للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

على مثل المفلس.

(وحبس) المفلس (لثبوت عسره، إن جهل حاله): لا إن علم عسره (إلا أن يأتي بحميل): بمال أو بوجه حتى يثبت عسره فلا يحبس. (وغرم) الحميل (إن لم يأت به): أي بالمفلس المجهول الحال (إلا أن يثبت) الحميل (عسره) فإن أثبته فلا يغرم لأنه إنما ضمنه ليثبت عسره (أو ظهر ملاؤه): عطف على "جهل حاله": أي يحبس إن كان ظاهر الملاء بالمد: أي الغنى بين الناس (إن تفالس): أي ادعى الفلس: أي العدم وأنه لا قدرة له على وفاء ما عليه إن لم يسأل الصبر بحميل حتى يثبت عسره (فإن وعد) غريمه (بالقضاء وسأل تأخير نحو اليومين، أجيب) لذلك ولا يحبس (إن أعطى حميلاً بالمال)، وقال ابن القاسم: أو حميلاً بالوجه فإنه يكفي. (وإلا) يأتي بحميل أو أتى بحميل بالوجه على قول سحنون لم يجب و (سجن كمعلوم الملاء) بالمد فإنه يسجن ويضرب حتى يؤدي ما عليه ما لم يأت بحميل غارم كما في المواق عن ابن رشد. (وأجل) المدين المعلوم الملاء، وكذا ظاهر الملاء إن وعد بالوفاء وطلب التأخير (لبيع عرضه إن أعطى حميلاً به): أي بالمال وإلا سجن، وليس للحاكم بيعه، بخلاف المفلس لأن المفلس قد ضرب على يديه ومنع من التصرف في ماله.

(وله): أي لرب الدين (تحليفه على عدم الناض) عنده من ذهب أو فضة إذا اتهمه بذلك ولم يعلم به (وإن علم به): أي بالناض وامتنع من دفعه (جبر على دفعه ولو بالضرب مرة بعد أخرى) ويسجن حتى يدفع ما عليه.

(فإن أثبت) المدين المجهول الحال أو ظاهر الملاء (عسره بشهادة بينة) تشهد (أنه لا يعرف له مال ظاهر ولا باطن) فشهادتها على نفي العلم ولا يصح أن تشهد على البت (وحلف كذلك) بأن يحلف

ــ

والأكل من ماله، خلافاً لأصبغ القائل بحرمة ذلك أيضاً. وأما من كان كل ماله حرام - وهو المستغرق الذمة - فتمنع معاملته ومداينته ويمنع من التصرف المالي وغيره، خلافاً لمن قال إنه مثل من أحاط الدين بماله فيمنع من التبرعات فقط. وماله - إذا لم يمكن رده لأربابه - يجب صرفه في منافع المسلمين العامة. واختلف إذا نزع منه ليصرف في مصالح المسلمين، هل يترك له منه شيء أو لا؟ والمعتمد أنه يترك له ما يسد رمقه ويستر عورته اهـ. من تقرير شيخ مشايخنا العدوي.

تنبيه: لو ورث المفلس أباه أو من يعتق عليه، بيع في الدين، ولا يعتق عليه بنفس الملك إن استغرقه الدين، وإلا بيع منه بقدره وعتق الباقي إن وجد من يشتري البعض، وإلا بيع جميعه ويملك باقي الثمن، لا إن وهب له فلا يباع عليه بل يعتق عليه بمجرد الهبة إن علم واهبه أنه يعتق عليه؛ لأنه إنما وهبه لأجل العتق. فلو لم يعلم أنه يعتق عليه - ولو علم بالقرابة كالأبوة - فإنه يباع في الدين ولا يعتق. اهـ. من الأصل.

قوله: [على مثل المفلس]: " على " زائدة فالمناسب حذفها والمعنى: لأن الناس لم يعاملوا مستغرق الذمم مثل معاملة المفلس. ويحتمل أنها ليست زائدة بل مجرورها محذوف تقديره على شيء. وقوله: " مثل المفلس " أي مثل الشيء الذي عاملوا عليه المفلس.

قوله: [وحبس المفلس]: مراده به المديان بدليل قوله: " إن جهل حاله " كان مفلساً بالمعنى الأخص أم لا كما هو الظاهر، لأن من جملة هذا التقسيم - كما يأتي - ظاهر الملاء ومعلومه وهما لا يفلسان بالمعنى الأخص وهذا هو الرابع من الأمور الخمسة وسيأتي في الشارح التنبيه على الخامس.

قوله: [إن جهل حاله]: أي هل هو ملي أو معدم لأن الناس محمولون على الملاء وهذا مما قدم فيه الغالب على الأصل وهو الفقر لأن الإنسان يولد فقيراً لا ملك له.

قوله: [لا إن علم عسره]: أي فلا يحبس لقوله تعالى. {وإن كان ذو عسرة فنظرة إلى ميسرة} [البقرة: ٢٨٠].

قوله: [إلا أن يأتي بحميل]: قيد في المجهول حاله.

قوله: [بمال أو بوجه]: قال في التوضيح: لم يبين في المدونة هل الحميل بالوجه أو بالمال؟ والصواب أن يكون بالوجه، وأولى بالمال ولا يتعين أن يكون بالمال، قاله أبو عمران وجمهور الفقهاء من القرويين والأندلسيين.

قوله: [أو ظهر ملاؤه]: المراد بظاهر الملاء: من يظن به ذلك بسبب لبسه الفاخر من الثياب وركوبه لجيد الدواب وكثرة الخدم من غير أن يعلم حقيقة حاله.

قوله: [إن كان ظاهر الملاء بالمد]: أي وأما بالقصر مهموزاً: فهو الجماعة، وبلا همز: فالأرض المتسعة - كذا في الحاشية.

قوله: [إن لم يسأل الصبر بحميل]: أي بالمال أو بالوجه على الخلاف الآتي بين ابن القاسم وسحنون.

قوله: [وقال ابن القاسم] إلخ: قيل الحلف لفظي، فكلام ابن القاسم في غير الملد وكلام سحنون في الملد.

قوله: [ما لم يأت بحميل غارم]: أي ولا يكفيه الحميل بالوجه فقول الأصل ولا يقبل منه حميل أي بالوجه.

قوله: [وليس للحاكم بيعه]: أي بيع ماله.

قوله: [ومنع من التصرف]: أي ألزمه الحاكم ترك التصرف، فهو تفسير لمعنى الضرب.

قوله: [تحليفه على عدم الناض]: قال في التنبيهات: واختلف هل يحلف على عدم إخفاء الناض إذا لم يكن معروفاً به فقيل: يحلف، وقيل: لا. وقيل: إن كان من التجار حلف وإلا فلا. والخلاف في هذا مبني على الخلاف في توجه التهمة. اهـ.

قوله: [ولو بالضرب مرة بعد أخرى]: قال ابن رشد ولو أدى إلى إتلاف نفسه لكن

<<  <  ج: ص:  >  >>