للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

(من كراء الأرض بممنوع) أي بأجر ممنوع كراؤها به؛ وهو الطعام ولو لم تنبته الأرض كعسل، وما تنبته ولو غير طعام كقطن وكتان، إلا الخشب كما يأتي في الإجارة. ولما كان هذا الشرط لا يخص المزارعة بل هو عام فيها وفي غيرها فسره بشيء خاص بها بقوله: (بأن لا يقابلها بذر) كلاً أو بعضاً من غير ربها، فلو قابلها بذر كأن يكون البذر من أحدهما والأرض للآخر فسدت كما سيأتي.

والثاني قوله: (ودخلا على أن الربح) بينهما (بنسبة المخرج) بفتح الراء: أي ما أخرجه كل منهما؛ كأن يكون كراء الأرض مائة وكراء العمل من بقر أو غيره سوى البذر مائة ودخلا على أن الربح مناصفة، أو أخرج أحدهما ما يساوي خمسين وأخرج الآخر ما يساوي مائة ودخلا على أن لصاحب المائة من الربح الثلثين ولصاحب الخمسين الثلث، وهكذا، فإن دخلا في الأول على الثلث والثلثين وفي الثاني على المناصفة فسدت.

(وجاز التبرع) من أحدهما للآخر بالزيادة من عمل أو ربح (بعد اللزوم) أي بعد لزوم الشركة بالبذر بعد العقد الصحيح.

والشرط الثالث قوله: (وتماثل البذران) منهما إن أخرجاه من عندهما كما لو كانت الأرض بينهما وأخرج كل منهما منابه في البذر فلا بد من تماثلهما (نوعاً) كقمح أو شعير أو فول (لا) إن اختلفا (كقمح) من أحدهما (وشعير) أو فول من الآخر. ومن التماثل أن يخرج كل منهما منابه فولاً مثلاً ومنابه قمحاً؛ بأن يخرجا معاً إردب فول يزرع على جهة وإردب قمح يزرع في جهة أخرى فإنه صحيح. فإن أخرج أحدهما من البذر غير ما أخرجه الآخر فسدت ولكل ما أنبته بذره، ويتراجعان في الأكرياء، والشيخ لم يذكر هذا الشرط؛ فلعله يرى أنه لا يشترط وتصح الشركة في ذلك، وهو قول، إلا أنه يرده أن الشيخ اشترط خلط البذرين ولو حكماً ولا يتأتى خلط في النوعين، فالظاهر أنه اكتفى بذكر الخلط عن تماثلهما ثم إن مذهب مالك وابن القاسم أنه لا يشترط خلط البذرين حقيقة ولا حكماً بل إذا خرج كل منهما ببذره وبذره في جهة فالشركة صحيحة وهو الراجح الذي به الفتوى، وليس لابن القاسم قول باشتراطه خلافاً لما في بعض الشراح، وإنما القولان لسحنون، وقوله باشتراطه ضعيف لا يعول عليه فكان على الشيخ تركه ولا يتم تفريعه بقوله: فإن لم ينبت بذر أحدهما وعلم، إلخ. إلا على مذهب مالك وابن القاسم، فعلم أن الشروط ثلاثة فقط وبعضهم اقتصر على الأولين فقط.

ثم مثل لما استوفى الشروط بخمسة مسائل فقال: (كأن تساويا): أو تساووا إن كانوا أكثر (في الجميع) بأن تكون الأرض بينهما والعمل بينهما والآلة كذلك بكراء أو ملك منهما أو من أحدهما. وهذه [١] مما لا خلاف في جوازها كما تقدم. (أو قابل البذر) من أحدهما عمل من الآخر والأرض بينهما (أو) قابل (الأرض) من أحدهما عمل من الآخر والبذر بينهما. (أو هما): أي قابل البذر والأرض معاً من أحدهما (عمل) من الآخر.

فهذه الثلاثة جائزة أيضاً كالأولى لأنه لم يقابل الأرض بذر فيها ولا بد من بقية الشروط بأن يدخلا على أن الربح بينهما على حسب ما أخرج كل، وأن يتماثل البذران في المسألة الثالثة؛ وهي ما إذا قابل الأرض عمل وكان البذر بينهما. وتقدم أن التبرع بزيادة عمل أو ربح بعد لزومها مغتفر.

ــ

قوله: [من كراء الأرض بممنوع]: أي فإن لم يسلما منعت، وقالت الشافعية: محل منع كراء الأرض بما يخرج منها إذا اشترطا الأخذ من عين ما يخرج من خصوص تلك البقعة صريحاً ولم يكتفوا بالجنس وهي فسحة.

قوله: [كعسل]: أي للنحل.

قوله: [كقطن وكتان]: أي وحلفاء وحشيش، وأما البوص الفارسي والعود القاقلي والصندل والشب والكبريت ونحوهما [٢] من المعادن فيجوز كراؤها بها لأنها ملحقة بالخشب كما في فتاوى الأجهوري و (شب).

قوله: [بعد اللزوم]: أي وأما قبله فمفسد، ولو صرحوا بأنه تبرع.

قوله: [أن الشيخ اشترط خلط البذرين ولو حكماً]: أي وهو أحد قولي سحنون قال (ر): هذا الشرط لسحنون وسيأتي ذلك.

قوله: [فعلم أن الشروط ثلاثة]: أي وهي سلامتهما من كراء الأرض بممنوع، والتساوي في الربح بأن يأخذ كل واحد قدر ما أخرج. وتماثل البذرين.

قوله: [وبعضهم اقتصر على الأولين فقط]: أي وهو الذي اقتصر عليه ابن شاس وأبو الحسن كما قال (بن).

قوله: [بخمسة مسائل]: المناسب حذف التاء.

قوله: [كأن تساويا أو تساووا]: أي دخلوا على أن كل واحد يأخذ من الربح بقدر ما أخرج وإلا فلا تجوز كما مر للدخول على التفاوت في الربح.

قوله: [أو من أحدهما]: أي ملك من أحدهما وكراء من الآخر.

قوله: [عمل من الآخر]: المراد به الحرث، وما في معناه كعزق الأرض لا السقي والحصاد والدراس، لأنه مجهول فمتى شرط عليه فسدت الشركة والعرف كالشرط، وليس للعامل عند شرط هذا الزائد إلا أجرة عمله، وأما لو تطوع بزائد عن الحرث وما في معناه بعد العقد فذلك جائز، وما ذكرناه من عدم جواز اشتراط الحصاد والدراس وما معهما هو قول سحنون، وصححه ابن الحاجب والتونسي، وعن ابن القاسم: المراد بالعمل الحرث والحصاد والدراس


[قال مُعِدُّ الكتاب للشاملة]
[١] في ط المعارف: (فهذه).
[٢] كذا في ط الحلبية، ولعل الصواب: (ونحوها).

<<  <  ج: ص:  >  >>