للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

لا قبل الأجل. وكذا الطعام والعروض من سلم، إلا الصلح عن دنانير حالة بدراهم وعكسه أو صالح بعد الأجل عن طعام سلم بأدنى أو أجود، فيجوز للمدين لا للضامن لما فيه من تأخير الصرف وبيع طعام المعاوضة قبل قبضه.

(ورجع) الضامن إذا صالح رب الدين على المدين (بالأقل منه): أي من الدين (ومن قيمة ما صالح به) حيث كان مقوماً عن عين؛ كما لو صالح بثوب أو عبد عن دنانير أو دراهم؛ فإن صالح عنها بمثلي رجع بالأقل من الدين أو مثل المثلي، فإن صالح بأجود أو أدنى حيث جاز رجع بالأدنى.

ولو صالح بأقل من الدين رجع به وبأكثر رجع بالدين. ولو صالح بمقوم عن مقوم غير جنسه رجع بالأقل من الدين أو قيمة ما صالح به كما في المتن بناء على القول بجواز ذلك، ويظهر من كلامهم أنه الراجح. وكذا قولنا: " فإن صالح عنها بمثلي" إلخ، فإنه مبني على القول بالجواز وهو ما في الكفالة من المدونة كما ذكره ابن عرفة (ولا يطالب) الضامن: أي ليس لرب الدين مطالبته به (إن تيسر الأخذ) لرب الدين (من مال المدين): بأن كان موسراً غير ملد ولا ظالم، وهذا هو الذي رجع إليه مالك بعد قوله: رب الدين مخير في طلب أيهما شاء (ولو) كان المدين (غائباً) حيث كان الدين ثابتاً ومال المدين حاضراً يمكن الأخذ منه بلا مشقة. (إلا أن يشترط) رب الدين عند الضمان (أخذ أيهما شاء أو) يشترط (تقديمه) في الأخذ عن المدين (أو ضمن) الضامن المدين (في الحالات الست): الحياة، والموت، والحضور، والغيبة، واليسر، والعسر؛ فله مطالبته ولو تيسر الأخذ من مال الغريم.

(والقول [١] له): أي للضامن (في ملائه): أي ملاء المدين عند التنازع في ملائه وعدمه؛ فلا مطالبة لرب الدين على الضامن، لأن القول قوله في ملاء المضمون، ولا على رب الدين لأنه مقر بعدمه. والذي قاله سحنون واستظهره ابن رشد: أن القول للطالب فله مطالبة الحميل ما لم يثبت ملاء الغريم وتيسر الأخذ منه. قال المتيطي: وبه العمل؛ أي فيكون هو الراجح وإن استظهر المصنف في التوضيح أن القول للحميل.

(وله): أي للضامن

ــ

قوله: [لا قبل الأجل]: أي فإن في المصالحة قبل الأجل بأدنى أو أقل ضع وتعجل، وبأجود أو أكثر: سلفاً جر نفعاً.

قوله: [فيجوز للمدين لا للضامن]: إنما جاز بعد الأجل لرب الدين فقط لأنه صرف ما في الذمة بالنسبة للأولى وحسن قضاء أو اقتضاء بالنسبة للثانية. وهذا المعنى لا يتأتى في الضامن.

قوله: [لما فيه من تأخير الصرف]: راجع لقوله إلا الصلح عن دنانير.

وقوله: [وبيع طعام المعاوضة قبل قبضه]: راجع لقوله: " أو صلحاً بعد الأجل عن طعام سلم " إلخ. ووجه تأخير الصرف أنه يدفع الدراهم لرب الدين ويطلب الدنانير من المضمون بعد ذلك وعكسه هذا هو الصرف المؤخر بعينه. ووجه بيع الطعام قبل قبضه أن رب الدين ترك طعامه الذي على المدين في نظير طعام مخالف يأخذه من الضامن قبل أن يقبض طعامه الذي على المدين وهذا بيع الطعام قبل قبضه.

قوله: [على المدين]: متعلق بقوله "رجع".

قوله: [كما لو صالح بثبوت]: راجع للمقوم وقوله وعن دنانير راجع للعين.

قوله: [حيث جاز]: أي كما إذا صالح الضامن بدنانير جيدة بعد الأجل عن الأدنى وعكسه.

قوله: [رجع بالأدنى]: أي سواء كان هو الذي خرج من يده أو الذي صالح عنه. ولا يجوز الرجوع بالأجود ولا بالأكثر ولو كان ذلك الأجود أو الأكثر خرج من يده؛ لأنه إن لم يكن خرج من يده فهو سلف جر نفعاً، وإن كان خرج من يده فلا يلزم المضمون إلا مثل دينه، والزيادة عليها ظلم، فالضامن متبرع بها لرب الدين فلا يظلم المديان بها فتأمل.

قوله: [ولو صالح بمقوم] إلخ: هذا مفهوم قوله: حيث كان مقوماً عن عين. وحاصله أنه لو صالحه بمقوم عن مقوم غير جنسه فإنه يرجع بالأقل من الدين أي من قيمته؛ لأن الفرض أن الدين مقوم ومن قيمة ما صالح به. فقوله: " كما في المتن " يعني به متنه، أي فإن عبارة المتن في قوله: " ورجع بالأقل منه ومن قيمة ما صالح به " شاملة للصلح بمقوم عن عين وعن مقوم.

قوله: [رجع بالأقل من الدين أو قيمة ما صالح به]: فإن قيل: ما وجه الفرق بين المقوم والمثلي؟ قيل: إن المقوم - لما كان يرجع فيه إلى القيمة وهي من جنس الدين - والحميل يعرف قيمة سلعته؛ فقد دخل عن القيمة إن كانت أقل من الدين. وإن كانت أكثر فقد دخل على أخذ الدين وهبة الزيادة، بخلاف المثلي لأنه من غير جنس الدين فلا يعرف فيه الأقل من الأكثر لأن الأقل والأكثر لا بد من اشتراكهما في الجنس والصفة فكانت الجهالة في المثلي أقوى، فلذلك تعين له الرجوع بالأقل من الدين أو مثل المثلي فتأمل.

قوله: [بعد قوله رب الدين مخير] إلخ: قال (بن): والقول المرجوع عنه هو الذي جرى به العمل بفاس - وهو الأنسب - بكون الضمان شغل ذمة أخرى بالحق.

قوله: [فله مطالبته ولو تيسر الأخذ] إلخ: ما ذكره الشارح هو المعتمد وهو ما في وثائق أبي القاسم الجزيري وغيره، خلافاً لابن الحاجب من أن الضامن لا يطالب إذا حضر الغريم مليئاً مطلقاً.

قوله: [ولا على رب الدين]: الصواب أن يقول ولا على المدين لأن رب الدين مقر بعدمه.

قوله: [قال المتيطي وبه العمل]: قال (بن) ونصه: وإذا طلب صاحب الدين الحميل بدينه والغريم حاضر فقال


[قال مُعِدُّ الكتاب للشاملة]
[١] في ط المعارف: (القول).

<<  <  ج: ص:  >  >>