لما فيه من ضمان بجعل.
ثم استثنى من قوله: "ولا شيئاً في أكثر" إلخ قوله: (إلا أن تختلف المنفعة) في أفراد الجنس الواحد فيصير كالجنسين فيجوز في الأكثر والأجود (كفاره الحمر): جمع حمار. والفاره: سريع السير يجوز سلمه (في) المتعدد من الحمر (الأعرابية): أي الضعيفة السير.
(وسابق الخيل) يجوز سلمه (في) المتعدد من (الحواشي) منها وعكسه. (وجمل): أي بعير (كثير الحمل: أو سابق في) متعدد من (غيره) من الضعاف.
واعلم أن التعدد لا يشترط، وقد عبرت المدونة بالإفراد كما عبرت بالجمع، وكلام اللخمي يفيد أنه لا يشترط اختلاف العدد إلا إذا ضعف اختلاف المنفعة، أما إذ قوي اختلاف المنفعة فيجوز السلم ولو اتحد العدد، فإنه قال: الإبل صنفان صنف يراد للحمل وصنف يراد للركوب لا للحمل، وكل صنف منهما صنفان: جيد وحاشي؛ فيجوز أن يسلم ما يراد للحمل فيما يراد للركوب، فيجوز جيد أحدهما في جيد الآخر والجيد في الرديء والرديء في الرديء، اتفق العدد أو اختلف. وأما إذا كانت كلها تراد للحمل أو الركوب فلا يجوز أن يسلم الجيد بالرديء ولا عكسه وجاز أن يسلم جيد في حاشيين فأكثر وعكسه اهـ.
(و) نحو (قوة البقرة) ذكراً أو أنثى على العمل من حرث ودرس وطحن، فيسلم قويها في ضعيفها وعكسه. (وكثرة لبن الشاة) أو قلته فيسلم أحدهما في الآخر لأن المقصود من الشياه اللبن (إلا الضأن) فكثرة اللبن فيها لا يلتفت له (على الأصح): لأن المقصود منها الصوف لا اللبن
ــ
رديء في جيد وقنطار كتان رديء في أجود.
قوله: [لما فيه من ضمان بجعل]: أي من تهمة ضمان بجعل؛ فإذا أسلمت ثوبين من ثوب فكأن المسلم إليه ضمن للمسلم ثوباً منهما للأجل وأخذ الثوب الآخر في نظير ضمانه، وإنما اعتبروها هنا وألغوها في بيوع الآجال؛ لأن تعدد العقد هناك أضعفها.
قوله: [إلا أن تختلف المنفعة]: اعلم أن المسألة ذات أحوال أربعة: لأن رأس المال والمسلم فيه: إما أن يختلفا جنساً ومنفعة معاً، ولا إشكال في الجواز؛ كسلم العين في الطعام، والطعام في الحيوان، وإما أن يتفقا معاً، ولا إشكال في المنع إلا أن يسلم الثمن في مثله فيكون قرضاً، وإما أن يتحد الجنس وتختلف المنفعة وهو المراد هنا، وإما أن تتحد المنفعة ويختلف الجنس - كالبغال والبراذين من الخيل - وفيه قولان. فمن منع نظر إلى أن المقصود من الأعيان منافعها، ومن أجاز نظر إلى اختلاف الجنس وهو الراجح كما يأتي في قول المصنف، ولو تقاربت المنفعة كذا في (بن).
قوله: [أي الضعيفة السير]: أشار بهذا إلى أن المراد بالأعرابية ضعيفة السير سواء كانت منسوبة للأعراب أي سكان البادية أو كانت غير ذلك لا خصوص المنسوبة للأعراب، وإلا لاقتضى أنه لا يجوز سلم حمار سريع السير في متعدد من المصرية ضعيف غير سريع كحمير الجباسة والترابة، وليس كذلك، بل هو جائز على المعتمد إذ المدار على الاختلاف في المنفعة.
قوله: [وسابق الخيل] إلخ: اعلم أن الخيل إما أعرابية وهي: ما كان أبوها وأمها من الخيل، وإما أعجمية وهي البرذونة وهي: ما كان أبوها من الخيل وأمها من البقر. والعربية قسمان: منها ما كان متخذاً للرماحة والجري وحسنها بكثرة سبقها لغيرها، ومنها ما هو متخذ للهملجة أي للمشي بسرعة كالرهوان وحسنها سرعة مشيها. وأما الأعجمية فهي متخذة للحمل فتارة تكون كثيرة الهملجة وتارة لا تكون كذلك ولا جري فيها. فالهملجة يتصف بها كل من الأعجمية والعربية. إذا علمت ذلك فيجوز سلم أحد النوعين الأعرابيين في الآخر الواحد في اثنين أو في واحد على ما مر، ويجوز سلم كل واحد من النوعين في النوع الثالث الذي هو البرذونة الواحد في اثنين وعكسه.
قوله: [أي بعير]: إنما فسره به ليشمل الذكر والأنثى.
قوله: [فيجوز جيد أحدهما] إلخ: أي فالمدار على قوة اختلاف المنفعة، ولو كان جيد في جيد أو رديء في رديء، اتحد أو تعدد، ومن باب أولى رديء في جيد وعكسه.
قوله: [للحمل أو الركوب]: "أو" مانعة خلو فتجوز الجمع.
قوله [وجاز أن يسلم جيد في حاشيين] إلخ: أي والموضوع أن كلاً يراد للحمل أو الركوب واختلافهما إنما هو بالجودة والرداءة فيجوز إسلام الواحد في المتعدد كجيد في حاشيين فأكثر وحاشيين فأكثر في جيد، ولا يجوز أن يسلم واحد في واحد تقدم الجيد أو الرديء لأنه سلف جر نفعاً - وإن تقدم الرديء - وضمان بجعل إن تقدم الجيد كذا في (بن).
قوله: [فيسلم قويها في ضعيفها]: أي فيجوز أن يسلم ثور قوي على العمل في اثنين ضعيفين لا قوة لهما مثله على العمل. ومقتضى ما تقدم عن اللخمي: أنه لا يشترط التعدد في سلم البقرة متى تباينت المنافع كما إذا كان أحدهما يراد للحرث والآخر يراد للبن أو للذبح. وأما إن اتحدت المنافع - كما إذا كان كل يراد للحرث وحصل اختلاف بالقوة - فلا بد من الاختلاف بالتعدد.
قوله: [وكثرة لبن الشاة]: أي فيجوز سلم شاة كثيرة اللبن في اثنتين ليس فيهما كثرة لبن، ولا مفهوم للشاة بل كذلك يقال في الجاموس والبقر.
قوله: [إلا الضأن]: هذا خلاف ظاهر المدونة، ونصها: لا يجوز أن يسلم ضأن الغنم في معزها ولا العكس إلا شاة غزيرة اللبن موصوفة بالكرم فلا بأس أن تسلم في حواشي الغنم؛ فظاهرها شمول