والرسالة التي ألفها الغرقاوي في جواز ذلك لا توافق قواعد المذهب.
(ولمن استحق) بالملك (أم ولد) ممن أولدها بشبهة، كأن اشتراها من غاصب بلا علم فأولدها فاستحق مالكها (قيمتها وقيمة ولدها) منه (يوم الحكم) بالاستحقاق، لا يوم الوطء ولا يوم الشراء والولد حر نسيب باتفاق إذا كان سيدها الواطئ حراً، هذا هو المشهور الذي رجع إليه مالك، وكان أولاً يقول: لربها أخذها إن شاء مع قيمة الولد يوم الحكم، ثم رجع عنه أيضاً، إلا أنه يلزم قيمتها فقط يوم الوطء وبه أفتي لما استحقت أم ولده إبراهيم، وقيل: أم ولده محمد.
(و) له (الأقل منها): أي من قيمة يوم قتله (ومن الدية في) القتل (الخطأ) ولو لم يأخذها الأب من عاقلة القاتل له (أو) الأقل منها أو (مما صالح به) أبوه القاتل (في) القتل (العمد) إن صالح بقدر الدية أو أقل أو أكثر، إلا أن يصالح بأقل منهما، فله أخذه والرجوع على الجاني بالأقل من باقي القيمة أو الدية، فإن اقتص الأب فلا شيء للمستحق. (لا إن عفا) الأب عن القاتل في العمد، فلا شيء عليه للمستحق، وللمستحق الرجوع على القاتل بالأقل من قيمة الولد والدية.
(ولا شيء لمستحق بحرية): لا صداق ولا غلة أي أن من اشترى أمة أو عبداً فوطئها أو استخدمها أو استخدم العبد فاستحقت حريتها فلا صداق في وطئها ولا غلة في استعمالها أو استعمال العبد.
(وإن استحق بعض) من متعدد اشتري في صفقة واحدة كأن يشتري عشرة أثواب بمائة فاستحق منها واحد أو أكثر (فكالمعيب) فإن كان مستحق وجه الصفقة تعين نقض البيع، لما تقدم أنه لا يجوز التمسك بالأقل إذا استحق الأكثر أو ظهر معيباً، وإن كان غير وجه الصفقة جاز التمسك بالباقي. ويعرف ذلك بالتقويم لا بالثمن الذي وقع به البيع.
ــ
في مقابلة شيء يدفعه لجهة الوقف، أو لا يقصد إحياء الوقف على أن ما بناه أو غرسه يكون له ملكاً ويدفع عليه حكراً معلوماً في نظير الأرض الموقوفة لمن يستحقه من مسجد أو آدمي، فلعل هذا يجوز إن شاء الله تعالى، ويسمى البناء والغرس حينئذ خلواً يملك ويباع ويورث. اهـ من الأصل. ولذلك قال الأجهوري: وملك الخلو من قبيل ملك المنفعة لا من قبيل ملك الانتفاع، وحينئذ فلمالك الخلو بيعه وإجارته وهبته وإعارته ويورث عنه ويتحاصص فيه غرماؤه، حكاه (بن) عن جملة من أهل المذهب وهو اسم لما يملكه دافع الدراهم من المنفعة التي وقعت في مقابلة الدراهم، ولذا يقال أجرة الوقف كذا وأجرة الخلو كذا.
قوله: [والرسالة التي ألفها] إلخ: تنويع في التعبير كأنه قال: إن كان استنادهم فتوى الناصر فهي ليست من هذا القبيل، وإن كان استنادهم الرسالة المذكورة فهي لا توافق قواعد المذهب.
قوله: [إذا كان سيدها الواطئ حراً]: مفهومه لو كان رقيقاً لأخذ وبقي على رقة؛ لأنه ليس خيراً من أبيه.
قوله: [مع قيمة الولد يوم الحكم]: أي وتعتبر قيمته بدون ماله كما أن الأم تقوم بدون مالها؛ لأن مالها لمستحقها كما في الأجهوري.
قوله: [وبه أفتي]: عبر عنه ابن رشد بقوله: وبه حكم عليه في استحقاق أم ولده اهـ. قال (بن): وفيه دليل على أن " أفتي " في كلام غيره مبني للمفعول، وأن غيره أفتاه في هذا، لا أنه أفتى به لنفسه والله أعلم. وفي كلام الفاكهاني ما يقتضي أنه هو الذي أفتى بذلك لنفسه. اهـ.
قوله: [أو مما صالح]: المناسب الواو أي: فإذا كانت القيمة يوم القتل مائتين ووقع الصلح بخمسمائة أخذ المستحق القيمة مائتين؛ لأنها أقل مما صالح به، وإن وقع الصلح بمائتين قدر القيمة أخذهما المستحق، فإن صالح بمائة تعين أن يأخذها المستحق لا القيمة التي هي أكثر من ذلك، فإذا أخذ المستحق تلك المائة من الأب رجع ذلك المستحق على الجاني أيضاً بمائة باقي القيمة إن كانت القيمة مائتين كما فرضنا.
قوله: [لا صداق ولا غلة]: أي لما مر من أن الغلة لذي الشبهة والمشتري ذو شبهة، وهذا بخلاف مستحق مدعي حرية استعمله إنسان، فلمن استحقه برق الرجوع على من استعمله بأجرة استعماله إلا القليل؛ كسقي الدابة وشراء شيء تافه فلا رجوع له به.
قوله: [وإن استحق بعض] إلخ: هذه المسألة تقدمت في باب الخيار مفصلة، وإنما ذكرها هنا؛ لأن ما هنا محلها.
قوله: [فكالمعيب]: حاصل استحقاق البعض أن تقول: لا يخلو إما أن يكون شائعاً، أو معيناً. فإن كان شائعاً بما لا ينقسم - وليس من رباع الغلة - خير المشتري في التمسك والرجوع بحصة المستحق من الثمن، وفي رده لضرر الشركة سواء استحق الأقل أو الأكثر، وإن كان مما ينقسم أو كان متخذاً للغلة خير في استحقاق الثلث ووجب التمسك فيما دونه، وإن استحق جزء معين، فإن كان مقوماً كالعروض والحيوان رجع بحصة البعض المستحق بالقيمة لا بالقسمة، وإن استحق وجه الصفقة تعين رد الباقي، ولا يجوز التمسك بالأقل وإن كان مثلياً، فإن استحق الأقل رجع بحصته من الثمن، وإن استحق الأكثر خير في التمسك والرجوع بحصته من الثمن وفي الرد. وكذلك يخير في التمسك والرد في جزء شائع مما لا ينقسم إن كانت حصته من الثمن معلومة. اهـ (بن).
قوله: [جاز التمسك بالباقي]: مقتضى الحاصل المتقدم وجوب التمسك بالباقي.