للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

(كبجعل) للضامن من رب الدين أو من المدين أو من أجنبي. وعلة المنع أن الغريم إن أدى الدين لربه كان الجعل باطلاً؛ فهو من أكل أموال الناس بالباطل وإن أداه الحميل لربه ثم رجع به على الغريم كان من السلف بزيادة، فتفسد الحمالة ويرد الجعل لربه. ثم إن كان الجعل من رب الدين للحميل سقطت الحمالة والبيع صحيح؛ لأن المشتري لا غرض له فيما فعل البائع مع الحميل؛ كما لو كان الجعل من المدين أو من أجنبي من علم رب الدين. فإن لم يعلم فالحمالة لازمة ورد الجعل. وإن كان الجعل من رب الدين أو من أجنبي للمدين على أن يأتيه بضامن فإنه جائز. فعلم أن محل البطلان إذا كان الجعل من أجنبي للضامن، إذا علم رب الدين، وإلا رد ولزمت الحمالة.

وبالغ على بطلان الضمان بالجعل بقوله: (وإن) كان الجعل الواصل للضامن (ضمان مضمونه): أي الضامن؛ كأن يتداين رجلان ديناً من رجل أو من رجلين ويضمن كل منهما صاحبه فيما عليه لرب الدين إذا دخلا على ذلك بالشرط. واستثنى من منع ذلك قوله: (إلا أن يشتريا شيئاً) معيناً؛ كعبد على وجه الشركة بينهما بثمن معلوم ويضمن كل منهما صاحبه فيما عليه فيجوز (أو يستلما) من شخص مالاً (في شيء) معين (بينهما) وضمن كل الآخر فيما يخصه فيجوز (أو يقترضا [١]) شيئاً من طعام أو عين أو عرض، ويضمن كل صاحبه فيما عليه؛ فيجوز (للعمل): أي عمل السلف الصالح بذلك - وما عملوا إلا لفهم الجواز من السنة - بشرط أن يضمن كل صاحبه بقدر ما ضمنه الآخر، حتى لو كان على أحدهما الثلث والآخر الثلثان. جاز إن ضمن ذي الثلث نصف ما على صاحبه من الثلثين وإلا منع.

(وإن تعدد حملاء) لشخص (ولم يشترط) عليهم (حمالة بعضهم عن بعض اتبع كل) منهم (بحصته فقط) دون حصة صاحبه. فإذا كانوا ثلاثة ضمنوا إنساناً في ثلاثين وتعذر الأخذ منه، ضمن كل واحد منهم عشرة. ولا يؤخذ بعضهم عن بعض بأن قالوا: نضمنه، أو: ضمانه علينا. وكذا إن تعدد غرماء ولم يشترط

ــ

حكم. وبالفساد: الفساد الشرعي، وهو عدم استيفاء الشروط. فينحل المعنى وإذا كانت الحمالة فاسدة شرعاً غير مستوفية للشروط كانت غير معتد بها.

قوله: [كبجعل]: إنما فسدت بالجعل للضامن لقوله في الحديث: «ثلاثة لا تكون إلا لله: الجعل والضمان والجاه» والحاصل: أن الصور تسع؛ لأن الجعل: إما للضامن من المدين، أو من رب الدين، أو من أجنبي. وإما للمدين من الضامن، أو من رب الدين، أو من أجنبي وإما لرب الدين من المدين أو من الضامن أو من أجنبي فيمتنع حيث كان للضامن في الثلاث ويجوز فيما عداها. إلا أنه إذا كان من أجنبي، أو من الضامن للمدين فلا يقيد الجواز بحلول الدين، بخلاف ما إذا كان من رب الدين للمدين فيشترط حلول أجل الدين، وإلا أدى لضع وتعجل لأن مجيء المدين كالضامن بمنزلة تعجيل الحق - كذا يؤخذ من الحاشية.

قوله: [كان الجعل باطلاً]: أي لعدم تمامه وسواء كان من رب الدين أو من المدين أو أجنبي.

وقوله: [وإن أداه]: أي الدين.

وقوله: [ثم رجع به]: أي بالدين.

وقوله: [كان من السلف بزيادة]: أي كان دفعه الدين وأخذه سلفاً والزيادة هي الجعل الذي أخذه.

قوله: [سقطت الحمالة]: أي لفساد الجعل.

قوله: [كما لو كان الجعل من المدين]: تشبيه في سقوط الحمالة مع صحة البيع والمراد بالمدين المشتري وبرب الدين البائع.

قوله: [فإن لم يعلم فالحمالة لازمة]: أي مع صحة البيع أيضاً.

قوله: [وإن كان الجعل من رب الدين] إلخ: هذا هو مفهوم قوله للضامن.

قوله: [إذا كان الجعل من أجنبي]: أي أو من المدين.

قوله: [إذا علم رب الدين]: هذا هو محل البطلان. وحاصل ما في الشارح: أن الجعل إذا كان للضامن فإنه يرد قولاً واحداً، ويفترق الجواب في ثبوت الحمالة وسقوطها مع لزوم البيع على كل حال؛ فإن كان الجعل من البائع كانت الحمالة ساقطة لأنها بعوض ولم يصح والبيع صحيح؛ لأن المشتري لا غرض له فيما فعل البائع مع الحميل. وإن كان الجعل من المشتري أو من أجنبي والبائع غير عالم به فالحمالة لازمة كالبيع. وإن علم البائع سقطت الحمالة والبيع صحيح - هكذا قال الشارح.

ولكن المنقول عن ابن القاسم: أن البائع بالخيار في سلعته. وقال محمد: الحمالة لازمة وإن علم البائع إذا لم يكن الحق في ذلك سبب، وهذا محصل ما في (بن) نقلاً عن ابن عاصم.

قوله: [ويضمن كل منهما صاحبه فيما عليه]: مثل ذلك ما لو ضمن كل لصاحبه رجلاً آخر فيما له أو أحدهما ضمن صاحبه فيما عليه والآخر ضمن له الغير فيما له؛ فالصور الثلاث كلها ممنوعة.

قوله: [فيجوز للعمل]: جواب عن سؤال قائل علة المنع موجودة وهو السلف الذي جر نفعاً.

قوله: [إن ضمن ذي الثلث]: هكذا نسخة المؤلف الصواب: "ذو" بالواو لأنه فاعل ضمن.

قوله: [وإلا منع]: أي رجع لأصله من المنع لأنه خلاف عمل السلف.

قوله: [وإن تعدد حملاء]: أي غير غرماء أما لو تعدد الحملاء الغرماء فسيأتي.

قوله: [دون حصة صاحبه]: مفرد مضاف فهو صادق بالصاحب الواحد والمتعدد.

قوله: [وكذا إن تعدد غرماء ولم يشترط]: أي بأن كانوا غرماء فقط؛ كما إذا اشترى ثلاثة سلعة على كل ثلث ثمنها.


[قال مُعِدُّ الكتاب للشاملة]
[١] في ط المعارف: (يقترض).

<<  <  ج: ص:  >  >>