للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

(وكصغيرين) من كل جنس يجوز سلمهما (في كبير) من جنسه (وعكسه) باتفاق التأويلين (أو صغير في كبير) وعكسه، يجوز على أرجح التأويلين (إن لم يؤد إلى المزابنة بطول الزمان): أي الأجل المضروب إلى أن يصير فيه الصغير كبيراً أو يلد فيه الكبير صغيراً، فيصير ضماناً بجعل في الأولين من المسألتين ويؤدي إلى الجهالة في الثانية، وهي مسألة العكس في الفرعين. فقوله: "إن لم" إلخ راجع لما بعد الكاف.

(بخلاف صغير الآدمي والغنم وطير الأكل): كالدجاج والحمام والإوز، فلا يسلم كبير كل في صغيره ولا عكسه، اتحد عدد كل أو اختلف لعدم اعتبار الصغر والكبر فيها. ورأى الباجي: أن صغير الآدمي جنس مخالف لكبيره لاختلاف المنافع.

(وكجذع طويل غليظ في) جذع أو جذوع (غيره) من القصار الرقاق، فيجوز. وظاهر: أنه لا بد من الوصفين فلا يكفي أحدهما، وهو كذلك خلافاً لابن الحاجب (وسيف قاطع) لجودة جوهريته يجوز سلمه (في أكثر دونه) في القطع والجودة (وكطير علم) صنعة شرعية كالصيد فيسلم في غيره مفرداً ومتعدداً (أو آدمي) علم صنعة شرعية (بكنسج) وخياطة وطرز (وطبخ إلا) الصنعة (السهلة كالكتابة والحساب والغزل): فلا تنقل عن الجنس (إن لم تبلغ النهاية) فإن بلغتها جاز (فكالجنسين) راجع لقوله: "إلا أن تختلف المنفعة" إلخ. أي: فإن اختلفت المنفعة كما ذكر فكالجنسين يجوز سلم أحدهما في الآخر (ولو تقاربت المنفعة) بينهما (كرقيق) ثوب (قطن و) رقيق ثوب (كتان)

ــ

الضأن ولكن المعتمد ما قاله الشارح من أنه لا يشمل الضأن، لأن اللبن فيها كالتابع لمنفعة الصوف، ولأن لبنها غالباً أقل من لبن المعز مع قلة منفعة شعر المعز. فالمقصود من المعز اللبن كما أن المقصود من الضأن الصوف.

قوله: [من كل جنس]: أي ما عدا صغير الآدمي والغنم والطير الذي يراد للأكل كما يأتي على أرجح التأويلين أي وهو ظاهر المدونة. وقد حملها عليه ابن لبابة وابن محرز وغيرهما واختاره الباجي وقال ابن الحاجب: إنه الأصح. وتأولها أبو محمد على عدم الجواز.

قوله: [إن لم يؤد إلى المزابنة]: أي فإن أدى لها منع.

وقوله: [بطول الزمان]: تصوير للتأدية إلى المزابنة، وفيه إشارة إلى أن المراد هنا بالمزابنة الضمان بجعل في الأول والجهالة في الثاني كما أفاده الشارح، وليس المراد بها معناها المتقدم، وهي بيع مجهول بمجهول أو بمعلوم من جنسه، وإن كان يمكن أن تكون هنا من الأول: أعني بيع مجهول بمجهول نظراً لجهل انتفاع المسلم والمسلم إليه برأس المال وبالمسلم فيه.

قوله: [إلى أن يصير] إلخ: بيان لطول الزمان وغاية فيه.

قوله: [أو يلد فيه الكبير صغيراً]: هذا على سبيل الفرض وإن لم يكن شأنه الولادة سداً للذريعة.

قوله: [في الأول من المسألتين]: أي في الأول من كل من المسألتين فتأمل.

قوله: [وهي مسألة العكس في الفرعين]: عكس الأولى كبير في صغيرين وعكس الثانية كبير في صغير.

قوله: [ورأى الباجي] إلخ: قال ابن عبد السلام: هو الصحيح عندي، قال ابن عرفة: وحد الكبير في الرقيق إن فرقنا بين صغيره وكبيره بلوغ سن التكسب بالعمل والتجر، وهو عندي بلوغ خمس عشرة سنة أو الاحتلام.

قوله: [أنه لا بد من الوصفين] أي الطول والغلظ قال في الحاشية: وظاهر المدونة أنه لا بد من تعدد ما يسلم فيه والواجب له لكن قد مر أن المسألة ذات طريقتين، وهما: هل يشترط تعدد المسلم فيه إذا أسلم بعض أفراد الجنس المختلفة المنفعة في بعض أو لا يشترط التعدد؟ وتقدم أن الأرجح عدمه. وقال في الحاشية أيضاً: المعتمد أن الغلظ كاف، وأما الطول وحده فلا يكفي والفرق تيسر قطع الطويل فالمنفعة فيه متقاربة بخلاف الغليظ في رقيقين فإن في نشره كلفة.

قوله: [خلافاً لابن الحاجب]: أي فيكفي عنده أحد الوصفين. واعترضت هذه المسألة: بأن الكبير قد يصنع منه صغار فيؤدي إلى سلم الشيء فيما يخرج منه وهو مزابنة؟ وأجيب: بأن المراد بالجذع المخلوق لا المنجور المنحوت، فإنه يسمى جائزة لا جذعاً، فالكبير لا يخرج منه جذوع بل جوائز، وبأن الكلام في كبير لا يخرج منه الصغير إلا بفساد وهو لا يقصده العقلاء، وبأن المراد بالكبير ما ليس من نوع الصغير كنخل في صنوبر، وهذا الأخير مبني على أن الخشب أجناس وهو الراجح.

قوله: [دونه في القطع والجودة]: أي فلا بد من الوصفين، وأما إن كان دونه في أحدهما فقط فلا يجوز لعدم التباعد. فإن استويا معاً في القطع والجودة منع اتفاقاً فيما إذا كان المقابل متعدداً وجاز في المتحد لأن الشيء في مثله قرض - وإن لم يلفظ بالقرض هنا - لأنه ليس فيه ربا فضل ولا نسيئة. وظاهر شارحنا اشتراط التعدد، وقد تقدم أن الراجح عدمه.

قوله: [كالصيد]: أي وكتوصيل الكتب، واحترز بالشرعية من غيرها كتعليمه الكلام والصياح، فإنه لا يوجب اختلاف المنفعة.

قوله: [مفرداً ومتعدداً]: أي كان من نوعه أو من غير نوعه.

قوله [فإن بلغتها]: فيه ضميران مؤنثان: ضمير الفاعل يعود على الصنعة، والمفعول يعود على النهاية.

قوله: [جاز]: أي جاز سلمها في غير بالغة النهاية، سواء كان المسلم فيه يعرف أصل الصنعة أم لا.

قوله: [ولو تقاربت المنفعة]: أي بخلاف متحد الجنس فلا بد من اختلاف المنفعة كما مر.

<<  <  ج: ص:  >  >>