للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

إن خشي فوات الوقت بفعلها.

(أو فقد مناول أو آلة): عطف على فقد ماء. وهذا هو السابع، أي أن من كان له قدرة على استعمال الماء ولكن لم يجد من يناوله إياه أو لم يجد آلة من حبل أو دلو، فإنه يتيمم. ولك أن تدخل هذا القسم في فاقد القدرة على استعماله بإرادة فقد القدرة حقيقة أو حكماً، بل إذا تحققت تجد الأقسام ترجع إلى قسمين؛ الأول: فاقد الماء حقيقة أو حكماً؛ فيدخل فيه خوف عطش المحترم، وتلف الماء وخروج الوقت بالطلب أو الاستعمال. الثاني: فاقد القدرة كذلك، فيشمل الباقي. وفاقد القدرة مقيس على فاقد الماء المنصوص في الآية.

واعلم أن كل من طلب منه التيمم فإنه يتيمم للفرض والنفل استقلالاً وتبعاً، وللجمعة والجنازة ولو لم تتعين. إلا الصحيح الحاضر العادم للماء، فإنه لا يتيمم لجمعة ولا لجنازة إلا إذا تعينت، ولا لنفل استقلالاً ولو وتراً وإلى ذلك أشار بقوله: (ولا يتيمم صحيح حاضر لجمعة، ولا تجزئ والأظهر خلافه، ولا لجنازة، إلا إذا تعينت ولا لنفل) استقلالاً (ولو وتراً إلا تبعاً لفرض إن اتصل به) أما الجمعة فلا يتيمم لها صحيح حاضر عند فقد الماء، لأن لها بدلاً، وهو الظهر، فأشبهت بهذا الاعتبار النفل وهو لا يتيمم لنفل. وأما الجنازة فلأنها فرض كفاية متى وجد متوضئ غيره تعينت عليه فأشبهت النفل في حق غير المتوضئ. والحاضر الصحيح لا يتيمم لنفل فلو تيمم وصلى به الجمعة لم تجزه، ولا بد من صلاة الظهر ولو بتيمم. هذا هو المشهور وخلاف المشهور نظر إلى أنها واجبة متعينة عليه، ولو قلنا إن لها بدلاً، فقال بوجوب التيمم لها كغيرها، وهو أظهر مدركاً من المشهور. فلذا قلنا: والأظهر خلافه أي خلاف المشهور، هذا وظاهر كثير من النقول أن الخلاف في عادم الماء وقت أدائها فقط مع علمه بوجوده بعدها، أو فيمن خاف باستعماله فواتها. وأما العادم له في جميع الوقت فإنه يتيمم لها - جزماً. والوجه أنهما مسألتان - أي طريقتان - لا ترد إحداهما على الأخرى، فتأمل. وكذا لا يتيمم الحاضر الصحيح لجنازة إلا إذا تعينت عليه بأن لم يوجد غيره من متوضئ أو مريض أو مسافر، ولا لنفل استقلالاً ولو وتراً إلا تبعاً لفرض كأن يتيمم لصلاة الظهر ثم يتبعه بنفل أو للعشاء ثم يصلي الشفع والوتر بتيمم العشاء،

ــ

الذي حكى عبد الحق عن بعض الشيوخ - الاتفاق عليه، ولكن المعول عليه الأول؛ فلذا اقتصر عليه المصنف.

قوله: [إن خشي فوات الوقت بفعلها]: أي بفعل تلك السنن والمندوبات. فلو خشي فوات الوقت بالفرائض وجب عليه التيمم، كما هو الموضوع. فإن تيمم ودخل في الصلاة وتبين له أن الوقت باق متسع أو أنه قد خرج، فإنه لا يقطع؛ لأنه دخلها بوجه جائز، ولا إعادة عليه. وأولى إذا تبين ذلك بعد الفراغ منها أو لم يتبين شيء وأما لو تبين له قبل الإحرام أن الوقت باق متسع أو أنه قد خرج الوقت فلا بد من الوضوء. ويؤخذ من حاشية شيخنا على مجموعه: أن محل كونه يتيمم ويترك الماء لضيق الوقت ما لم يقصده استثقالاً للمائية فيعامل بنقيض مقصوده اهـ.

قوله: [أو لم يجد آلة]: أي مباحة؛ فوجود الآلة المحرمة كإناء أو سلسة من ذهب يخرج به الماء من البئر بمنزلة العدم، كما يؤخذ من الأصل تبعاً ل (عب). قال (بن): وفيه نظر، بل الظاهر أنه يستعملها ولا يتيمم. لأن الضرورات تبيح المحظورات، ألا ترى من لم يجد ما يستر به عورته إلا ثوب حرير فإنه يجب عليه سترها به؟ وقد يقوي ما قاله (عب) أن الطهارة المائية لها بدل، وهو التيمم فلا يسوغ له ارتكاب المحظور وهو استعمال الآلة المحرمة. فإذا علمت ذلك فالتقيد بالإباحة ظاهر لا غبار عليه.

قوله: [ولا يتيمم] إلخ: أي بناء على أنها بدل عن الطهر، وهو ضعيف. فعدم إجزاء تيممه للجمعة مشهور مبني على ضعيف.

قوله: [والأظهر خلافه]: أي بناء على أنها فرض يومها، وهذا مبني على مشهور. ولذلك سيأتي يقول: [وهو أظهر] مدركاً من المشهور.

قوله: [إلا إذا تعينت]: أي بناء على أنها فرض كفاية، وأما على أنها سنة كفاية فلا يتيمم لها الحاضر الصحيح ولو تعينت.

قوله: [ولو وتراً]: أي ولو منذوراً فلا يتيمم له الحاضر الصحيح نظراً لأصله، وليس كجنازة تعينت؛ لأن ما أوجبه الشارع على المكلف أقوى مما أوجبه هو على نفسه، فتدبر اهـ. من حاشية شيخنا على مجموعه.

قوله: [هذا]: مفعول لفعل محذوف، أي افهم هذا.

قوله: [وظاهر كثير] إلخ: قال شيخنا في حاشية مجموعه: رجح بعض أن محل عدم التيمم لها إذا خشي بطلب الماء فواتها فيطلبه لظهر، أما إن كان فرضه التيمم مطلقاً لعدم الماء بالمرة فيصليها بالتيمم كالظهر، ولكن في توضيح الأصل منع إطلاق التيمم، انتهى. فإذا علمت ذلك فصدق الشارح في قوله: [والوجه أنهما مسألتان]: أي مسألة مختلف فيها؛ وهي ما إذا خشي بطلب الماء فواتها، ومسألة متفق عليها وهي ما إذا كان فرضه التيمم لعدم الماء بالمرة فيصليها بالتيمم ولا يدعها ويصلي الظهر، وهو ظاهر نقل (ح) عن ابن يونس.

قوله: [بأن لم يوجد غيره]: وهذا التقييد للأجهوري ومن تبعه. فوجود المريض والمسافر يمنع من تيمم الحاضر الصحيح، وفي (ح) و (ر) خلافه وإن تعدد

<<  <  ج: ص:  >  >>