للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

(وإن نهاه): أي نهى رب المال العامل (عن العمل) بماله (قبله): أي قبل العمل، وانحل العقد حينئذ فخالف وعمل (فله) الربح وحده (وعليه) الخسر، وليس لرب المال عليه إلا رأس ماله.

(وإن جنى كل) من رب المال أو العامل على شيء من مال القراض، (أو) جنى (أجنبي) على شيء منه فأتلفه (أو أخذ) منه (شيئاً) قبل العمل أو بعده (فالباقي) بعد الجناية أو الأخذ هو (رأس المال) فالربح له خاصة (ولا يجبره): أي المال الأصلي قبل الجناية أو الأخذ منه (ربح) من الباقي، فليس ما ذكر كالخسر يجبر بالربح؛ لأن الجاني أو الآخذ إن كان رب المال، فقد رضي بأن الباقي هو رأس ماله، وإن كان العامل اتبع به في ذمته كالأجنبي، ولا ربح لما في الذمة.

(وعلى الجاني) منهم (ما جنى): فإن كان رب المال فأمره ظاهر، وإن كان غيره فعليه ما يلزمه شرعاً من أرش أو قيمة أو مثل، وما وقع هنا لبعض الشراح لا يعول عليه.

(ولا يشتري) العامل: أي لا يجوز له أن يشتري سلعاً للقراض (بنسيئة) أي تأخير أي بدين في ذمة ربه (وإن أذن ربه) له في ذلك. وأما شراؤه لنفسه فجائز إذا لم يشغله عن القراض. (ولا) يشتري للقراض (بأكثر من مال القراض) ولو بنقد من عنده.

(فإن اشترى) سلعة بدين للقراض أو بأكثر من ماله (فالربح له): أي للعامل، أي ربح تلك السلعة ولا شيء منه لرب المال. كما أن الخسر عليه. كما لو اشترى بدين لنفسه، ثم إذا اشترى تلك السلعة لنفسه أو للقراض [١] بدين في ذمته منفردة عن سلع القراض وباعها كذلك، فجميع ربحها له وخسرها عليه ولا تعتبر قيمتها.

(و) إن اشترى في جملة سلع التجارة (شارك بقيمته): أي قيمة المؤجل ولو عيناً، فتقوم العين بعرض ثم العرض بعين، ثم ينظر لما يخصه من الربح، فإذا كان مال القراض مائة فاشترى سلعة بمائتين مائة هي مال القراض والأخرى مؤجلة، فتقوم مؤجلة بعرض ثم العرض بنقد. فإذا كانت قيمته خمسين كان شريكاً بالثلث فيختص بربحه وخسره، وما بقي على حكم القراض. وهذا في المؤجل، وأما لو اشترى بنقد فالشركة بعدده واختص بربحه إن اشتراه لنفسه ويصدق.

ــ

وإن دخل معه على أكثر مما دخل عليه، فإن العامل الأول يغرم للثاني الزيادة، وإن دخل معه على أقل فالزائد لرب المال لا للعامل الأول، فإن لم يحصل للعامل الثاني ربح فلا شيء له ولا يلزم العامل الأول لذلك الثاني شيء، كما هو القاعدة أن العامل لا شيء له إذا لم يربح المال.

تنبيه: كل من أخذ مالاً للتنمية لربه بغير قراض كوكيل على بيع شيء ومبضع معه فربح فيه فلا ربح له، بل لرب المال كأن يوكله على بيع سلعة بعشرة فباعها بأكثر فالزائد لربها لا للوكيل، وكأن يبضع معه عشرة ليشتري له بها عبداً أو طعاماً من محل كذا فاشتراه بثمانية فالفاضل من الثمن لرب المال لا للمشتري، وأما لو باعها بعشرة كما أمره، واتجر في العشرة حتى حصل فيها ربح، أو أن المبضع معه اشترى بالعشرة سلعة غير ما أمره بإبضاعها فربح فيها فالربح للوكيل فيهما، كالمودع يتجر في الوديعة، والغاصب والوصي والسارق إذا حركوا المال الربح لهم والخسر عليهم.

قوله: [وإن نهاه] إلخ: صورتها أعطى شخص العامل مالا ليعمل فيه قراضاً، ثم قبل أن يعمل به قال له: يا فلان لا تعمل، فحينئذ ينحل عقد القراض، ويصير المال كالوديعة، فإذا عمل بعد ذلك كان الربح للعامل وحده.

قوله: [وليس لرب المال عليه إلا رأس ماله]: ظاهره: ولو أقر العامل أنه اشترى للقراض بعد ما نهاه، وهو ما اختاره في التوضيح، وقال ابن حبيب: إذا أقر أنه اشترى بعد ما نهاه للقراض فالربح لهما لالتزامه لرب المال نصيبه من الربح فيلزمه الوفاء به.

قوله: [قبل الجناية أو الأخذ]: صفة للمال الأصلي، كأنه قال: لا يجبر بالربح المال الأصلي الكائن قبل حصول الجناية أو قبل حصول الأخذ منه.

قوله: [لأن الجاني أو الآخذ]: علة للنفي.

قوله: [فقد رضي بأن الباقي] إلخ: أي وفسخ عقد القراض فيما أخذه؛ لأن القراض منحل قبل العمل.

قوله: [كالأجنبي]: أي يتبع به في ذمته أيضاً.

قوله: [ولا ربح لما في الذمة]: أي لأن أخذ الربح عليه ربا.

قوله: [وما وقع هنا لبعض الشراح] إلخ: أي فلا فرق بين أن تكون الجناية قبل العمل أو بعده في كون الباقي رأس المال، ولا يجبر ذلك بالربح ويتبع الآخذ بما أخذه والجاني بما جنى عليه كما قاله (ر) خلافاً لتفصيل الخرشي حيث قال: إن كانت قبله يكون الباقي رأس المال وما بعده فرأس المال على أصله؛ لأن الربح يجبره، ومثله في (عب) قال (ر): هو خطأ فاحش فمراد الشارح ببعض الشراح الخرشي و (عب).

قوله: [أي لا يجوز له أن يشتري سلعاُ] إلخ: إنما منع ذلك لأكل رب المال. ربح ما لم يضمن. وقد نهى النبي - عليه الصلاة والسلام - عنه، ثم إن المنع مقيد بما إذا كان العامل غير مدير، وأما المدير فله الشراء للقراض بالدين كما في سماع ابن القاسم، ابن عرفة؛ لأن عروض المدير كالعين في الزكاة، ويجب أن يقيد ذلك بكون ما يشتريه بالدين يفي به مال القراض وإلا لم يجز. اهـ. (بن).

قوله: [وإن أذن ربه]: أي بخلاف بيعه بالدين فإنه يمنع ما لم يأذن له رب المال، وإلا جاز. ولا يقال: إن إتلاف المال لا يجوز؛ لأن التلف هنا غير محقق. على أن إتلاف المال الممنوع رميه في بحر أو نار مثلاً بحيث لا ينتفع به أصلاً.

قوله: [ولا يشتري للقراض بأكثر]: أي لأنه سلف جرَّ نفعاً إذا نقدوا كل ربح ما لم يضمن


[قال مُعِدُّ الكتاب للشاملة]
[١] في ط المعارف: (للقرض).

<<  <  ج: ص:  >  >>