وأن يكون في نصيبه ما يكفيه واقتصر على قدر نصيبه في السكنى، فإن زاد غرم، تأمل: وأن لا يكون الطارئ يحجب المطروّ عليه، وأن يفوت الإبان فيما له إبان فطروّ وارث على غيره قبل الإبان لا يمنع قيام الطارئ في تلك السنة.
(وإن بنى) ذو الشبهة (أو غرس) فاستحق (قيل للمالك) الذي استحق الأرض: (ادفع قيمته قائماً) منفرداً عن الأرض؛ لأن ربه بناه بوجه شبهة، (فإن أبى قيل للباني: ادفع) لمستحق الأرض (قيمة الأرض) براحاً (فإن أبى) أيضاً (فشريكان بالقيمة): هذا بقيمة أرضه براحاً وهذا بقيمة بنائه أو غرسه قائماً (يوم الحكم) لا يوم الغرس أو البناء (إلا المستحقة بحبس) على معينين أو غيرهم (فالنقض) بضم النون: أي المنقوض متعين لربه بأن يقال له: انقض بناءك أو غرسك وخذه ودع الأرض لمن وقفت عليه، إلا أن يكون في بقائه منفعة للوقف ورأى الناظر إبقاءه فله دفع قيمته منقوضاً من ريع الوقف إن كان له ريع، فإن لم يكن له ريع ودفعه من عنده متبرعاً لحق بالوقف وليس له أن يتملكه؛ كما لو بنى هو أو غيره بإذنه فلا يكون مملوكاً له ولا لغيره بل هو ملحق بالوقف على ما نصوا عليه.
واعلم أن الواقع الآن بمصر أن النظار يبيعون أوقاف المساجد أو غيرها والمشتري منهم عالم عارف بأن هذا وقف على مسجد الغوري أو الأشرف أو غيرهما أو على بني فلان، ثم يجعلون لجهة الوقف دراهم قليلة يسمونها حكراً ويسمون استيلاء البغاة على تلك الأوقاف خلواً وانتفاعاً، يباع ويشترى ويورث، وبعضهم يرفع ذلك الحكر بتوجيه الناظر على نحو جامكية أو وظيفة ويبطلون الوقف من أصله ثم ينسبون جواز ذلك للمالكية، وصار قضاة مصر يحكمون بصحة ذلك معتمدين على جواز ذلك عند المالكية، وحاشا المالكية أن يقولوا بذلك: كيف؟ ومذهبهم هو المبني على سد الذرائع وإبطال الحيل؟ وسندهم: فتوى وقعت من الناصر اللقاني ليست من هذا القبيل فانظرها في المطولات.
ــ
بالغلة، وهي ستة تؤخذ من المتن والشرح.
قوله: [وأن يكون في نصيبه ما يكفيه]: في الأصل والخرشي زيادة "لا"، والصواب ما قاله الشارح هنا.
قوله: [تأمل]: إنما أمر بالتأمل؛ لأن قوله واقتصر على قدر نصيبه في السكنى مشكل لما قالوه في مسألة الشريكين الآتية في التنبيه الذي ذكرناه: من أن العلم بالطارئ لا يضر حيث اقتصر على نصيبه.
قوله: [وأن يفوت الإبان فيما له إبان]: أي كالأرض التي تراد للزراعة، فإن كان الإبان باقياً فلا يفوز المطرو عليه بما انتفع به بل يحاسبه الطارئ بقدر ما يخصه.
تنبيه: إذا كانت الدار مشتركة بين شخصين فاستغلها أحدهما مدة، فإن كان بكراء رجع عليه شريكه بحصته، وإن استغلها بالسكنى فلا شيء عليه لشريكه إن سكن في قدر حصته، فإن سكن أكثر منها رجع عليه شريكه. ولا يشترط في عدم اتباع شريكه له إلا هذا الشرط وباقي الشروط المتقدمة لا تعتبر كما يؤخذ من (بن).
قوله: [وإن بنى ذو الشبهة أو غرس]: أو مانعة خلو تجوز الجمع، والمراد بذي الشبهة المشتري أو المكتري من الغاصب أو الموهوب له منه أو المستعير ولم يعلم واحد منهم بالغصب.
وقوله: "بنى أو غرس": فرض مسألة إذ لو صرف مالاً على تفصيل عرض أو خياطته أو عمر سفينة فالحكم كذلك كما في الحاشية، واحترز بذي الشبهة مما لو بنى أحد الشركاء أو غرس بغير إذن شريكه، فما لا بد منه يرجع به وإلا فلا يلزم بقلعه، بل إن اقتسموا ووقع في قسم غيره دفع له قيمته منقوضاً، وإن أبقوا الشركة على حالها فلهم أن يأمروه بأخذه أو يدفعوا له قيمته منقوضاً.
قوله: [ادفع قيمته قائماً]: أي ولو من بناء الملوك؛ لأنه وضعه بوجه شبهة كذا في الخرشي، ورده (بن) بأن ابن عرفة قيده بما إذا لم يكن من بناء الملوك وذوي السرف، فإن كان ذلك فالمنصوص أن فيه قيمته منقوضاً؛ لأن شأنهم الإسراف والتغالي، واحتج لذلك بسماع القرينين.
قوله: [يوم الحكم]: أي بالشركة وكيفية التقويم أن يقال: ما قيمة البناء قائماً على أنه في أرض الغير؟ فيقال: كذا، وما قيمة الأرض مفردة عن الغرس أو البناء الذي فيها؟ فيقال: كذا، فيكونا شريكين بقيمة ما لكل، فلو قيل للمستحق: أعطه قيمته قائماً فقال: ليس عندي ما أعطيه الآن، ولكن يسكن وينتفع حتى يرزقني الله ما أؤدي منه قيمة البناء أو الغرس، لم يجز ذلك ولو رضي المستحق منه؛ لأنه سلف جر نفعاً، وكذا لا يجوز أن يتراضيا على أن المستحق منه يستوفي ما وجب له من قيمة البناء أو الغرس من كراء الشيء المستحق لفسخ الدين في الدين عند ابن القاسم، وأجازه أشهب بناء على أن قبض الأوائل كقبض الأواخر.
قوله: [إلا المستحقة بحبس فالنقض]: ما مر فيما إذا لم تستحق الأرض بحبس، والمعنى أن من بنى أو غرس في الأرض توجب شبهة ثم استحقت بحبس فليس للباني أو الغارس إلا نقضه، إذ لا يجوز له أن يدفع قيمة البقعة؛ لأنه يؤدي إلى بيع الحبس، وليس لنا أحد معين نطالبه بدفع قيمة البناء أو الغرس قائماً فيتعين النقض بضم النون، وظاهره سواء كان الحبس على معينين أو غيرهما. خلافاً لما ذكره ابن الحاجب عن بعض الأصحاب.
قوله: [فانظرها في المطولات]: حاصلها أنه قال في فتواه: اللهم إلا أن يتعطل الوقف بالمرة ولم يكن هناك ريع له يقيمه ولم يمكن إجارته بما يقيمه فأذن الناظر لمن يبني فيه أو يغرس