للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

بناء على أن قبض الأوائل قبض للأواخر، وإنما منعت المنافع عن دين لأنه من فسخ الدين في الدين والسلم ابتداء دين في دين وهو أخف من فسخه، واحترز بـ "معين" [١] على المنفعة المضمونة كقوله: أحملك إلى مكة في نظير إردب قمح في ذمتك تدفعه بعد شهر مثلاً.

(و) جاز السلم (بجزاف) بشروطه بجعل رأس مال في شيء معين.

(و) جاز السلم (بخيار) في عقده لهما أو لأحدهما أو لأجنبي (في الثلاث): أي ثلاثة الأيام فقط ولو كان رأس المال عبداً أو داراً على ظاهر المدونة وهو المعتمد. وقال ابن محرز: الخيار يختلف باختلاف رأس المال من رقيق ودار وغيرهما على ما تقدم في باب الخيار. ومحل جوازه في الثلاثة الأيام: (إن لم ينقد) رأس المال ولو تطوعاً وإلا فسد. للتردد بين السلفية والثمنية.

وشرط النقد مفسد وإن لم ينقد ولو أسقط الشرط. ومحل الفساد بالنقد تطوعاً إن كان مما تقبله الذمة، بأن كان لا يعرف بعينه. فإن كان حيواناً معيناً أو ثوباً يعرف بعينه فلا يفسد بنقده تطوعاً لعدم التردد بين السلفية والثمنية.

(و) جاز (رد زائف) وجد في رأس المال ولو بعد طول.

(و) إذا رد (عجل) البدل وجوباً ويغتفر التأخير ثلاثة أيام إن قام بذلك قبل حلول أجل بكثير، فإن قام به بعد الحلول أو قبله باليومين جاز التأخير ما شاء.

(وإلا) يعجل البدل فيما فيه التعجيل (فسد ما يقابله): أي ما يقابل الزائف (فقط) لا الجميع. وهذا حيث كان رأس المال عيناً وقام بحقه في ذلك كما هو ظاهر. فإن سامحه المسلم إليه من الزائف لم يبطل ما قابله.

(و) الشرط الثاني من شروط السلم: (أن لا يكونا طعامين) ربويين أو غيرهما لما فيه من ربا النساء أو هو مع ربا الفضل: كسمن في بر وعكسه (ولا نقدين): كذهب في فضة وعكسه أو ذهب في ذهب أو فضة في فضة.

(ولا شيئاً في أكثر منه): كثوب في ثوبين من جنس (أو) في (أجود) منه لما فيه من سلف بزيادة (كالعكس) وهو سلم شيء في أقل منه أو أدنى من جنسه

ــ

أو عرضاً - ملحقة بالعين فلا بد من قبضها حقيقة أو حكماً، وقبضها بقبض أصلها ذي المنفعة أو الشروع في استيفائها منه، فلا بد من قبض أصلها حين العقد أو قبل مجاوزة أكثر من ثلاثة أيام.

قوله: [بناء على أن قبض الأوائل] إلخ: بل الشروع في قبضها كاف، ولو قلنا: إن قبض الأوائل ليس قبضاً للأواخر؛ لأن غاية ما فيه ابتداء دين بدين وقد استخفوه في السلم، كذا قيل.

قوله: [تدفعه بعد شهر مثلاً]: محل منع السلم بالمنافع المضمونة ما لم يشرع المسلم إليه في استيفائها، وإلا جاز كما في الخرشي تبعاً للقاني قال (بن) وهو الظاهر، وإذا كان كذلك فلا فرق بين المعينة والمضمونة؛ وقال الأجهوري: لا يجوز بالمنافع المضمونة مطلقاً ولو شرع فيها متمسكاً بظاهر النقل واقتصر عليه (عب) وشارحنا واعتمده بعضهم كما قال في الحاشية.

تنبيه: لو وقع السلم بمنفعة معين، وتلف ذو المنفعة قبل استيفائها رجع المسلم إليه على المسلم بقيمة المنفعة التي لم تقبض ولا يفسخ العقد، قياساً للمنفعة على الدراهم الزائفة، فهذه مستثناة من قولهم في الإجارة: "وفسخت بتلف ما يستوفى منه لا به".

قوله: [بشروطه]: أي المتقدمة في قول خليل "رئي إن" إلخ. وجاز أن يكون رأس المال جزافاً بالشروط ولو نقداً مسكوكاً حيث يجوز بيعه جزافاً، وذلك في متعامل به وزناً فقط.

قوله: [يجعل رأس مال]: وأما جعله مسلماً فيه فلا يصح، لأن من جملة شروطه: أن يرى حين العقد وهو متعذر هنا.

قوله: [وقال ابن محرز]: هو ضعيف، فقد رده عياض وابن عرفة كما قال الحطاب.

قوله: [إن لم ينقد رأس المال ولو تطوعاً]: وتقدمت هذه المسألة مع نظائرها في باب الخيار.

قوله: [وجاز رد زائف] إلخ: أي جاز للمسلم إليه رد الزائف المغشوش بأن يكون الذهب أو الفضة مخلوطين بنحاس أو رصاص، وأما لو وجد المسلم إليه في رأس المال نحاساً أو رصاصاً خالصاً فلا يجوز له رده على المسلم وأخذ بدله، بل يفسد مقابله حيث لم يرض به كما قاله سحنون، وهو المعتمد. وظاهر المدونة عند أبي عمران: أن ذلك مثل المغشوش فيجوز للمسلم إليه رده على المسلم وأخذه بدله، ويجب على المسلم أن يعجل له البدل وإلا فسد ما يقابله، وظاهر شارحنا يوافق المدونة.

قوله: [قبل حلول أجل]: هكذا نسخة الأصل والمناسب: أجله.

قوله: [ألا يكونا طعامين] إلخ: فلا يجوز أن تقول لآخر أسلمك إردب قمح في إردب قمح أو فول ولا أسلمك ديناراً في قدر من فضة أو في دينار ما لم يتحد القدر والصنف ويكون بلفظ القرض أو السلف وإلا جاز. واعلم أن الفلوس الجدد هنا كالعين فلا يجوز سلم بعضها في بعض.

قوله: [لما فيه من ربا النساء]: أي عند تماثل رأس المال والمسلم فيه.

قوله: [أو هو مع ربا الفضل]: أي إن حصلت زيادة وكان الطعام ربوياً.

قوله: [لا نقدين]: أي سواء تساويا رأس المال والمسلم فيه أو زاد أحدهما على الآخر.

قوله: [كثوب في ثوبين]: أي أو كسلم قنطار كتان في قنطارين وإردب في إردبين.

قوله: [أو في أجود منه]: أي كثوب


[قال مُعِدُّ الكتاب للشاملة]
[١] في ط المعارف: (بعين).

<<  <  ج: ص:  >  >>