(ولو شرطه) عليه المعير.
(والقول له): أي للمستعير (في التلف أو الضياع) فيما لا يغاب عليه، فيصدق ولا ضمان عليه (إلا لقرينة كذبه) كأن يقول: تلف أو ضاع يوم كذا، فتقول البينة: رأيناه معه بعد ذلك اليوم، أو تقول الرفقة التي معه في السفر: ما سمعنا ذلك ولا رأيناه (وحلف ما فرط) إن ادعى عليه أنه إنما حصل التلف أو الضياع أو العيب الذي قام به بتفريطه، سواء كان مما يغاب عليه أم لا، كسوس وقرض أرضة أو فأر أو بلل أو دهن أو حبر أو نحو ذلك بالمستعار كثوب وكتاب.
(و) القول له (في رد ما لم يضمن) لربه وهو ما لا يغاب عليه كالحيوان (إلا لبينة مقصودة) أشهدها المعير عند الإعارة لخوف ادعاء المستعير الرد، فحينئذ لا يقبل قوله بردها إلا لبينة تشهد له بردها لربها.
(وفعل) المستعير، أي جاز له أن يفعل الفعل (المأذون) له فيه (و) أن يفعل (مثله) كأن استعارها ليركبها لمكان كذا فركبها إليه من هو مثله، أو ليحمل عليها إردب فول فحمل عليها إردب قمح، وأما الذهاب بها في مسافة أخرى مثل ما استعارها لها فلا يجوز، ويضمن إن عطبت كالإجارة على قول ابن القاسم وهو الأرجح. (لا أضر) مما استعارها له؛ فلا يجوز ثم تارة يحمل عليها ما تعطب بمثله وتارة ما لم تعطب به.
وفي كل: إما أن تعطب وإما أن تتعيب وإما أن تسلم (فإن زاد ما تعطب به وعطبت فله): أي لربها (قيمتها) وقت الزيادة عليها؛ لأنه وقت التعدي (أو كراؤه): أي كراء الزائد فقط، وخيرته تنفي ضرره.
(وإلا): بأن زاد ما لا تعطب به وعطبت أو تعيبت أو سلمت، أو ما تعطب به وسلمت (فالكراء): أي كراء الزائد فقط في الأربع صور.
وبقي السادسة: وهي ما إذا زاد ما تعطب به فتعيبت أشار لحكمها بقوله: (فلو تعيبت) فيما إذا زاد عليها ما تعطب به (فالأكثر من الكراء) للزائد (وقيمة العيب) أي أرشه يلزم المستعير. والكلام في زيادة الحمل، وأما المسافة فكالإجارة، فإن عطبت ضمن قيمتها، وإن سلمت فكراء الزائد، وإن تعيبت فالأكثر من كراء الزائد وأرش العيب.
ــ
الثاني لابن القاسم أيضاً، وعلى كلا القولين لا يفسد عقد العارية بهذا الشرط، وقيل إن شرط نفي الضمان فيما يغاب عليه يفسد العقد ويكون للمعير أجرة ما أعاره.
قوله: [ولو شرطه عليه المعير]: رد ب "لو" على مطرف كما في المواق حيث قال: إذا شرط المعير الضمان لأمر خافه من طريق مخوفة أو نهر أو لصوص أو نحو ذلك، فالشرط لازم إن هلكت بالأمر الذي خافه، وشرط الضمان من أجله. والمعتمد أنه لا ضمان ولا عبرة بشرطه ولو لأمر خافه كما في الحاشية، وحيث لم يضمن الحيوان ضمن لجامه وسرجه. بخلاف ثياب العبد فإنه لا يضمنها؛ لأنه حائز لما عليه كما في التوضيح عن اللخمي، وفي (بن) عن ابن يونس: إذا أرسل المستعير العارية من الدواب مع عبده أو أجيره فعطبت أو ضلت فلا ضمان عليه؛ لأن الناس هكذا يفعلون وإن لم يعلم ضياعها أو تلفها إلا من قول لرسول.
قوله: [وحلف ما فرط]: أي ويبرأ ويأخذ منه أنه يجب عليه تعهد العارية، وكذا يجب على المرتهن والمودع تعهد ما في أماناتهم مما يخاف عليه ترك التعهد؛ لأن هذا من باب صيانة المال وإن لم يفعل ذلك عد مفرطاً وضمن كما في الحاشية.
قوله: [أي جاز له]: إنما قال ذلك ولم يقل: طلب منه فعل المأذون فيه ومثله؛ لأن المأذون فيه ومثله لا يطلب بفعله، إنما هو حق مباح له إن شاء فعله وإن شاء تركه.
قوله: [فلا يجوز]: الحاصل أن المعتمد أن المراد بالمثل الذي يباح للمستعير فعله المثل في المحمول لا في المسافة فإنه ممنوع فعله هنا كالإجارة على المعتمد لما في كل منهما من فسخ المنافع في مثلها وهو فسخ دين في دين.
قوله: [لا أضر مما استعارها له]: أي ولو كان ذلك الإضرار أقل في الوزن أو المسافة.
قوله: [ثم تارة يحمل عليها] إلخ: اعلم أن الصور ست؛ لأنه؛ إن زاد ما تعطب به، فتارة تعطب، وتارة تتعيب، وتارة تسلم؛ وإن زاد ما لا تعطب به، فكذلك. وقد تكفل بتفصيل أحكامها الشارح.
قوله: [أي كراء الزائد فقط]: ومعرفة ذلك أن يقال: كم يساوي كراؤها فيما استعارها له؟ فإذا قيل: عشرة، قيل وكم يساوي كراؤها فيما حمل عليها؟ قيل: خمسة عشر، دفع إليه الخمسة الزائدة على كراء ما استعيرت له.
قوله: [والكلام في زيادة الحمل]: الفرق بين زيادة الحمل والمسافة أن زيادة المسافة محض تعد مستقلاً منفصلاً؛ بخلاف زيادة الحمل فإنه مصاحب للمأذون فيه.
قوله: [وأما المسافة فكالإجارة] إلخ: أجمل هنا في تفصيل أحكامها، وقد أوضح بعض ما أجمله فيما سيأتي: فإن قوله هنا فإن عطبت ضمن قيمتها. ظاهره تعين القيمة وليس كذلك، بل يخير فيها وفي أخذ كراء الزائد كما يأتي.
وقوله: [وإن سلمت فكراء الزائد]: ظاهره كانت تعطب بمثله أم لا مع أنه سيأتي أنه مخصوص باليسير، وأما الكثير فكالعطب.
وقوله: [وإن تعيبت فالأكثر] إلخ: نص عليه هنا ولم ينص عليه فيما يأتي.
والحاصل: أن المأخوذ من هنا ومن هناك أنه إن تعدى المسافة المستعير أو المستأجر بيسير وسلمت فالكراء، وأما إن عطبت أو تعدى بكثير مطلقاً عطبت أو سلمت