للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

بشرط أن يتصل النفل بالفرض حقيقة أو حكماً، فلا يضر يسير فصل. والحاصل: أن المريض والمسافر يتيممان للجنازة تعينت أم لا، وللنفل استقلالاً، وأولى تبعاً، كما يأتي قريباً. وأما الحاضر الصحيح فلا يتيمم لنفل ولو سنة استقلالاً، ولا لجنازة إلا إذا تعينت، وقوله إلا تبعاً: استثناء منقطع، أي لكن إن صلى نفلاً بتيمم لفرض جاز بالتبعية لذلك الفرض، إن اتصل بالفرض، وكذا إن تقدم عليه. ولكن لا يصح الفرض بعده بذلك التيمم، كما سينص عليه فيما بعده.

(وجاز نفل، ومس مصحف، وقراءة، وطواف وركعتاه بتيمم فرض أو نفل وإن تقدمت، وصح الفرض إن تأخرت) يعني أن من تيمم لفرض -سواء كان حاضراً صحيحاً أو لا- أو لنفل استقلالاً، بأن كان مريضاً أو مسافراً، فإنه يجوز له أن يصلي بذلك التيمم نفلاً وجنازة، وأن يمس به المصحف، ويقرأ القرآن إن كان جنباً، وأن يطوف ويصلي ركعتيه، وسواء قدم هذه الأشياء على الفرض أو النفل الذي قصده بذلك التيمم أو أخرها عنه بشرط الاتصال كما تقدم. لكن إن قدم عليها ما قصده بالتيمم فظاهر، وإن قدمها على ما قصده به فإن كان المقصود به نفلاً كأن تيمم مريض أو مسافر لصلاة الضحى مثلاً جاز له أن يصلي به ذلك النفل المقصود بعدها. وإن كان المقصود به فرضاً لم يصح أن يصليه بعد أن فعل شيئاً منها. فقوله: وصح الفرض إن تأخرت أي صح الفرض الذي قصد له التيمم من حاضر صحيح أو مسافر أو مريض إن قدمه عليها، لا إن قدمها أو شيئاً منها عليه. وإنما صرحنا بهذا -وإن علم مما قبله- لأن كلام الشيخ يوهم خلاف المراد، لأن قوله: "إن تأخرت" ظاهره أنه شرط في قوله: "وجاز جنازة" إلخ، وهو غير صحيح إذ هذه الأشياء تجوز مطلقاً تقدمت أو تأخرت كما علمت. فلذا قال الشراح: هو شرط في مقدر؛ أي وشرط صحة الفرض المنوي له التيمم إن تأخرت عنه ولكن لا دليل على هذا المقدر. وحاصل المسألة أن من يتيمم لشيء من هذه الأشياء يجوز له أن يفعل به غير ما نواه منها متقدماً ومتأخراً لا الفرض إذا نوى له التيمم فإنه لا يجوز إلا إذا تقدم.

(لا فرض آخر وإن قصد [١] به، وبطل الثاني، وإن مشتركة ولو من مريض): أي لا يصح فرض آخر بتيمم واحد، وإن قُصدا معاً بتيمم. فالثاني باطل وإن كانت - الصلاة الثانية مشتركة في الوقت مع الأولى، كالعصر مع الظهر ولو كان التيمم من مريض يشق عليه إعادته.

(ولزم شراء الماء بثمن اعتيد وإن بذمته إن لم يحتج له): أي يجب على المكلف الذي لم يجد ماء لطهارته أن يشتريه بالثمن المعتاد في ذلك المحل، وإن كان الثمن في ذمته؛ بأن يشتريه بثمن إلى أجل معلوم، إن كان غنياً ببلده أو يترجى الوفاء ببيع شيء أو اقتضاء دين أو نحو ذلك. ومحل وجوب شرائه إذا لم يحتج لذلك الثمن في مصارفه، وإلا جاز له التيمم

ــ

الحاضرون الأصحاء صحت لهم معاً، ويجري من لحق في الأثناء على سقوط فرض الكفاية لتعينه بالشروع. وعدم تعينه؛ لأن المصلحة إنما تحصل بالتمام. وفائدة التعين حرمة القطع لا السقوط عن غير الشارع فيه، كما يؤخذ من حاشية شيخنا على مجموعه.

قوله: [بشرط أن يتصل] إلخ: ولا يشترط نية النوافل كما أفاده (ح) قال شيخنا في حاشية (عب): إن شرط نيتها ضعيف اهـ. من حاشية شيخنا على مجموعه.

قوله: [فلا يضر يسير فصل]: أي بين النوافل والفرض وبين النوافل بعضها مع بعض قال في الأصل: لا إن طال أو خرج من المسجد. ويسير الفصل عفو، ومنه آية الكرسي والمعقبات، وأن لا يكثر في نفسه جداً بالعرف اهـ. وقال في تكريره: الكثرة جداً كالزيادة على التراويح مع الشفع والوتر، فيجوز فعلها بتيمم واحد لعدم الكثرة جداً اهـ.

قوله: [استثناء منقطع]: أي في قوة الاستدراك، فلذلك قال: [أي لكن] إلخ.

قوله: [وكذا إن تقدم عليه]: ظاهره أن تقديمه عليه جائز لكن لا يصح الفرض إلا إذا تأخر عنه، والذي جزم به (ح): أن القدوم على فعل هذه المذكورات بتيمم الفرض قبله لا يجوز. اهـ. من حاشية الأصل وعلى ما قاله (ح) فلا يرد اعتراض على خليل.

قوله: [وإن تقدمت]: ظاهره أنه مبالغة في الجواز، ومقتضى ما قاله (ح) أنه مبالغة في محذوف تقديره وتجزئ وإن تقدمت. والحاصل أن المأخوذ من المتن والشرح، جواز فعل ما ذكر بتيمم الفرض أو النفل تقدم عن المنوي أو تأخر. وشرط صحة الفرض إن تأخرت هذه الأشياء عنه لا إن تقدمت أو شيء منها، فلا يصح. وظاهره ولو كان المتقدم مس مصحف أو قراءة لا تخل بالموالاة. وليس كذلك. بل تقدم مس المصحف والقراءة التي لا تخل بالموالاة، لا يضر، كما ذكره شيخنا في مجموعه. وانظر لو تيمم للفرض أو النفل وأخرج بعض هذه الأشياء فهل له أن يفعل بذلك التيمم ما أخرجه جرياً على إخراج بعض المستباح من نية الوضوء؟ وهو ما استظهره في الحاشية، أو لا يفعل ذلك المخرج لضعف التيمم؟ واستظهره في حاشيته على (عب).اهـ. من حاشية الأصل والأظهر الأول.

قوله: [إذ هذه الأشياء] إلخ: هذا على غير ما قاله (ح) كما علمت.

قوله: [فإنه لا يجوز]: أي ولا يصح اتفاقاً.

قوله: [وإن مشتركة]: رد بالمبالغة على أصبغ حيث قال: إذا صلى فرضين مشتركين بتيمم فإنه يعيد ثانية المشتركتين في الوقت، وأما ثانية غيرهما فيعيدها أبداً، وتصح الأولى على كل حال. اهـ. من حاشية الأصل.


[قال مُعِدُّ الكتاب للشاملة]
[١] في ط المعارف: (قصدا).

<<  <  ج: ص:  >  >>