للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ولا يأخذ ملياً عن معدم ولا حاضراً عن غائب؛ لأنهم اقتسموا ما كان يستحقه. إلا أن المستحق من يده إن اشترى قبل الفلس فظاهر؛ وبعده رجع بجميع الثمن الذي خرج من يده. (كوارث أو موصى له) طرأ (على مثله) فيرجع الطارئ على كل من الورثة أو الموصى لهم بما يخصه.

(وإن اشتهر ميت بدين، أو علم به الوارث وأقبض) الغرماء الحاضرين (رجع عليه): أي رجع الطارئ عليه: بما ثبت له، لتفريطه واستعجاله؛ كما لو قبض لنفسه (ثم رجع هو على الغريم) الذي قبض منه.

(وله): أي للطارئ (الرجوع) على الغريم ابتداء فهو مخير.

(وإن طرأ) غريم (على وارث قسم) التركة، (رجع عليه، وأخذ ملي عن معدم) وميت عن حي وحاضر عن غائب (ما لم يجاوز) دين الطارئ (ما قبض) من التركة لنفسه. فإن جاوز - كما لو كان الدين عشرة وهو قبض ثمانية لم يؤخذ منه إلا ما قبضه.

(وترك له) عطف على قوله: "وبيع ماله"، أي: وترك للمفلس (قوته والنفقة الواجبة عليه لكزوجة): أدخلت الكاف: الولد والوالدين الفقيرين ورقيقه الذي لا يباع كأم ولد ومدبر (إلى ظن يسره): أي إلى وقت يظن حصول اليسر له عادة. (و) ترك له (كسوتهم): أي كسوته وكسوة من تلزمه نفقته (كل دستاً معتاداً) له من قميص وعمامة وقلنسوة أو خمار للمرأة. والدست - بفتح الدال وبالسين المهملتين: ما قابل ثياب الزينة.

(بخلاف مستغرق الذمة بالظلم): كالمكاس وقاطع الطريق وبعض الأمراء (فما): أي فيترك له ما (يسد الرمق): أي ما يحفظ الحياة فقط (و) ما (يستر العورة) فقط، لأن الناس لم يعاملوه

ــ

قوله: [ولا يأخذ ملياً عن معدم]: حاصله أن المفلس أو الميت إذا اقتسم الغرماء ماله ثم طرأ عليهم غريم أو شخص استحقت السلعة من يده، والحال أنهم لم يعلموا بذلك الغريم ولم يكن الميت مشهوراً بالدين، فإنه يرجع على كل واحد من الغرماء بالحصة التي تنوبه لو كان حاضراً، ولا يأخذ أحد عن أحد. فلو كان مال المفلس عشرة وعليه لثلاثة كل واحد عشرة أحدهم غائب لم يكن معهما علم به اقتسم الحاضران ماله فأخذ كل واحد منهما خمسة ثم قدم الغائب، فإنه يرجع على كل واحد منهما بواحد وثلثين. وقولنا: لم يكن معهما علم به، احترازاً مما لو كانا عالمين به فإنه يأخذ المليء عن المعدم والحاضر عن الغائب والحي عن الميت كما سيأتي: وقولنا: ولم يكن الميت مشهوراً بالدين، احترازاً مما لو كان مشهوراً بالدين فسيأتي أن الغريم الطارئ يأخذ الملي عن المعدم والحاضر عن الغائب وقوله: الغريم الطارئ، يحترز به عما لو حضر إنسان قسمة تركة ميت ولم يدع شيئاً من غير مانع يمنعه ثم ادعى بعد ذلك بدين، فلا تسمع دعواه حيث حصل القسم في الجميع. فإن بقي بعد القسم ما يفي بدينه لم يسقط إذا حلف أنه ما ترك حقه كما أشار لذلك ابن عاصم في التحفة بقوله:

وحاضر لقسم متروك له ... عليه دين لم يكن أهمله

لا يمنع القيام بعد إن بقي ... للقسم قدر دينه المحقق

يقبض من ذلك حقاً ملكه ... بعد اليمين أنه ما تركه

قوله: [بما يخصه]: أي فقط ولا يأخذ ملياً عن معدم ولا حاضراً عن غائب ولا حياً عن ميت ما لم يكن الميت مشتهراً بالدين أو علم الوارث بالطارئ وأقبض الغرماء - كما أفاده المصنف بقوله: وإن اشتهر ميت إلخ.

قوله: [وميت عن حي]: صوابه قلب العبارة.

قوله: [ما لم يجاوز دين الطارئ] إلخ: هذا الرجوع على الوارث ثابت متى قسم التركة لنفسه وإن لم يكن عالماً بالغريم. فقيد العلم إنما هو إذا فرقها على الغرماء. فقوله: وإن طرأ غريم على وارث قسم التركة، لا فرق بين كون الغريم معلوماً له أو لا، اشتهر الميت بالدين أو لا.

قوله: [لم يؤخذ منه إلا ما قبضه]: أي بخلاف الغصاب واللصوص، فإن المقدور عليه يؤخذ منه جميع الحق، وبخلاف ما إذا قبض الغرماء فإنه يرجع عليه بجميع ما أقبضه.

قوله: [عطف على قوله وبيع ماله]: صوابه وباع ماله بالبناء للفاعل؛ لأنه الذي تقدم في المتن قوله: [قوته]: أي من خشن الطعام.

قوله: [الواجبة عليه]: أي بطريق الأصالة لا بالالتزام لسقوطها بالفلس.

قوله: [إلى ظن يسره]: متعلق بقوله: "قوته" لأنه، وإن كان جامداً فهو في معنى المشتق أي ما يقتات به لظن يسره وليس متعلقاً بترك لأنه يصير المعنى ترك له تركاً مستمراً لظن يسره وهذا غير صحيح لأن الترك في لحظة فلا يستمر.

قوله: [وبالسين المهملتين]: أي وأما بالشين المعجمة فهو اسم للصحراء لا غير، وبالسين المهملة يطلق على الصحراء وعلى ما يلبسه الشخص ويكفيه في حوائجه. والحاصل: أنه لا يترك له ولا لمن تلزمه نفقته إلا ما يواري العورة ويقي الحر والبرد وتجوز به الصلاة.

قوله: [بخلاف مستغرق الذمة]: اعلم أن من أكثر ماله حلال وأقله حرام: المعتمد جواز معاملته ومداينته والأكل من ماله كما قال ابن القاسم خلافاً لأصبغ. وأما من أكثر ماله حرام فمذهب ابن القاسم كراهة معاملته ومداينته

<<  <  ج: ص:  >  >>