للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فيجب إن كان المالان لغيره فإن كان أحدهما له وجب أحد الأمرين. إما الخلط أو تقديم القراض ومنع تقديم ماله، فإن قدمه فخسر مال القراض ضمن. وقيل: معنى الصواب الند [١] فلا يضمن إن قدم ماله فحصل للقراض رخص. ومثل الرخص في البيع الغلاء في الشراء.

(وسفره): أي العامل بمال القراض، فيجوز (إن لم يحجر عليه) رب المال (قبل شغله): أي المال بأن لم يحجر عليه أصلاً أو حجر بعد شغله، فإن حجر عليه قبل شغله ولو بعد العقد، لم يجز. فإن خالف وسافر ضمن بخلاف ما لو خالف وسافر بعد شغله إذ ليس لربه منعه من السفر بعده.

(واشتراطه): أي رب المال على العامل (أن لا ينزل وادياً) ينص له عليه (أو) لا (يمشي) بالمال (ليلاً) خوفاً من نحو لص (أو) لا ينزل (ببحر أو) لا (يبتاع) به (سلعة) عينها له لغرض فيجوز.

(وضمن إن خالف) في جميع ما ذكر وتلف المال أو بعضه.

(كأن عمل) بالمال (بموضع جور له): أي للعامل بأن كان لا حرمة له فيه ولا جاه فإنه يضمن، وإن لم يكن جوراً لغيره. كما أنه لا ضمان عليه فيما لا جور عليه فيه وإن كان جوراً لغيره.

(أو) عمل بالمال (بعد علمه بموت ربه) فإنه يضمن إن كان عيناً؛ لأنه صار لغيره. لا إن لم يعلم بموته لعذره، ولا إن كان عرضاً فباعه بعد علمه فلا يضمن خسره، إذ ليس للورثة أن يمنعوه من التصرف فيه. وظاهره الضمان بعد العلم بموته سواء كان العامل حاضراً ببلد المال أو غائباً به قريباً أو بعيداً وهو الراجح. وقيل: محل الضمان إذا كان حاضراً.

(أو شارك) العامل في مال القراض غيره - ولو عاملاً آخر - لرب ذلك القراض بغير إذن رب المال، فإنه يضمن لأن ربه لم يستأمن غيره فيه.

(أو باع) سلعة من سلع القراض أو أكثر (بدين) بلا إذن، فإنه يضمن.

(أو قارض): أي دفعه أو بعضه قراضاً لآخر (بلا إذن) من ربه؛ فإنه يضمن.

فقوله: "بلا إذن" راجع للأربعة قبله إلا أن الإذن في الأولى من الورثة (والربح) في الأخيرة (بينهما): أي بين رب المال والعامل الثاني الذي حرك المال (ولا ربح للأول) لتعديه بدفعه للثاني بلا إذن من ربه.

(وعليه): أي على العامل الأول (الزيادة) للثاني (إن زاد) له في الربح على ما جعله له رب المال، كما لو جعل له الثلث في الربح، فقارض آخر بالنصف، فالربح بين ربه والعامل الثاني على الثلث والثلثين، وعلى العامل الأول للثاني تمام النصف. فإن دخل معه على أقل - كالربع في المثال - فالزائد لرب المال.

ــ

خالف وخلط كان الربح بينهما والخسر على العامل.

قوله: [فيجب إن كان المالان لغيره]: أي كما لابن ناجي.

قوله: [أو تقديم القراض]: أي الذي هو مال الغير.

قوله: [ضمن]: أي على مقتضى الوجوب.

قوله: [وقيل معنى الصواب الندب]: هو لبعض شيوخ ابن ناجي.

قوله: [فلا يضمن]: أي لكونه لم يخالف واجباً.

قوله: [الغلاء في الشراء]: أي طروّ الغلاء في السلع التي شأن عمل القراض فيها.

قوله: [أو حجر بعد شغله]: أي كلاً أو بعضاً.

قوله: [بعده]: أي بعد شغل المال سواء كان المال قليلاً أو كثيراً كان السفر قريباً أو بعيداً، كان العامل شأنه السفر أم لا.

قوله: [ألا ينزل وادياً]: أي محلاً منخفضاً شأنه يخاف منه.

قوله: [لغرض]: أي لقلة ربحها عادة مثلاً.

قوله: [فيجوز]: مرتبط بقوله: "واشتراطه" إلخ. وقدر هذا ليعلم أن هذه الأشياء مجرورة معطوفة على مدخول الكاف في قوله: "كادفع لي" المشبه بالجواز قبله.

قوله: [في جميع ما ذكر]: أي في شيء من جميع ما ذكر.

قوله: [وتلف المال أو بعضه]: أي زمن المخالفة، وأما لو تجرأ واقتحم النهي وسلم، ثم حصل تلف بعد ذلك من غير الأمر الذي خالف فيه فلا ضمان، وكذا لو خالف اضطراراً بأن مشى في الوادي الذي نهي عنه أو سافر بالليل أو في البحر اضطراراً لعدم المندوحة فلا ضمان ولو حصل تلف - كما في الحاشية.

وإذا تنازع العامل ورب المال في أن التلف وقع زمن المخالفة أو بعدها صدق العامل في دعواه كما في (ح) عن اللخمي.

قوله: [فإنه يضمن]: أي لظهور التفريط منه حيث كان التلف من أجل الجور لا من أمر سماوي.

قوله: [وقيل محل الضمان] إلخ: هذا التقييد لابن يونس قائلاً: إن كان بغير بلد المال فله تحريكه، ولو علم بموته، نظراً إلى أن السفر عمل لشغل المال، واعتمد هذا (بن) نقلاً عن أبي الحسن وابن عرفة وغيرهما.

قوله: [لأن ربه لم يستأمن غيره فيه]: أي فقد عرضه للضياع، ومحل الضمان إذا غاب شريكه العامل الذي شاركه بلا إذن على شيء من المال إن حصل خسر أو تلف، وسواء كان الشريك صاحب مال أو عاملاً، وأما إن لم يغب على شيء لم يضمن إذا تلف كما قاله ابن القاسم واعتمده أبو الحسن.

قوله: [بدين]: أي نسيئة فيضمن؛ لأنه عرضه للضياع، فإن حصل ربح فهو لهما، وإن حصل خسر فعلى العامل وحده على المشهور.

قوله: [راجع للأربعة قبله]: أي وهي قوله أو بعد علمه بموت ربه وما بعده، وأما ما قبلها فمعلوم أنه بلا إذن من قوله وإن خالف.

قوله: [ولا ربح للأول]: إلخ، حاصله: أن عامل القراض إذا دفع المال لعامل آخر قراضاً بغير إذن رب المال فإن حصل تلف أو خسر فالضمان من العامل الأول، وإن حصل ربح فلا شيء للعامل الأول منه، وإنما الربح للعامل الثاني ورب المال، ثم إن دخل العامل الثاني مع الأول على مثل ما دخل عليه الأول مع رب المال فظاهر،


[قال مُعِدُّ الكتاب للشاملة]
[١] في ط المعارف: (الندب)، ولعلها الصواب.

<<  <  ج: ص:  >  >>