للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

(و) لا يمنع من إحداث (روشن): وهو الجناح الذي يخرج به جهة السكة في علو الحائط لتوسعة العلو. (و) لا يمنع من إحداث (ساباط) سقف في السكة (لمن له الجانبان) أي بيت قبالة بيته والسكة بينهما (ولو بغير) السكة (النافذة) على المعتمد، فلا يتوقف الإحداث على إذن بقية أهل الزقاق ومشى الشيخ على التفصيل بين النافذة وغيرها تبعاً لجماعة من أهل المذهب ورجح أيضاً.

ومحل جواز الروشن والساباط: ما لم يضر بالمارة في النافذة وغيرها، بأن رفعا رفعاً بيناً عن رؤوس الناس والإبل المحملة، وإلا منعا ولذا قال (إلا لضرر بالمارة و) لا يمنع من (صعود نخلة) لأخذ ثمرها أو تقليمها (وأنذر) الراقي عليها وجوباً، وقيل: ندباً (بطلوعه) عليها ليستتر الجار، (بخلاف المنارة) التي يشرف من صعد عليها للأذان على الجار، فإنه يمنع (ولو) كانت المنارة (قديمة): لأن الأذان يتكرر بخلاف النخلة فإن الصعود عليها نادر.

(وندب) للجار (تمكين جار) له (من غرز خشب في جدار) لأنه من المعروف ومكارم الأخلاق.

(و) ندب للإنسان (إرفاق) لغيره من جار أو قريب أو أجنبي ويتأكد في القريب والجار قال تعالى: {وبالوالدين إحسانا وبذي القربى واليتامى والمساكين والجار ذي القربى والجار الجنب والصاحب بالجنب وابن السبيل

ــ

قوله: [ولا يمنع من إحداث روشن] إلخ: حاصله: أن المعتمد في الروشن والساباط جواز إحداثهما مطلقاً كانت السكة نافذة أو غير نافذة، ولا يحتاج لإذن حيث رفع عن رؤوس الركبان رفعاً بيناً ولم يضر بضوء المارة.

قوله: [تبعاً لجماعة]: قال ابن غازي: التفصيل بين النافذة وغيرها لأبي عمران، ونقله عن المتيطي، وعليه اقتصر ابن الحاجب وقبله ابن عبد السلام وابن هارون.

قوله: [بخلاف المنارة]: محل منع الصعود عليها ما لم يجعل لها ساتر من كل جهة يمنع من الاطلاع على الجيران، وما لم يكن الصاعد أعمى كما عندنا بمصر.

قوله: [تمكين جار له من غرز خشب]: أي لما في الموطأ: «لا يمنع أحدكم جاره أن يغرز خشبة في جداره» رواه ابن وهب " خشبة " بالإفراد ورواه بعضهم بصيغة الجمع، حمل مالك ذلك على الندب وحمله الشافعي وأحمد على الوجوب. واختلف هل: لجار المسجد غرز خشبة في حائطه؟ وبه أفتى ابن عتاب نقلاً له عن الشيوخ، أو ليس له ذلك؟ وبه قال ابن ناجي.

قوله: {وبالوالدين إحسانا} [النساء: ٣٦]: أي وأحسنوا بالوالدين إحساناً وإنما قرن بر الوالدين بعبادته وتوحيده لتأكد حقهما على الولد. عن أبي هريرة قال: «جاء رجل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله من أحق الناس بحسن صحابتي؟ قال أمك. قال: ثم من؟ قال: أمك: ثم من؟ قال: أمك، ثم أبوك ثم أدناك فأدناك»، وفي رواية عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «رغم أنفه رغم أنفه قيل: من يا رسول الله؟ قال: من أدرك والديه عند الكبر أو أحدهما ولم يدخل الجنة».

قوله: {وبذي القربى} [النساء: ٣٦]: أي وأحسنوا إلى ذوي القربى وهم ذوو رحمه من قبل أبيه أو أمه، عن أنس بن مالك قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «من سره أن يبسط له في رزقه وينسأ له في أثره فليصل رحمه»، ومعنى ينسأ له في أثره يؤخر له في أجله.

قوله: {واليتامى والمساكين} [النساء: ٣٦]: أي وأحسنوا إلى من ذكر وإنما أمر بالإحسان إليهم لأن اليتيم مخصوص بنوعين من العجز الصغر وعدم النفقة. والمسكين هو الذي ركبه ذل الفاقة والفقر فتمسكن لذلك وفي الحديث: «أنا وكافل اليتيم في الجنة هكذا، وأشار بالسبابة والوسطى وفرج بينهما شيئاً»، وعن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «الساعي على الأرملة والمسكين كالمجاهد في سبيل الله»، وأحسبه قال: «وكالقائم الذي لا يفتر وكالصائم الذي لا يفطر».

قوله: {والجار ذي القربى} [النساء: ٣٦]: أي وأحسنوا إلى الجار الذي قرب جواره منكم، وقيل الجار ذو القربى هو القريب.

قوله: {والجار الجنب} [النساء: ٣٦]: أي الذي بعد جواره عنك، أو هو الأجنبي الذي ليس بينك وبينه قرابة. عن ابن عمر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ما زال جبريل يوصيني بالجار حتى ظننت أنه سيورثه». «وعن عائشة قالت: قلت يا رسول الله: إن لي جارين فإلى أيهما أهدي؟ قال إلى أقربهما باباً لك». وعن أبي ذر قال: «قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: يا أبا ذر إذا طبخت مرقا فأكثر ماءه وتعاهد جيرانك» وفي رواية قال: «أوصاني خليلي صلى الله عليه وسلم قال: إذا طبخت مرقاً فأكثر ماءه ثم انظر إلى أهل بيت من جيرانك فأصبهم منها بمعروف». وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «يا نساء المؤمنات لا تحقرن جارة لجارتها ولو فرسن شاة» معناه: ولو أن تهدي لها الشيء الحقير الذي هو كظلف الشاة.

قوله: {والصاحب بالجنب} [النساء: ٣٦]: قال ابن عباس: هو الرفيق في السفر، وقيل هو المرأة تكون معك إلى جنبك، وقيل هو الذي يصحبك رجاء نفعك. قال رسول صلى الله عليه وسلم: «خير الأصحاب عند الله خيرهم لصاحبه، وخير الجيران عند الله خيرهم لجاره».

قوله: {وابن السبيل} [النساء: ٣٦]: يعني المسافر المجتاز بك الذي قد انقطع به، وقال الأكثرون: المراد بابن السبيل الضيف يمر بك فتكرمه وتحسن إليه. قال صلى الله عليه وسلم: «من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليكرم ضيفه جائزته قدم. قالوا وما جائزته

<<  <  ج: ص:  >  >>