وخرج أيضاً من حجر عليه المالك صريحاً أو ضمناً كما لو قامت قرينة على ذلك، نحو قوله: لولا أخوتك ما أعرتك إياه، وخرج الفضولي فإنه ليس بمالك لشيء، (وإن) كان مالكاً لها (بإعارة) ولا حجر عليه كما تقدم، فتصح إعارته وإن كان لا ينبغي له ذلك (أو إجارة) فتصح إعارته لها في مثل ما استأجرها له ركوباً أو حملاً أو غيرهما.
(و) الثاني: (مستعير: وهو من تأهل): أي إن كان أهلاً (للتبرع عليه) بتلك المنفعة (لا مسلم) ولو عبداً لكافر (أو مصحف) أو كتب أحاديث (لكافر) إذ الكافر ليس أهلاً لأن يتبرع عليه بذلك وكذا آلة الجهاد إذا كان حربياً.
(و) الثالث: (مستعار: وهو ذو منفعة مباحة) من عرض أو حيوان أو عقار ينتفع به (مع بقاء عينه) ليرد لربه بعد الانتفاع به لإطعام أو شراب ليؤكل أو يشرب فإن فيه ذهاب عينه بذلك.
(لا) تعار جارية (للاستمتاع بها) من وطء أو غيره لعدم إباحة ذلك أو خدمتها لغير محرم؛ لأنه يؤدي إلى ذلك. ولا يعار رقيق لمن يعتق عليه.
(والعين): أي النقد من دنانير أو دراهم (والطعام) والشراب إن وقعت وأعطيت للغير وإن بلفظ العارية (قرض) لا عارية؛ لأن حقيقة العارية ما ردت عينها لربها بعد الانتفاع بها، وفي الانتفاع بما ذكر ذهاب العين فيضمنه ولو قامت بينة بهلاكه.
(و) الرابع: (ما يدل عليها) من صيغة لفظية كأعرتك أو غيرها، كإشارة ومناولة مما يدل على الرضا.
(وجاز) أن يقول: (أعني بغلامك) مثلاً في هذا اليوم أو الشهر (لأعينك) في غد مثلاً بغلامي أو دابتي (وهي) حينئذ (إجارة) لا إعارة؛ لأنها منافع بمنافع وسواء اتحد نوع المعار فيه أو اختلف، كبناء وحصاد، وسواء اتحد الزمن فيهما أو اختلف، فيشترط فيها تعين الزمن أو العمل كالإجارة.
(وضمن) المستعير (ما يغاب عليه) كالحلي والثياب مما شأنه الخفاء إن ادعى ضياعه إلا لبينة على ضياعه بلا سببه، بخلاف ما لا يغاب عليه كالحيوان والعقار (ولو شرط نفيه): أي نفي الضمان عن نفسه (على الأرجح) وقيل: إن شرط نفيه أفاده فلا ضمان عليه وأشار الشيخ لهما بالتردد (لا غيره) أي لا يضمن غير ما يغاب عليه كالحيوان.
ــ
في الحجر.
قوله: [من حجر عليه المالك]: أي ويسمى بالحجر الجعلي.
قوله: [لولا أخوتك]: بضم الهمزة والخاء وتشديد الواو مفتوحة. قوله: [وإن كان لا ينبغي له]: أي يكره إن لم يكن حجر عليه ولا أباح له بأن سكت.
قوله: [لا مسلم]: أي لما فيه من الإذلال.
قوله: [أو مصحف أو كتب أحاديث]: أي وكذلك الأواني يستعملها أهل الفسوق كخمر، والدواب تركب لإيذاء المسلمين ونحو ذلك من كل ما استلزم أمراً ممنوعاً.
قوله: [لإطعام أو شراب]: محترز قوله مع بقاء عينه.
قوله: [لا تعار جارية]: أي لا يجوز إعارة جارية للوطء، فإن وقعت كانت باطلة ويجبر على إخراجها، فإن وطئها بالفعل قبل إخراجها فلا يحد للشبهة وتقوم على الواطئ جبراً عليه.
قوله: [أو خدمتها لغير محرم]: بفتح فسكون. أي فلا يجوز أيضاً، ويجبر المستعير على إخراجها من تحت يده بإجارة.
قوله: [ولا يعار رقيق لمن يعتق عليه]: أي لخدمة من يعتق عليه، سواء كان الرقيق ذكراً أو أنثى، وإنما منع إعارته لذلك؛ لأن ملك المنفعة يتبع ملك الذات، وهو لا يملك الذات، وهذا في غير الإعارة للرضاع، وأما له فتجوز الإعارة والإجارة. والحاصل: أن الرضاع تستوي فيه الإعارة والإجارة في الجواز لا فرق بين حرة وأمة. وأما الخدمة في غير الرضاع فتمتنع الإعارة والإجارة فيها لا فرق بين حر ورقيق؛ فلا يجوز للولد استخدام والده أو والدته في غير الرضاع كما هو مأخوذ من كلام ابن عرفة كما في (بن).
قوله: [مما يدل على الرضا]: أي فكل ما يدل على تمليك المنفعة بغير عوض كاف، لكن لا تلزم العارية بما يدل عليها إلا إذا قيدت بعمل أو أجل كما يأتي للمصنف، أو لم تقيد وجرت العادة فيها بشيء وإلا لم تلزم.
قوله: [فيشترط فيها تعيين الزمن] إلخ: أي فيجوز للشخص أن يقول لآخر: أعني بغلامك اليوم مثلاً على أن أعينك بغلامي مثلاً غداً، ويكون ذلك إجارة لا عارية؛ أجاز ذلك ابن القاسم ورآه من الرفق بشرط أن يكون ما يقع به التعاون معلوماً بينهم وأن يقرب العقد من زمن العمل، فلو قال له أعني: بغلامك أو بثورك غداً على أن أعينك بغلامي أو بثوري بعد شهر ونصف مثلاً لم يجز، بخلاف ما لو كان التأخير نصف شهر فأقل فيجوز، وإنما منع في أزيد من شهر؛ لأنه نقد في منافع معينة يتأخر قبضها وذلك غير جائز، ولا يقال إن هذه العلة موجودة فيما إذا كان بين العقد والعمل أقل من ذلك؛ لأننا نقول اغتفر ذلك للضرورة، وإن كانت العلة موجودة كما يؤخذ من الخرشي والحاشية.
قوله: [وضمن المستعير ما يغاب عليه]: أي فالعارية كالرهن في التفصيل.
قوله: [إلا لبينة على ضياعه]: أي لأن ضمان العواري ضمان تهمة ينتفي بإقامة البينة على المشهور، خلافاً لأشهب حيث قال: إن ضمان العواري ضمان عداء لا ينتفي بإقامة البينة.
قوله: [وأشار الشيخ لهما بالتردد]: أي فهو تردد في النقل؛ فقد عزا في العتبية الأول لابن القاسم وأشهب، وعزا المازري واللخمي