للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ضمن إن انكسرت. ونقل مثلها: ما يرى الناس أنه ليس فيه بمفرط فزيادتنا عليه: "المحتاج إليه" لا بد منها.

(و) تضمن (بخلطها): أي الوديعة بغيرها إذا تعذر تمييزها عما خلطت فيه (إلا كقمح) وفول من سائر الحبوب (بمثله) نوعاً وصفة، فإن خلط سمراء بمحمولة ضمن، وكذا جيد برديء أو نقي بغلث ودخل تحت الكاف دنانير بمثلها، أو دراهم بمثلها؛ لأنها لا تراد لعينها.

(أو دراهم بدنانير) لتيسر التمييز فلا يضمن إذا خلطها (للإحراز أو الرفق) راجع للصورتين فإن لم يكن الخلط للصون ولا للارتفاق ضمن؛ لاحتمال عدم تلفها أو ضياعها لو كانت على حدة، ويعلم ذلك بقرائن الأحوال التي تقتضي التفريط وعدمه. وكون القيد راجعاً للمسألتين ظاهر. فالاعتراض على الشيخ بأن القيد إنما ذكروه في الأولى دون الثانية مما لا يلتفت إليه.

(ثم إن تلف بعضه) بعد الخلط (فبينكما) على حسب الأنصباء من النصف أو الثلث أو غيرهما، فإذا ضاع اثنان من أربعة لأحدهما واحد وللثاني ثلاثة فالاثنان الباقيان لصاحب الثلاثة منهما واحد ونصف ولصاحب الواحد نصف وهكذا (إلا أن يتميز) التالف من السالم كما في خلط الدنانير والدراهم فما تلف فعلى ربه خاصة.

(و) يضمن (بانتفاعه بها) بلا إذن من ربها، فتلفت أو تعيبت بسبب ذلك؛ كركوب الدابة واستخدام العبد ولبس الثوب. واختلف فيما إذا هلك في استعماله بأمر من الله تعالى فقال سحنون: يضمن؛ لأنه كالغاصب وقال ابن القاسم: لا يضمن بناء على أن الغالب فيما تعطب بمثله السلامة؛ كما لو أرسل العبد أو ركب الدابة لنحو السوق فمات من الله.

(أو سفره) بها: أي إذا سافر فأخذ الوديعة معه فضاعت أو تلفت فإنه يضمن (إن وجد أميناً) يتركها عنده؛ لأنه حينئذ صار مفرطاً بأخذها معه.

ــ

مأذون له فيه، ويضمن الأسفل بجنايته عليه خطأ والعمد والخطأ في أموال الناس سواء كما أفاده الشارح، وفي (ح) لا يجوز للمودع إتلاف الوديعة ولو أذن له ربها في إتلافها، فإن أتلفها ضمنها لوجوب حفظ المال كمن قال لرجل اقتلني أو ولدي.

قوله: [ضمن إن انكسرت]: أي في الصور الثلاث.

والحاصل: أن الصور أربع؛ لا ضمان في صورة المصنف: وهي ما إذا احتيج للنقل ونقلها نقل مثلها فانكسرت، والضمان فيما عداها: وهو ما إذا لم تحتج لنقل ونقلها فانكسرت؛ كأن نقل مثلها أم لا أو احتاجت للنقل ونقلها غير نقل أمثالها فانكسرت.

قوله: [ونقل مثلها ما يرى الناس] إلخ: أي وهو يختلف باختلاف الأشياء؛ فبعض الأشياء شأنه أن يحمل على جمل، وبعضها على حمار، وبعضها على الرجال، وبعضها يناسبه المشي بسرعة، وبعضها على مهل.

قوله: [إذا تعذر تمييزها]: أي كما لو كانت الوديعة سمناً وخلطها بدهن أو زيت فتضمن وإن لم يحصل فيها تلف.

قوله: [فإن خلط سمراء بمحمولة]. إلخ: مثال لما اختلفت صفته. وإنما ضمن لتعذر التمييز بعد ذلك، وكذلك خلط مختلفي النوع كقمح بأرز.

قوله: [ودخل تحت الكاف]: أي التي في قول المصنف: "لا كقمح" أي: فلا ضمان في ذلك أيضاً؛ لأنها لا تراد لعينها كما أفاده الشارح.

قوله: [وكون القيد راجع للمسألتين]: أي مسألة خلط الحبوب بمثلها والدراهم بالدنانير والمناسب نصب راجع؛ لأنه خبر الكون.

قوله: [فالاعتراض على الشيخ]: أصل الاعتراض لابن غازي قائلاً: هذا القيد للأولى خاصة؛ لأنه الذي في المدونة، وأما الثانية فلا ضمان فيها ولو فعل ذلك لغير الإحراز. ورد عليه بأن أبا عمران وأبا الحسن قيدا الثانية أيضاً بذلك كذا في (عب). ورد عليه (بن): بأن تقييدهما إنما وقع لمسألة خلط الدراهم بمثلها والدنانير بمثلها وهو مما أدخلته الكاف الأولى، وأما خلط الدنانير بالدراهم فلم يقع من أحد تقييدها بذلك. اهـ فعلم من هذا أن كلام ابن غازي لا غبار عليه من رجوع القيد للصورة الأولى، وأما الثانية فلا ضمان فيها مطلقاً فعله للإحراز أو لا.

قوله: [على حسب الأنصباء]: هذا هو المعتمد ومقابله أن ما تلف يكون على حسب الدعاوى.

قوله: [فعلى ربه خاصة]: قال في الحاشية: يؤخذ من هذا أن المركب إذا وسقت بطعام لجماعة غير شركاء وأخذ الظالم منهم شيئاً فإن كان الطعام مخلوطاً بعضه على بعض فمصيبة ما أخذ من الجميع تقسم على حسب أموالهم، وأما إذا كان غير مختلط فما أخذ مصيبته من ربه، وأما ما جعله الظالم على المركب بتمامها فيوزع على جميع ما فيها كان هناك اختلاط أو لا كالمجعول على القافلة.

قوله: [ويضمن بانتفاعه بها]: أي على وجه العارية، وأما على وجه السلف فسيأتي.

قوله: [وقال ابن القاسم لا يضمن]: قال (عب): إذا انتفع بالوديعة انتفاعاً لا تعطب به عادة فتلفت بسماوي أو غيره فلا ضمان، فإن تساوى الأمران - العطب وعدمه - فالأظهر كما يفيده أول كلام ابن ناجي الضمان ولو بسماوي، وكذا إن جهل الحال للاحتياط.

قال في حاشية الأصل: والحاصل أن الصور ثمان فإذا ركبها لمحل تعطب في مثله غالباً أو استوى الأمران وتلفت ضمن كان التلف بسماوي أو بتعديه، وإن ركبها فيما يندر فيه العطب فلا ضمان عطبت بسماوي أو بغيره من غير تعديه كما قال ابن القاسم خلافاً لسحنون

<<  <  ج: ص:  >  >>