للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فأولى غليظهما أو رقيق أحدهما في غليظ الآخر.

(ولا عبرة بالذكورة والأنوثة): فلا يسلم ذكر في أنثى ولا عكسه حتى في الآدمي على المشهور. لكن قال كثير من المتأخرين بجوازه في الآدمي لاختلاف المنفعة اختلافاً ظاهراً، فإن الذكر يراد للسفر وللزرع ولما يراد في خارج البيت، والأنثى تراد لما يتعلق بالبيت كالطبخ والعجن والخبز ونحوها، وهو ظاهر؛ لأن اختلاف المنفعة يصير الجنس كالجنسين في الآدمي وغيره كما تقدم فقوله: "ولا عبرة" إلخ. أي مجرد ذكورة وأنوثة (ولا) عبرة (بالبيض): أي بكثرته فلا تسلم دجاجة بيوض في غيرها.

(و) الشرط الثالث: (أن يؤجل) المسلم فيه (بأجل معلوم): لا إن لم يؤجل أو أجل بمجهول (كنصف شهر): خمسة عشر يوماً فأكثر لا أقل. والأيام المعلومة عند الناس كالمنصوصة، كما أشار له بقوله: (وجاز) الأجل (بنحو الحصاد) كالدراس ونزول الحاج والصيف والشتاء (واعتبر) من ذلك (المعظم) لا أوله ولا آخره: أي قوة ذلك الفعل عادة ولو لم يقع.

(واعتبر الأشهر بالأهلة) ناقصة أو كاملة؛ فإذا سميا ثلاثة أشهر وكانا في أثناء شهر، فالثاني والثالث بالأهلة (وتمم المنكسر ثلاثين) يوماً من الرابع، ولا ينظر لنقص الأول.

(و) إن أجل (إلى ربيع) مثلاً (حل) الأجل (بأوله، و) إذا قيل بشرط أن أقبضه (فيه): أي في ربيع مثلاً حل الأجل (بوسطه) ولا يفسد السلم (على الأصح)، وكذا لو قال: في سنة كذا، لم يفسد ويحمل على نصف السنة كما صرحوا به. واستثنى من قوله: "وأن يؤجل" إلخ، قوله:

(إلا إذا شرطا قبضه): أي المسلم فيه (ببلد) غير بلد العقد، (فيكفي) في الأجل (مسافة اليومين) ذهاباً (إن شرطا) في العقد (الخروج) إليها ليقبض فيها (وخرجا) بالفعل بأنفسهما أو وكيلهما (حينئذ) أي حين العقد (ببر) لا بحر، (أو) ببحر (بغير ريح)، كالمنحدرين؛ احترازاً من السفر بالريح كالمقلعين فلا يجوز، لأنه ربما أدى إلى قطع مسافة اليومين في نصف يوم فيؤدي إلى السلم الحال ولا بد من تعجيل رأس المال وقت العقد، فمتى انخرم شرط من هذه الشروط فلا بد من ضرب الأجل.

(و) الشرط الرابع: (أن يكون) المسلم [١] فيه

ــ

قوله: [فأولى غليظهما]: وجه الأولوية اختلافهما بالمنفعة اختلافاً قوياً زيادة على اختلاف الجنسية.

قوله: [لكن قال كثير من المتأخرين] إلخ: قال اللخمي في التبصرة: العبيد عند مالك جنس واحد وإن اختلفت قبائلهم، فالبربري والفوري والصقلي وغيرهم سواء لا يسلم أحدهم في الآخر، إلا أن الصنعة تنقلهم وتصيرهم أجناساً إذا كانا تاجرين مختلفي التجارة كبزار وعطار، أو صانعين مختلفي الصنعة كخباز وخياط، فيسلم الصانع في التاجر لا أحدهما في واحد يراد لمجرد الخدمة، ويسلم أحدهما في عدد يراد منه الخدمة.

قوله: [وهو ظاهر]: أي جواز سلم الأنثى في الذكر وعكسه.

قوله: [فلا تسلم دجاجة بيوض في غيرها]: أي في اثنين غير بيوض لعدم الاختلاف في المنفعة، وأما في واحدة غير بيوض فجائز لأنه قرض.

قوله: [أن يؤجل المسلم فيه]: إنما اشترط الأجل لأجل السلامة من بيع ما ليس عند الإنسان المنهي عنه، بخلاف ما إذا ضرب الأجل فإن الغالب تحصيل المسلم فيه في ذلك الأجل فلم يكن من بيع الإنسان ما ليس عنده، إذ كأنه إنما باع ما هو عنده عند الأجل. واشترط في الأجل: أن يكون معلوماً ليعلم منه الوقت الذي يقع فيه قضاء المسلم فيه. والأجل المجهول لا يفيد للغرر، وإنما حد أقل الأجل بخمسة عشر يوماً لأنها مظنة اختلاف الأسواق غالباً واختلافها مظنة لحصول المسلم فيه فكأنه عنده.

قوله: [كالمنصوصة]: أي فمن لهم عادة بوقت القبض لا يحتاجون لتعين الأجل، وذلك كأرباب المزارع وأرباب الألبان وأرباب الثمار، فإن عادة الأول القبض عند حصاد الزرع وعادة من بعدهم الوفاء بدفع ما عليهم زمن الربيع وزمن جذ الثمار.

قوله: [والصيف والشتاء]: أي ولو لم يعرفا للمتعاقدين إلا بشدة الحر أو البرد لا بالحساب.

قوله: [واعتبر من ذلك المعظم]: أي الوقت الذي يحصل فيه غالبه وهو وسط الوقت لذلك.

قوله: [ولو لم يقع]: أي هذا إذا وجدت الأفعال أعني الحصاد والدراس في العقد أو لم توجد فيها.

قوله: [واعتبر الأشهر بالأهلة]: أي وكذلك الشهر والشهران فتجعل "أل" في الأشهر للجنس.

قوله: [حل الأجل بأوله]: أي بأول جزء منه أي بآخر أول جزء منه أي بآخر الليلة الأولى، وعلى هذا اقتصر المواق، وقيل: المراد بأوله: رؤية هلاله. وثمرة الخلاف تظهر إذا طالب المسلم المسلم إليه وقت رؤية الهلال وامتنع المسلم إليه من الدفع وقال: لا أدفع إلا بعد مضي الليلة الأولى، فإن المسلم إليه يجبر على الدفع على القول الثاني لا على الأول.

قوله: [على الأصح]: أي وهو الذي رجحه ابن رشد في نوازل أصبغ من كتاب النذور، ورجحه أيضاً ابن سهل وعزاه لمالك في المبسوط والعتبية قائلاً: يكون حلول الأجل في وسط الشهر إذا قال في شهر كذا، وفي وسط السنة إذا قال في سنة كذا.

قوله: [من هذه الشروط]: أي الخمسة وهي أن يكون البلد الثانية على مسافة يومين من بلد العقد وأن يشترط في العقد الخروج فوراً وإن لم يخرجا بالفعل إما بأنفسهما أو بوكيلهما، وأن يعجل رأس المال في المجلس أو قربه أو أن يكون السفر ببر أو بغير ريح.

والحاصل أن السلم لا بد أن يؤجل بأجل معلوم أقله نصف شهر، إلا إذا اشترط قبضه بمجرد الوصول لبلد غير بلد العقد فيصح بتلك الشروط الخمسة، ولا يشترط التأجيل بنصف شهر.


[قال مُعِدُّ الكتاب للشاملة]
[١] في ط المعارف: (السلم).

<<  <  ج: ص:  >  >>