للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وإن اشتراه للقراض خير رب المال بين دفع المائة الثانية فيكون جميع المال له وعدم الدفع فالشركة على النصف.

(وجبر) بالبناء للمفعول (خسره): أي المال نائب الفاعل: أي إذا حصل في المال خسر، كما لو كانت مائة اشترى بها سلعة، فباعها بثمانين ثم اشترى بها شيئاً باعه بمائة وعشرين، فإنه يجبر بالربح. وما زاد بعد الجبر فبينهما على ما شرطا [١]، فالعشرون في المثال هي التي تكون بينهما، ولو باعه بمائة فقط فلا ربح بينهما. ولو دخلا على عدم الجبر بالربح لم يعمل به والشرط ملغى.

(و) جبر أيضاً (ما تلف) من القراض وألحق به ما أخذه لص أو عشار - (وإن) وقع التلف (قبل العمل) بالمال: أي قبل تحريكه - (بالربح): متعلق ب "جبر". ومعنى جبره بالربح: أنه يكمل منه ما نقصه بالخسر أو التلف، ثم إن زاد شيء قسم بينهما كما تقدم (ما لم يقبض) المال من العامل، فإن قبضه ربه ناقصاً عن أصله، ثم رده له فلا يجبر بالربح؛ لأنه حينئذ صار قراضاً مؤتنفاً. ومعلوم أن الجبر إنما يكون إذا بقي شيء من أصل المال، فلو تلف جميعه فأتى له ربه ببدله فلا جبر للأول بربح الثاني.

(ولربه خلفه): أي خلف التالف كلاً أو بعضاً، إلا أنه إذا تلف الكل فأخلفه فربح في الثاني فلا جبر كما قدمنا. وإذا تلف البعض فأخلفه فيجبر الباقي بما ينوبه من الربح، لا بما ينوب الخلف. قال اللخمي: من ضاعت له خمسون من مائة فخلفها رب المال، ثم باع بمائة وخمسين وكان قراضاً بالنصف أن يكون للعامل اثنا عشر ونصف؛ لأن نصف السلعة على القراض الأول ورأس ماله مائة ولا شيء للعامل فيه، ونصفها على القراض الثاني ورأس ماله خمسون وله نصف ربحها ولا يجبر الأول بالثاني انتهى. أي بما ينوب الثاني من الربح، وتقدم أن الجناية وما أخذ ربه أو غيره لا يجبر بربح.

(وأنفق) العامل (منه): أي من مال القراض: أي يجوز له الإنفاق على نفسه من مال القراض، ويقضى له بذلك بشروط أربعة: أشار لأولها وثانيها بقوله: (إن سافر) به (للتجارة): أي شرع في السفر لتنمية المال ولو دون مسافة القصر من طعام وشراب وركوب ومسكن وما يتعلق بذلك من حمام وغسل ثوب على وجه المعروف كما يأتي حتى يرجع لوطنه،

ــ

إذا لم ينقد.

قوله: [وإن اشتراه للقراض]: مقابل قوله: " إن اشتراه لنفسه " ولا فرق في كل بين أن يكون الشراء بحال أو مؤجل. فقوله: " خير رب المال " لا فرق فيه بين الحال والمؤجل، وصور تلك المسألة أربع عند الخلط ومثلها عند عدمه. فحيث خلط وقصد بها نفسه شارك بالعدد إن كانت الزيادة حالة وبالقيمة إن كانت الزيادة مؤجلة. وإن قصد بها القراض خير رب القراض بين الالتزام بتلك الزيادة إن كانت حالة فعلى حلولها، وإن كانت مؤجلة فعلى أجلها، ويصير المال كله للقراض أو يتركها للعامل فيشاركه على ما تقدم، وإن لم يخلط تلك الزيادة كان ربحها للعامل وخسرها عليه مطلقاً، هذا محصل المتن والشرح في هذا المبحث.

قوله: [بين دفع المائة الثانية]: أي عددها حالة أو مؤجلة بحيث يكون رب المال ضامناً لتلك المائة في ذمته متى جاء الأجل دفعها كما يؤخذ من (بن).

قوله: [خسره]: الخسر ما ينشأ عن تحريك كما سيوضحه في المثال.

والتلف ما لا ينشأ عن تحريك كما سيوضحه في المثال أيضاً، وكلام المؤلف في القراض الصحيح أو الفاسد الذي فيه قراض المثل، وأما الذي فيه أجرة المثل فلا يتأتى فيه جبر كما في الحاشية.

قوله: [لم يعمل به]: هذا هو ظاهر ما لمالك وابن القاسم، وحكى بهرام مقابله عن جمع، فقالوا: محل الجبر ما لم يشترطا خلافه وإلا عمل بذلك الشرط. قال بهرام: واختاره غير واحد، وهو الأقرب؛ لأن الأصل إعمال الشروط لخبر: «المؤمنون عند شروطهم» ما لم يعارضه نص. كذا في الحاشية نقلاً عن (عب).

قوله: [بسماوي]: أي وأما ما تلف بجناية فلا يجبره الربح لما مر أنه يتبع به الجاني، سواء كان أجنبياً أو العامل كانت الجناية قبل العمل أو بعده.

قوله: [وألحق به ما أخذه لص أو عشار]: قال (عب): حكم أخذ اللص والعشار حكم السماوي ولو علما وقدر على الانتصاف منهما نقله محشي الأصل.

قوله: [لا بما ينوب الخلف]: أي خلافاً لما في (عب).

قوله: [على القراض الأول]: متعلق بمحذوف خبر إن: أي مفضوض، وكذلك قوله ونصفها على القراض الثاني.

قوله: [وتقدم أن الجناية] إلخ: أي في قوله: "وإن جنى كل أو أجنبي أو أخذ شيئاً فالباقي رأس المال لا يجبره ربح " إلخ.

تنبيه: لا يجبر رب المال على الخلف مطلقاً، تلف كل المال أو بعضه قبل العمل أو بعده. وإذا أراد الخلف ففيه تفصيل؛ فإن تلف جميعه لم يلزم العامل قبوله، وأما إن تلف بعضه فيلزمه قبوله إن تلف البعض بعد العمل لا قبله؛ لأن لكل منهما الفسخ. وحيث كان لا يلزم رب المال الخلف، واشترى العامل سلعة للقراض فذهب ليأتي لبائعها بثمنها فوجد المال قد ضاع، وأبى ربه من الخلف لزمت السلعة العامل فإن لم يكن له مال بيعت وربحها له وخسرها عليه، كما يؤخذ من الأصل.

مسألة: إن تعدد العامل، بأن أخذ اثنان أو أكثر مالاً قراضاً، وعملوا فيه فض الربح على حسب العمل كشركاء الأبدان، فيأخذ كل واحد منهم بقدر عمله، ولا يجوز أن يتساووا في العمل مع اختلافهم في الربح وعكسه.

قوله: [ويقضى له بذلك]: أي عند المنازعة.

قوله: [من طعام] إلخ: من بمعنى


[قال مُعِدُّ الكتاب للشاملة]
[١] في ط المعارف: (شرطه).

<<  <  ج: ص:  >  >>