتاب للشاملة]
[١] في ط المعارف: (كالعشرة).

<<  <  ج: ص:  >  >>