للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وما أكل الغاصب أو انتفع به من ذلك فعليه المثل فيما له مثل والقيمة فيما يقوم، ولا شيء عليه في الأمهات ألا ترى أن من غصب أمة فباعها فولدت عند المبتاع ثم ماتت، فليس لربها أن يأخذ أولادها وقيمة الأم من الغاصب، وإنما له أخذ الثمن من الغاصب أو القيمة يوم الغصب أو يأخذ الولد من المبتاع ولا شيء عليه ولا على الغاصب في قيمة الأم، ثم يرجع المبتاع على الغاصب بالثمن اهـ. نقله المحشي فهذا هو المعتمد والمعول عليه لا ما نقله البعض هنا عن الكافي.

(و) له (صيد عبد) صاده بعد غصبه (و) صيد (جارح) من كلب أو طير، وللغاصب أجرة عمله وله ترك الصيد وأخذ أجرتهما من الغاصب.

(بخلاف آلة؛ كشبكة) أو شرك غصبهما واصطاد بهما، فليس له أخذ الصيد وإذا لم يكن الصيد، (فالكراء): أي أجرة الآلة يأخذها من الغاصب.

(كأرض بنيت): أي كما لو غصب أرضاً وبناها أي بنى فيها بناء وسكنها أو أكراها، فلربها كراؤها على الغاصب براحاً لا مبنية، فإن لم يسكن ولم يكرها فلا شيء لربها إذ مجرد البناء لا يوجب كراء.

(وما أنفق) الغاصب على المغصوب؛ كعلف الدابة ومؤنة العبد وكسوته وسقي الأرض وعلاجها وخدمة شجر ونحو ذلك مما لا بد للمغصوب منه (ففي الغلة): أي يكون في نظير الغلة التي استغلها الغاصب من يد المغصوب؛ لأنه وإن ظلم لا يظلم، فإن تساويا فواضح، وإن زادت النفقة على الغلة فلا رجوع للغاصب بالزائد. كما أنه إذا كان لا غلة للمغصوب فلا رجوع له بالنفقة لظلمه وإن زادت الغلة على النفقة فلربه الرجوع بزائدها.

(وله) أي لرب المغصوب (تضمينه): أي تضمين الغاصب قيمته (إن وجده): أي وجد الغاصب (في غير محله): أي غير محل الغصب، بأن وجده في بلد أخرى [١] (بغيره): أي بغير المغصوب ولا يلزمه الصبر إلى أن يذهب لمحل الغصب، بخلاف المثلي فإنه يلزمه الصبر لمحله كما تقدم وله أن يكلفه الرجوع معه لمحله ليأخذه بعينه، هذا إذا لم يجد المغصوب مع الغاصب (أو) وجده (معه واحتاج) المغصوب في رجوعه لمحله (لكلفة) وله أخذه بلا أجرة حمل له وخيرته تنفي ضرره (وإلا) بأن وجده معه ولا كلفة على ربه في حمله ورجوعه لمحله (أخذه) بعينه وليس له أن يلزمه القيمة

ــ

أي وولد؛ ففي الكلام احتباك.

قوله: [وما أكل الغاصب أو انتفع به] إلخ: ليس هذا تكراراً مع ما تقدم؛ لأن ما تقدم مبين فيه حكم ما نشأ من غير تحريك مع عدم فوات الأمهات وما هنا بيان لحكمه مع فوات الأمهات.

قوله: [وإنما له أخذ الثمن أو القيمة]: أي يخير بينهما وقوله يوم الغصب ظرف للقيمة. قوله: [ولا شيء عليه]: أي على المبتاع.

قوله: [ثم يرجع المبتاع]: أي حيث اختار المغصوب منه أخذ الولد.

قوله: [نقله المحشي]: مراده به (ر) كما هو نص (بن).

قوله: [لا ما نقله البعض]: مراده به (عب).

قوله: [وللغاصب أجرة عمله]: ظاهر بالنسبة للكلب والطير وأما بالنسبة للعبد فلا يظهر أن له أجرة.

قوله: [بخلاف آلة كشبكة]: الفرق بين غصب آلة الصيد وغصب العبد والجارح: أنه لما كان العبد والجارح يباشر الصيد بنفسه كان المصيد لربه، وأما الآلة من شبكة وشرك فلما كان المباشر للصيد بها الغاصب جعل المصيد له.

قوله: [وإذا لم يكن الصيد]: أي له فقد حذف خبر يكن.

قوله: [براحاً لا مبنية]: أي وأما كراء البناء فهو للغاصب. وهذا بالنسبة لما مضى قبل القدرة عليه، وأما بالنسبة لوقت القيام على الغاصب فتقدم الكلام عليه في قوله: "وخير ربه إن بنى أو غرس" إلخ.

قوله: [لا يوجب كراء]: أي فلا يعد استعمالاً موجباً للأجرة خلافاً للناصر اللقاني.

تنبيه: يقضى للمغصوب منه بكراء الأرض براحاً إذا بنيت واستعملت سواء كان البناء إنشاء أو ترميماً فيشمل الدار الخربة يصلحها الغاصب فيقوم الأصل قبل البناء أو الإصلاح بما يؤاجر به لمن يصلحه فيلزم الغاصب والزائد له، كمركب نخر يحتاج لإصلاح غصبه شخص فرمه وأصلحه واستعمله، فينظر فيما كان يؤاجر به لمن يصلحه فيغرمه الغاصب والزائد له بأن يقال كم تساوي أجرته نخراً لمن يعمره ويستغله؟ فما قيل لزم الغاصب، فإذا أخذ المالك المركب قضى له بأخذ ما لا عين له قائمة لو انفصل كالقلفطة، وأما ما له عين قائمة فإن كان مسمراً بها أو هو نفس المسامير خير ربها بين أن يعطيه قيمته منقوصاً وبين أن يأمره بقطعه، وإن كان غير مسمر - كالصواري والمجاديف والحبال - خير الغاصب بين أخذها وتركها وأخذ قيمتها، إلا أن يكون بموضع لا غنى عنها ولا يمكن سيرها لمحل أمنه إلا بها فيخير رب المركب بين دفعه قيمته بموضعه كيف كان أو يسلمه للغاصب. اهـ من الأصل.

قوله: [لأنه وإن ظلم لا يظلم]: أي كما هو مذهب ابن القاسم في المدونة.

وحاصله: أنه يرجع بالأقل مما أنفق والغلة، فإن كانت النفقة أقل من الغلة غرم زائد الغلة للمالك، وإن كانت النفقة أكثر فلا رجوع له بزائد النفقة، وإن تساويا فلا يلزم أحدهما للآخر شيء. قال (بن): محل كون الغاصب له ما أنفق إذا كان ما أنفقه ليس للمغصوب منه بد؛ كطعام العبد وكسوته وعلف الدابة والرعي وسقي الأرض إن كان المالك يستأجر له لو كان في يده، وأما إن كان يتولاه بنفسه أو بمن عنده من العبيد فلا شيء عليه.


[قال مُعِدُّ الكتاب للشاملة]
[١] في ط المعارف: (آخر).

<<  <  ج: ص:  >  >>