للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

أنه لا يعلم له مال إلخ؛ إذ يحتمل أن له مالاً في الواقع ولا يعلم به. والمذهب عن ابن رشد: أنه يحلف على البت بأن يقول: ليس عندي مال إلخ (أنظر لميسرة) فلا يسجن ولا يطالب قبلها وتقدم أنه لا يلزم بتكسب ولا استشفاع ولا بنزع مال رقيق لم يبع عليه. (ورجحت بينة الملاء): أي الشهادة به على بينة العدم إن بينت السبب، بأن قالت: له مال قد أخفاه وكذا إن لم تبين على أحد القولين.

(وأخرج المجهول) الحال من الحبس (إن طال حبسه بالاجتهاد) من الحاكم بحيث يغلب على الظن أنه لو كان عنده مال ما صبر على الحبس هذه المدة، وهو يختلف باختلاف الأشخاص والدين قلة وكثرة. وأما ظاهر الملاء فلا يخرج إلا ببينة بعدمه على ما تقدم. ومعلوم الملاء يخلد في السجن حتى يغرم ما عليه أو يأتي بحميل غارم كما تقدم.

(وحبست النساء عند) امرأة (أمينة أو) امرأة (ذات أمين) من الرجال من زوج أو أب أو ابن، ولا بد أن تكون هي أمينة أيضاً (أو حبس [١] الجد): أي جاز حبسه لولد ابنه (و) حبس (الولد لأبيه): في دين أو غيره (لا العكس): أي لا يحبس والد لولده. (كاليمين) فللوالد أن يحلف ولده في حق لا العكس (إلا) اليمين (المنقلبة) من الولد على والده؛ كأن يدعي على ابنه بحق فأنكر ولم يحلف الابن لرد دعوى والده فردت على الأب فيحلف الأب ليأخذ حقه (أو) اليمين (المتعلق بها حق غيره): أي غير الولد؛ كدعوى الأب ضياع صداق ابنته بلا تفريط منه، وخالفه زوجها وطلبه بجهازها؛ فيحلف الأب أنه ضاع منه بلا تفريط لحق الزوج. وكذا يحلف الأب إذا ادعى قبل سنة من دخولها أنه أعارها شيئاً من جهازها كما تقدم.

(ولا يخرج) المسجون في حق شرعي أي لا يجاب ولا يقضى بخروجه (لعيادة قريب) له (كأبيه) وابنه وزوجته ولو قرب (ولا جمعة وعيد، و) لا يخرج لأجل (عدو) معه في الحبس لأن القصد من الحبس التشديد (إلا لخوف تلفه) بقتل أو أسر (فمكان آخر) يخرج له فيحبس فيه.

ثم شرع في بيان الحكم الخامس من أحكام الحجر فقال:

ــ

لا يقصد الحاكم إتلافه فإن قصده اقتص منه.

قوله: [أنه لا يعلم له مال]: الأوضح بناء " يعلم " للفاعل ونصب " مالاً ".

قوله: [والمذهب عند ابن رشد أنه يحلف على البت]: أي وعليه اقتصر ابن عرفة ورجح ابن سلمون أنه يحلف على نفي العلم ومشى عليه خليل باحتمال أنه يكون له مال لا يعلمه بكإرث أو وصية فتحصل أن في اليمين قولين وأما الشهادة فهي على نفي العلم على كل.

قوله: [ورجحت بينة الملاء] إلخ: يعني أن المدين إذا شهد عليه قوم بالملاء وشهد له قوم بالعدم فإن بينة الملاء تقدم إن بينت سبب الملاء بأن عينت ما هو مليء بسببه سواء بينت بينة العدم السبب أم لا.

قوله: [وكذا إن لم تبين على أحد القولين]: قال بعضهم: الذي به العمل تقديم بينة الملاء وإن لم تبين سببه، والقاعدة تقديم ما به العمل. فإن قيل شهادة بينة الملاء مستصحبة - لأن الغالب الملاء وبينة العدم ناقلة وهي مقدمة على المستصحبة. وأجيب بأن الناقلة هنا شهدت بالنفي، وبينة الملاء مثبتة والمثبت مقدم على النافي فالقاعدة الأولى التي هي تقديم الناقلة على المستصحبة مقيدة بما إذا لم تشهد الناقلة بالنفي والمستصحبة بالإثبات كما قرره شيخ مشايخنا العدوي.

قوله: [وأخرج المجهول الحال] إلخ: أي بعد حلفه أنه لا مال له ظاهر ولا باطن وإن وجد مالاً ليقضين الغرماء حقهم كما قيد به شراح خليل.

قوله: [أو يأتي بحميل غارم]: أي أو تشهد له بينة بذهاب ماله.

قوله: [عند امرأة أمينة]: أي بحيث لا يخشى على النساء منها. وأما الأمرد البالغ والخنثى المشكل فيحبس كل وحده أو عند محرم. وغير البالغ لا يحبس.

قوله: [امرأة ذات أمين]: إنما قدر الشارح امرأة ليفيد اشتراط الأمانة فيها أيضاً مع عدم الانفراد فقوله أو ذات أمين عطف على ذلك المحذوف.

قوله: [لا العكس]: أي فالوالد - أباً أو أماً - لا يحبس لولده ولو ألد بدفع الحق والمراد الأب والأم نسباً لا رضاعاً وأما رضاعاً فيحبس لدين ولده من الرضاع. قال مالك وإن لم يحبس الوالدان فلا أظلم الولد لهما، فيجب على الإمام أن يفعل بهما ما يفعل بالملد من الضرب وغيره كالتقريع، لأن ذلك ليس لحق الولد بل لحق الله تعالى ردعاً وزجراً وصيانة لأموال الناس. ولا يقال: إن الضرب أشد من الحبس فمقتضى كونهما لا يحبسان أنهما لا يضربان، لأننا نقول: الحبس لدوامه أشد من الضرب - قاله في الحاشية.

قوله: [في حق لا العكس]: أي ليس للولد أن يحلف الوالد لأنه عقوق ولا يقضى للولد بتحليف والده إذا شح الوالد وكذلك ليس له حده إن قذفه لأن الحد أشد من اليمين هذا هو قول مالك في المدونة. وروي عن ابن القاسم أنه يقضى للولد بتحليف والده في حق يدعيه عليه ويحده ويكون بذلك عاقاً ولا يعذر فيه بجهل، وهو بعيد؛ فإن العقوق من الكبائر ولا ينبغي أن يمكن أحد من ذلك. وعلى هذا القول الضعيف مشى خليل في باب الحدود حيث قال: وله حد أبيه وفسق.

قوله: [كأن يدعي على ابنه بحق]: أي وأما لو ادعى الولد على أبيه بحق وأقام شاهداً


[قال مُعِدُّ الكتاب للشاملة]
[١] في ط المعارف: (وحبس)، ولعلها الصواب كما في أقرب المسالك.

<<  <  ج: ص:  >  >>