للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أي لوقت الحكم بالاستحقاق، فليس للمستحق قبل الاستحقاق شيء منها وأما الغاصب أو المتعدي فلا غلة له كما تقدم. ثم مثل لذي الشبهة بقوله: (كوارث غير غاصب، وموهوب، ومشتر ولو منه) أي من الغاصب (إن لم يعلما): أي الموهوب والمشتري بأن الواهب أو البائع له غاصب (بخلاف وارث غاصب مطلقاً) علم بأن مورثه غاصب أو لم يعلم، فلا غلة له كما تقدم في الغصب فليس بذي شبهة. فإن علم الموهوب أو المشتري بأن الواهب أو البائع غاصب فغاصبان كما تقدم، كالوارث إن علم، فإن لم يعلم فله حكم الغاصب من أنه لا غلة له.

(و) بخلاف (موهوبه): أي موهوب الغاصب ولم يعلم فلا غلة له (إن عدم الغاصب) فإن وجد موسراً مقدوراً عليه فله الغلة والرجوع حينئذ على الغاصب كما تقدم في الغصب.

(ومحيي أرضاً ظنها مواتاً) فتبين أنها مملوكة فلا غلة له، بل لمستحقها ذكره ابن يونس، ولم يحك فيه خلافاً، ولذا قال أبو الحسن: الغلة لا تكون لكل ذي شبهة.

(و) بخلاف (وارث طرأ عليه ذو دين): فلا غلة للوارث المطروّ عليه بل يأخذ منه رب الدين الموروث وغلته. أي أن الوارث إذا ورث عقاراً كدار مثلاً - واستغله بسكنى أو كراء ثم طرأ عليه من له دين على الميت، فإن الوارث يرد الموروث وغلته لرب الدين إذا كان الدين يستوفيها وليس له إلا ما فضل عن الدين. وما هلك من ذلك بسماوي لا ضمان عليهم فيه. (أو) طرأ عليه (وارث) مثله، فإن الأول لا يستقل بالغلة، فالأخ الطارئ يقاسم الأخ الأول فيما ترك الميت من عقار أو غيره وفيما استغله. (إلا أن ينتفع) المطروّ عليه بما ترك الميت (بنفسه) من غير كراء؛ كأن يسكن الدار ويركب الدابة ويزرع الأرض فلا يرجع عليه الطارئ بشرط أن لا يكون عالماً بالطارئ،

ــ

لبعض الشيوخ كذا في الحاشية.

قوله: [أي لوقت الحكم]: " اللام " للغاية بمعنى إلى، والمعنى: أن الغلة تكون لذي الشبهة والمجهول حاله من يوم وضع يده إلى يوم الحكم به لذلك المستحق، وكان القياس أن تكون النفقة على صاحب الشبهة لكن سيأتي في باب القضاء أن النفقة تكون على المقضي له كما هو مذهب المدونة وهو خلاف القياس؛ لأن القياس أن من له الغنم عليه الغرم.

قوله: [علم بأن مورثه غاصب أو لم يعلم]: أي كان الغاصب موسراً أو معسراً، فإذا مات الغاصب عن سلعة مغصوبة استغلها مورثه أخذها المستحق وأخذ غلتها أيضاً منه.

قوله: [فغاصبان]: أي حكماً.

قوله: [كالوارث]: أي وارث كل من الموهوب له والمشتري.

قوله: [فإن لم يعلم] أي من ذكر من الموهوب له والمشتري والوارث لأحدهما، هذا هو المتبادر من العبارة.

وقوله: [فله حكم الغاصب] إلخ: صوابه فله الغلة إلى يوم الحكم.

قوله: [بل لمستحقها]: أي مستحق الأرض بالملكية ويجري فيه حكم قوله أول الباب إن زرع متعد فقدر عليه إلخ.

قوله: [ومحيي أرضاً فظنها مواتاً] إلخ: انظر هل من زرع أرضاً ظنها ملكه فتبين خلافه، حكمها حكم من أحيا أرضاً ظنها مواتاً أو حكم صاحب الشبهة القوية؟

قوله: [فلا غلة للوارث المطرو عليها]: أي بل يأخذها رب الدين إذا كان الدين يستوفيها، وظاهره ولو كانت ناشئة عن تجر الوارث أو تجر الوصي للوارث، وهو كذلك. فإذا مات شخص وترك ثلاثمائة دينار وترك أيتاماً واتجر وصيهم في القدر المذكور حتى صار ستمائة فطرأ على الميت دين قدرها أو أكثر، فلأصحاب الدين أخذها عند ابن القاسم، خلافاً للمخزومي القائل: إن رب الدين الطارئ إنما يأخذ الغلة من الوارث إذا كانت غير ناشئة عن تحريكه أو تحريك وصيه، وقولنا: واتجر وصيهم في القدر المذكور: أي للأيتام، وأما إن اتجر لنفسه فالظاهر أن ربح المال له؛ لأنه متسلف " ولا يقال: قد كشف الغيب أن المال للغريم؛ لأننا نقول: الوصي المتجر لنفسه أولى ممن غصب مالاً واتجر فيه فإن ربحه له، وأما لو طرأ الغريم بعد إنفاق الولي التركة على الأيتام وهو غير عالم بالغريم فلا شيء على الولي ولا على الأيتام؛ لأنه أنفق بوجه جائز كما في المدونة. بخلاف إنفاق الورثة الكبار نصيبهم فإنهم يضمنون للغريم الطارئ بلا خلاف. وقرر في الحاشية في هذا المحل ما محصله: لو عمل أولاد رجل في ماله في حال حياته معه أو وحدهم ونشأ من عملهم غلة كانت تلك الغلة للأب، وليس للأولاد إلا أجرة عملهم يدفعها لهم بعد محاسبتهم بنفقتهم وزواجهم إن زوجهم، فإن لم تف أجرتهم بذلك رجع عليهم بالباقي إن لم يكن تبرع لهم بما ذكر، وهذا ما لم يكن الأولاد بينوا لأبيهم أولاً أن ما حصل من الغلة لهم أو بينهم وبينه، وإلا عمل بما دخلوا عليه.

وقرر أيضاً أنه: إذا اتجر بعض الورثة في التركة فما حصل من الغلة فهو تركة وله أجرة عمله إن لم يبين أولا أنه يتجر لنفسه: فإن بين كانت الغلة له والخسارة عليه وليس للورثة إلا القدر الذي تركه مورثهم.

قوله: [أو طرأ عليه وارث]: أشعر قوله طرأ عليه وارث أنه لو طرأ مستحق وقف على مستحق آخر استغله أو سكنه وهو يرى أنه منفرد به لم يرجع عليه بالغلة ولا بالسكنى وهو كذلك رواه ابن القاسم عن مالك، وأما إن استغله وهو عالم بالطارئ رجع عليه بما يخصه في الغلة.

قوله: [إلا أن ينتفع المطرو عليه]: شروع في شروط عدم رجوع الطارئ

<<  <  ج: ص:  >  >>