السادسة: جارية وطئها سيدها العالم بجنايتها مع الإعسار، والولد حر في الجميع.
(والقول) عند تنازعهما (لطالب حوزه): أي لمن طلب منهما حوزه (عند أمين): لأن الراهن قد يكره وضعه عند المرتهن والمرتهن قد يكره وضعه عنده خوف الضمان إذا تلف أو غير ذلك (و) لو اتفقا على وضعه عند أمين واختلفا (في تعيينه نظر الحاكم) في الأصلح منهما فيقدمه (وإن سلمه) الأمين لأحدهما (بلا إذن) من الآخر فأسلمه (للراهن ضمن) للمرتهن (الدين أو القيمة): أي قيمة الرهن: أي الأقل منهما.
(و) إن سلمه (للمرتهن) وتلف عنده (ضمنها): أي القيمة للراهن أي تعلق بها ضمانها، فإن كانت قدر الدين سقط الدين وبرئ الأمين، وإن زادت على الدين ضمن الزيادة للراهن ورجع بها على المرتهن، إلا أن تقوم بينة بضياعه بلا تفريط. قال أبو الحسن: لا فرق هنا بين ما يغاب عليه وما لا يغاب عليه لأن الأمين والمرتهن متعديان.
(وجاز حوز مكاتب الراهن وأخيه): وكذا ولده الرشيد المنعزل عنه كما قال سحنون، ولا يكون حوزهم كحوز الراهن مبطلاً للرهن، لأن المكاتب أحرز نفسه وماله والأخ والابن الكبير
ــ
أن أباه لم يمسها وإلا فيباع الولد أيضاً، لأنه زنا محض. تأمل.
قوله: [السادسة جارية وطئها سيدها]: هكذا قال الشارح وترك بياضاً. وذكر بعده: والولد حر في الجميع وتتميم ما ترك له البياض: العالم بجنايتها مع الإعسار في الكل. وفي (بن) قال ابن غازي: وقد أجاد بعض الأذكياء ممن لقيناه إذ نظم النظائر المذكورة في التوضيح في هذا المحل فقال:
تباع عند مالك أم الولد ... للدين في ست مسائل تعد
وهي إن أحبل حال علمه ... بمانع الوطء وحال عدمه
مفلس موقوفة للغرما ... وراهن مرهونة ليغرما
أو ابن مديان إماء التركه ... أو الشريك أمة للشركه
أو عامل القراض مما حركه ... أو سيد جانية مستهلكه
في هذه الستة تحمل الأمه ... حراً ولا يدرأ عنها ملأمه
والعكس جاء في محل فرد ... وهو حمل حرة بعبد
في العبد يغشى ماله من معتقه ... وما درى السيد حتى أعتقه
والأم حرة وملك السيد ... بمثل ما في بطنها من ولد
وصورة قوله في العبد: "يغشى" إلخ أن العبد إذا وطئ جاريته فحملت وأعتقها ولم يعلم السيد بعتقه لها حتى أعتقه، فإن عتق العبد أمته ماض وتكون حرة والولد الذي في بطنها رقيق لأنه للسيد، وقوله: والولد الذي في بطنها رقيق، حمله بعضهم على ما إذا وضعت الولد قبل عتق السيد العبد الذي أعتقها، وأما لو كان في بطنها حين العتق فإنه يتبع أمه. اهـ. ويضاف للستة على الضابط المتقدم وهو حمل الأمة بحر كما في (ح) المستحق وهي حامل والأمة الغارة وأمة المكاتب إذا مات وفيها وفاء بالكتابة وله ولد، فإنه يبيع أمه ويوفي الكتابة. اهـ. وقول الناظم: العكس جاء في محل فرد إلخ لا مفهوم له فقد يفرض في أمة حامل وهبها سيدها، واستثنى حملها ثم إن الموهوب له أعتقها فتصير حرة حاملة برقيق لكون الحمل باقياً على ملك الواهب.
قوله: [لطالب حوزه]: أي وسواء جرت العادة بوضعه عند المرتهن أم لا، خلافاً لقول اللخمي إذا كانت العادة تسليمه للمرتهن كان القول لمن دعا إليه لأنه كالشرط وإلا فالقول لطالب الأمين. ومحل هذا الخلاف إذا دخلا على السكوت، وأما لو امتنع المرتهن عند العقد من قبضه فلا يلزمه قبضه ولو كانت العادة وضعه عنده اتفاقاً - كذا في (بن).
قوله: [فيقدمه]: فإن استويا في الصلاحية خير الحاكم.
قوله: [فأسلمه للراهن]: هكذا نسخة المؤلف وصوابه فإن سلمه لأنه تفصيل بعد إجمال.
قوله: [ضمن للمرتهن الدين]: أي تعلق به الضمان بحيث إذا تلف يضمن قيمته أو مثله وليس المراد أنه يضمنه بالفعل ولو كان باقياً، غاية ما هناك يرد فعله
قوله: [وإن زادت على الدين] إلخ: سكت عما إذا كانت القيمة أقل من الدين. والحكم أن يحط عن الراهن من الدين بقدر قيمة الرهن، ولا غرم على الأمين في هذه الحالة، ثم إن محل تضمين الأمين الزيادة إذا سلم الرهن للمرتهن بعد الأجل؛ أو قبله ولم يطلع الراهن على ذلك حتى حل الأجل، وأما إن علم به قبل الأجل فإن للراهن أن يغرم القيمة أيهما شاء لأنهما متعديان عليه، هذا بأخذه وهذا بدفعه وتوقف تلك القيمة على يد أمين غيرهما للأجل، وللراهن أن يأتي برهن كالأول ويأخذ القيمة.
قوله: [إلا أن تقوم بينة] إلخ: الحق أن الأمين يغرم تلك الزيادة ويرجع بها على المرتهن كان الرهن مما يغاب عليه أم لا قامت بينة على هلاكه بدون تفريط أم لا، وذلك لأن الأمين متعد بالدفع للمرتهن والمرتهن متعد بأخذه - كذا في حاشية الأصل تبعاً لـ (بن). والحاشية ويؤيد هذا النقل قول الشارح بعد ذلك: "قال أبو الحسن" إلخ.