للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

كما لو زاد الثمن على المعتاد ولو غنياً.

(وقبول هبته واقتراضه): أي ويجب عليه قبول هبته إذا وهب له لأجل التطهر به، لأن المنة فيه ضعيفة، بخلاف غيره. ويلزمه أيضاً أن يقترضه إن رجا الوفاء.

(وطلبه لكل صلاة طلباً لا يشق عليه دون الميلين، إلا إذا ظن عدمه): يعني - أن من لم يظن عدم الماء في مكان - بأن كان متردداً في وجوده أو ظاناً لوجوده فإنه يلزمه طلبه والتفتيش عليه لكل صلاة طلباً لا يشق على مثله فيما دون الميلين. فإن كان يعلم أو يظن أنه لا يجده إلا بعد مسافة ميلين فلا يلزمه طلبه ولو كان لا يشق عليه، لأن الشأن في مثل ذلك المشقة. كما لا يلزمه الطلب فيما دون الميلين إذا شق عليه، أو خاف فوات رفقة، وكذا إذا ظن عدمه، وأولى اليائس منه.

(فاليائس أول المختار، والمتردد في لحوقه أو وجوده وسطه، والراجي آخره): يعني إذا علمت من فرضه التيمم لعدم الماء أو القدرة على استعماله حقيقة أو حكماً، فاعلم أنه لا يخلو حاله من أحد أمور ثلاثة: إما أن يكون آيساً، أو متردداً، أو راجياً. فاليائس من وجوده أو لحوقه أو من زوال المانع - وهو الجازم أو الغالب على ظنه عدم ما ذكر في المختار، يتيمم ندباً أول المختار. والمتردد في ذلك - وهو الشاك ومثله الظان ظناً قريباً من الشك - يتيمم ندباً وسطه. والراجي - وهو الظان الوجود أو اللحوق أو زوال المانع يتيمم - آخره ندباً. ولا يجوز لواحد منهم تأخير الصلاة للضروري، فالتفصيل في غير المغرب؛ إذ لا امتداد لاختياريها.

(ولا إعادة إلا لمقصر، ففي الوقت): يعني أن كل من أمر بالتيمم - إذا تيمم وصلى - فلا إعادة عليه لأنه فعل ما أمر به. إلا أن يكون مقصراً، أي عنده نوع من التقصير،

ــ

تنبيه: كما لا تصح النافلة بالوضوء المستحب، كالوضوء لزيارة الأولياء، لا تصح بالتيمم لذلك، وهو معنى قول خليل: "لا بتيمم لمستحب"، فإن اللام في كلامه مقحمة، وقال شيخنا في مجموعه لا بتيمم ما لا يتوقف على طهارة كقراءة غير الجنب اهـ.

قوله: [كما لو زاد الثمن على المعتاد]: ظاهره ولو كانت الزيادة تافهة، وقال عبد الحق: يلزمه شراؤه وإن زيد في المعتاد مثل ثلثه، فإن زيد عليه أكثر من الثلث لا يلزمه، قال اللخمي: محل الخلاف إذا كان الثمن له بال، أما لو كان بمحل لا بال لثمن ماء يتوضأ به فيه فإنه يلزمه شراؤه ولو زيد عليه في الثمن مثل ثلثيه اتفاقاً.

قوله: [وقبول هبته] إلخ: مراده ما يشمل الصدقة حيث لا منة، وكما يلزمه قبول الهبة والصدقة بالشرط المذكور يلزمه طلب ذلك.

قوله: [إن رجا الوفاء]: قال في حاشية الأصل: يلزمه اقتراض الماء، ويلزمه قبول قرضه، وإن لم يظن الوفاء، ففرق بين اقتراض الماء واقتراض ثمنه. ويؤخذ من مجموع شيخنا مثله.

قوله: [وطلبه لكل صلاة] إلخ: حاصل ما أفاده المتن والشارح: أن صور المسألة عشرون. لأنه لا يخلو: إما أن يكون الماء محقق الوجود، أو مظنونه، أو مشكوكاً فيه، أو محقق العدم، أو مظنونه، فهذه خمس. وفي كل: إما أن يكون على ميلين أو أقل، فهذه عشر. وفي كل: إما أن يشق عليه الطلب، أو لا. أما إذا كان محقق العدم أو مظنونه فلا يلزمه طلب مطلقاً. وأما إذا كان محقق الوجود أو مظنونه أو مشكوكه فيلزمه الطلب فيما دون الميلين إن لم يشق وإلا فلا.

تنبيه: كما يلزمه طلب الماء على دون الميلين يلزمه طلبه من رفقة قلت - كالأربعة - كانت حوله أم لا، أو ممن حوله من رفقة كثيرة إن جهل بخلهم به بأن اعتقد الإعطاء أو ظنه أو شك أو توهم. فإن لم يطلبه وتيمم وصلى أعاد أبداً إن اعتقد أو ظن الإعطاء. وفي الوقت، إن شك. ولم يعد، إن توهم. وهذا كله إن تبين وجود الماء أو لم يتبين شيء. فإن تبين عدمه فلا إعادة مطلقاً. ومفهوم قولنا: جهل بخلهم به، أنه لو تحقق بخلهم لم يلزمه طلب: اهـ. من الأصل.

فرع: إذا شح العبد بمائه على سيده هل يجب عليه نزعه؟ واستظهروا جواز التيمم. قال شيخنا في مجموعه: ولعل الأظهر الانتزاع حيث لا ضرر.

قوله: [يتيمم ندباً أول المختار]: فإن تيمم وصلى كما أمر، ثم وجد ماء في الوقت بعد صلاته، فلا إعادة عليه مطلقاً، سواء وجد ما أيس منه أو غيره، كما هو مقتضى نقل (ح) والمواق ونص المدونة. وقال ابن يونس: إن وجد ما أيس منه أعاد لخطئه، وإن وجد غيره فلا إعادة. وضعفه ابن عرفة. اهـ. من حاشية الأصل.

قوله: [وسطه]: قال في الأصل: ومثله مريض عدم مناولاً وخائف لص أو سبع أو مسجون، فيندب لهم التيمم وسطه، وظاهره ولو آيساً أو راجياً اهـ. قال محشيه: وأصل العبارة للطراز. ولكن الموافق لكلام ابن عرفة حمله على المتردد، وهو ظاهر إطلاق المصنف هنا.

قوله: [آخره ندباً]: قال في الأصل: وإنما لم يجب لأنه حين خوطب بالصلاة لم يكن واجداً للماء فدخل في قوله تعالى: {فلم تجدوا ماء فتيمموا} [النساء: ٤٣].

قوله: [في غير المغرب] إلخ: وأما قول خليل وفيها تأخيره المغرب للشفق، فضعيف مبني على ضعيف، وهو أن وقتها الاختياري يمتد للشفق، وأفهم قوله: [أول المختار] أنه لو كان في الضروري لتيمم من غير تفصيل بين آيس وغيره.

قوله: [ولا إعادة]: في (عب) وغيره حرمة الإعادة. قال شيخنا: ليس في النقل تصريح

<<  <  ج: ص:  >  >>