(طلب المستحق) الذي هو رب الحق (بتخليصه) من ربقة الضمان، بأن يقول له: إذا حل الأجل ولو بموت المدين إما أن تطلب حقك من مدينك أو تسقط عني الضمان.
(و) له أيضاً كما هو نص المدونة (طلب الغريم): أي المدين (بالدفع): أي دفع الدين لربه (عند) حلول (الأجل) لا قبله؛ وهذا راجع للمسألتين، إذ قبل حلول الأجل لا مطالبة له على واحد منهما.
(لا): أي ليس له مطالبة الغريم (بتسليم المال إليه) ليوصله إلى ربه، وليس على الغريم دفعه له (وضمنه) الضامن (إن اقتضاه) من الغريم ليوصله لربه -سواء طلبه منه أو دفعه له الغريم بلا طلب - لكن على وجه البراء منه، ولو تلف منه بغير تفريط أو قامت على هلاكه ببينة؛ لأنه متعد بقبضه بغير إذن ربه. وحيث قبضه على وجه الاقتضاء بغير إذن ربه كان لربه غريمان يطلب أيهما شاء.
(لا) إن (أرسله) المدين (به) إلى رب الدين فضاع منه فلا ضمان حيث لم يفرط؛ لأنه صار أميناً بالإرسال. ومثل الإرسال: لو دفعه له على وجه التوكيل عنه في توصيله لربه أو هو إرسال حكماً فلا ضمان على الضمان ولو تنازعا، فقال الغريم: قبضته مني اقتضاء، وقال الضامن: بل رسالة أو توكيلاً، فالقول للغريم. وكذا لو انبهم الأمر؛ كما لو مات الضامن أو غاب. فضمان الضامن في صور ثلاث، فالصور خمسة فقوله: "إن اقتضاه": أي حقيقة أو حكماً فيشمل الثلاثة، وقوله: "لا أرسله به": أي ولو حكماً فيشتمل الصورتين.
(وعجل) الدين (بموته): أي الضامن قبل الأجل من تركته إن كان له تركة (ورجع وارثه): أي وارث الضامن على الغريم (بعد الأجل أو) بعد (موت الغريم) على تركته (إن تركه) أي إن ترك ما يؤخذ منه الدين وإلا سقط.
ثم شرع في مبطلات الضمان فقال:
(وبطل) الضمان (إن فسد متحمل به): أي الدين المضمون كدراهم بدنانير لأجل وعكسه فلا يلزم الضامن حينئذ شيء.
(أو فسدت) الحمالة نفسها شرعاً؛ بأن اختل منها شرط أو حصل مانع فتبطل؛ بمعنى أنه لا يترتب عليها حكمها من غرم أو غيره فلا يلزم اتحاد المعلق والمعلق عليه. ومثل ذلك بقوله:
ــ
له الحميل: شأنك بغريمك فهو مليء بدينك، وقال صاحب الدين: الغريم معدم وما أجد له مالاً، فالذي عليه العمل - وقاله سحنون في العتبية - أن الحميل يغرم إلا أن يثبت يسر الغريم وملاءه فيبرأ وحلف له صاحب الحق إن ادعى عليه معرفة يسره على إنكار معرفته بذلك وغرم الحميل وله رد اليمين على الحميل، فإن ردها حلف الحميل وبرئ اهـ.
قوله: [طلب المستحق]: أي له إلزامه بأن يقول له ما ذكر.
قوله: [من ربقة الضمان]: بالراء والباء والقاف والتاء الورطة وإضافتها للضمان بيانية.
قوله: [لكن على وجه البراءة منه]: أي لا على وجه الإرسال الآتي.
قوله: [ولو تلف منه بغير تفريط]: أي فيما لا يغاب عليه.
وقوله: [أو قامت على هلاكه بينة]: أي فيما يغاب، فليس كضمان الرهان بل هو كضمان التعدي.
قوله: [فلا ضمان حيث لم يفرط]: كان مما يغاب عليه أو لا.
قوله: [فلا ضمان على الضامن]: أي حيث لم يفرط.
قوله: [فضمان الضامن في صور ثلاث]: أي يكون الضامن غريم الغريم في الصور الثلاث. ومعلوم أن غريم الغريم غريم، فلرب الدين أن يغرم الأصيل، وله أن يغرم الضامن نيابة عن المدين كما صرح، بذلك الركراكي في شرح مشكلات المدونة. ويفهم من التوضيح: أن رب الحق إذا رجع على الأصيل فللأصيل الرجوع على الكفيل. قوله: [فالصور خمسة]: أي لأنه إما أن يكون على وجه الاقتضاء، أو الإرسال، أو الوكالة عن رب الدين، أو يتنازع المدين والضامن في أنه على وجه الاقتضاء أو الإرسال، أو يموت المدين، أو الضامن ويعرى القبض عن القرائن الدالة على الاقتضاء أو الإرسال أو الوكالة. وقد علمت أحكامها من الشارح.
تنبيه: إن كان الضامن وكيلاً لرب الدين في القبض وتلف منه برئ كل من الضامن والغريم إن قامت بينة تشهد على دفع الغريم.
قوله: [أي الضامن]: مفهومه لو مات المدين فإن الحق يعجل أيضاً من تركته فإن لم يترك شيئاً فلا طلب على الضامن حتى يحل الأجل إذ لا يلزم من حلول الدين على المدين حلوله على الكفيل لبقاء ذمته - كذا في الأصل.
قوله: [وإلا سقط]: أي وإلا بأن مات الغريم وهو معسر سقط ما عليه وضاع على ورثة الضامن.
قوله: [كدرهم بدنانير] إلخ: أي وكبيع سلعة بثمن مؤجل لأجل مجهول أو كان البيع وقت نداء الجمعة وكضمان جعل جعل لذي جاه على تخليص شيء بجاهه.
قوله: [فلا يلزم الضامن حينئذ شيء]: ظاهره: ولو فات المبيع ولزم المشتري القيمة أو الثمن ولكن استظهر في الحاشية أن الضمان في القيمة أو الثمن.
قوله: [فلا يلزم اتحاد المعلق] إلخ: حاصله: أن قوله: " أو فسدت " عطف على قوله: " فسد " فينحل المعنى وبطل الضمان إن فسدت الحمالة. ومعلوم أن الفساد هو البطلان والضمان هو الحمالة؛ فيلزم اتحاد الشرط والجزاء وهو تهافت. وحاصل الجواب: أن المراد بالبطلان المعنى اللغوي وهو: عدم الاعتداد بالشيء بحيث لا يترتب عليه