للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فإنه يقضى للسابق بمكان فيه (إلا أن يعتاده) في الجلوس (غيره): أي غير السابق في ذلك المكان لتعليم علم أو إقراء أو فتوى فإنه يقضى له به. وقيل: لا يقضى بل يأمر غيره بالقيام منه له بغير إلزام.

(و) قضى على جار (بسد كوة) بفتح الكاف وضمها: أي طاقة (حدثت) وأشرفت على الجار وأما القديمة فلا يقضى بسدها. ويقول للجار: استر على نفسك إن شئت. وكذا إن كانت عالية لا يمكن التطلع على الجار منها إلا بصعود على سلم.

والمنقول عن ابن القاسم؛ وبه القضاء: أن من حدث عليه ضرر من فتح كوة أو غيرها وسكت عشر سنين بلا عذر فلا مقال له بعد ذلك (و) إذا قضي بسدها (لا يكفي سد خلفها) مع بقائها على ما هي عليه، لأنه ذريعة في المستقبل لادعاء قدمها وإرادة فتحها بل لا بد من سدها من أصلها وإزالة ما يدل عليها من عتبة أو خشبة ونحوهما.

(و) قضى (بمنع دخان كحمام) وفرن ومطبخ وقمين (و) بمنع (رائحة كريهة؛ كدبغ) ورائحة مذبح ومسمط. والمراد: الحادث من ذلك لا القديم. (و) بمنع (مضر بجدار) حدث كدق وطاحون وبئر وغرس شجر. (و) منع إحداث (إصطبل) لما فيه من ضرر رائحة الزبل بالجدار وصوت الدواب.

(و) بمنع (حانوت قبالة باب ولو بسكة نفذت) على الأصوب، لأن الحانوت أشد ضرراً من فتح الباب لملازمة الجلوس به، ومحل المنع فيما ذكر (إن حدثت) لا إن كانت قديمة.

(و) قضى (بقطع ما أضر من) أغصان (شجرة بجدار) لجاره (مطلقاً) حدثت أو كانت قديمة. وأما الشجرة نفسها قال ابن رشد: فلا سبيل لقلعها إذا كانت قديمة؛ أي لأن الكلام في أغصانها المنتشرة على جدار الجار فهل يقطع ولو كانت قديمة وهو المعتمد أو لا يقضى بقطعه إلا إذا حدثت وهو قول ابن الماجشون (لا) يقضى بمنع بناء (مانع ضوء وشمس وريح الأندر [١]): أي جرين، ومثل الأندر: طاحون الريح إذا حدث ما يمنع الريح عنها فيقضى بمنعه.

(و) لا يقضى بمنع (علو بناء) على بناء جاره إلا أن يكون ذمياً بجار مسلم فيمنع (ومنع) الجار إذا علا ببنائه (من الضرر) كالتطلع على جاره بالإشراف من العلو الذي بناه.

(ولا) يقضى بمنع (صوت كمد) وهو دق القماش لتحسينه (ونحوه) كحداد ونجار وصائغ لخفة ذلك، ولذا قال بعضهم: هذا ما لم يشتد ويدم وإلا منع (و) لا من إحداث (باب بسكة نفذت) ولو لم تكن السكة واسعة على المعتمد، وسواء نكب عن باب جاره أو لم ينكب؛ لأن شأن النافذة عدم فتح أبواب بيوتها فلا ضرر في إحداث باب قبالة باب جاره. (كغيرها) أي غير النافذة (إن نكب) أي بوعد عن باب جاره أي لم يكن مقابلاً له بحيث لو فتح لم يشرف منه على ما في دار جاره وإلا منع.

ــ

فيه يتنافس المتنافسون، فلذلك قيد القضاء فيه للسابق بعدم اعتياده للغير، والسوق - وإن كان مباحاً للجلوس فيه - فإنما هو عند الضرورات فلا تتنافس فيه العقلاء ولذلك ورد: «أن خير البقاع المساجد وشرها الأسواق».

قوله: [فإنه يقضى للسابق]: وانظر: هل يكفي السبق بالفرش فيه؟ أو لا بد أن يكون بذاته والسبق بالفرش تحجير؟ لا يجوز ذكر (ح) فيه خلافاً.

قوله: [إلا أن يعتاده]: أي لما في صحيح مسلم عنه صلى الله عليه وسلم قال: «إذا قام أحدكم من مجلسه ثم رجع إليه فهو أحق به».

قوله: [وقيل لا يقضى]: المعتمد القضاء للمشتهر.

قوله: [وكذا إن كانت عالية]: مثل العلو ما إذا كان يتراءى منها المزارع والحيوانات، فمحل السد إن كان يتطلع منها على الحريم أو ما في معناه.

قوله: [لا يكفي سد خلفها]: المناسب تقدير الفاء لوقوعها في جواب "إذا".

قوله: [بمنع دخان كحمام]: أي بمنع إحداث ذي دخان تتضرر الجيران بسببه.

وقوله: [وبمنع رائحة]: أي وقضى بمنع إحداث ذي رائحة كريهة.

قوله: [كدبغ]: أي مدبغة. والمذبح: المحل المعد للذبح: والمسمط: هو الإناء الذي يسمط فيه السقط لإزالة ما فيه من الأقذار، ومثل المسمط المصلق: وهو الإناء الذي يطبخ فيه السقط. ويمنع الشخص من تنفيض الحصر ونحوها على باب داره إذا أضر الغبار بالمارة، ولا حجة له أنه إنما فعله على باب داره، قاله ابن حبيب.

قوله: [وبمنع مضر بجدار]: أي وأما إذا كان الصوت فقط ولا يضر بالجدار فلا يمنع كما يأتي.

قوله: [وبمنع إحداث إصطبل]: اعترض بأن هذا مستغنى عنه لأنه إذا كان لمنع الرائحة فهو داخل في قوله: "ورائحة كريهة"، وإن كان للضرر بالجدار فهو داخل فيما قبله، وإن كان للتأذي بالصوت فهو لا يقتضي منع الإحداث كما يأتي في قوله: ولا صوت كمد ونحوه. وأجيب بأن العلة في منع إحداثه الرائحة وضرر الجدار، لكن المصنف أراد التنصيص على عين المسائل.

قوله: [ولو بسكة نفذت]: أي خلافاً لابن غازي من التقييد بالسكة غير النافذة.

قوله: [لا يقضى بمنع بناء مانع] إلخ: هذا هو المشهور، ومقابله ما رواه ابن دينار عن ابن نافع: أنه يمنع من مانع الضوء والشمس والريح.

قوله: [إلا أن يكون ذمياً]: واختلف هل يمنع من مساواته للمسلم أو لا؟

تنبيه: كما لا يمنع الشخص المسلم من علو بنائه على بناء جاره لا يمنع من إحداث ما ينقص الغلة اتفاقاً كإحداث فرن قرب فرن أو حمام قرب حمام أو طاحون قرب طاحون كما في (ح).

قوله: [ولذا قال بعضهم]: أي وهو المواق فإنه قال ومحل عدم المنع ما لم يشتد ويدم وإلا منع من ذلك.


[قال مُعِدُّ الكتاب للشاملة]
[١] في ط المعارف: (إلا لأندر).

<<  <  ج: ص:  >  >>