(وهي لازمة) أي من العقود اللازمة، فليس لأحدهما فسخها بعد العقد دون الآخر ما لم يتراضيا عليه - هذا هو المذهب (يستحق) العامل (الثمار فيها) أي المساقاة (بالظهور): أي ظهورها على الشجر أو الزرع، فيكون شريكاً بجزئه من حينه، لا قبله ولا بالجذاذ ولا بالطيب. وإذا وقع العقد وهي بارزة استحقه من حين العقد، فإذا طرأ دين على رب الحائط فلا يوفى فيه جزء العامل؛ لأنه شريك له به.
(وشرط) صحة (المعقود عليه) من شجر أو زرع:
(ألا يخلف) بضم الياء: من أخلف، فإن كان يخلف كالموز مما يخلف قبل قطع البطن الأول ولا ينتهي، وكالبقل وكالقضب -بسكون الضاد المعجمة- والقرط -بضم القاف- والريحان والكراث، فلا تصح فيه مساقاة إلا تبعاً لغيرها.
(وأن لا يبدو صلاحه): أي وأن لا يكون بدا صلاحه أي صلاح ثمر ذلك الشجر. فإن بدا صلاحه وهو في كل شيء بحسبه لم تصح مساقاته لانتهائه واستغنائه إلا تبعاً. (وكون الشجر) أي المساقى عليه (ذا ثمر): أي ويثمر في عام المساقاة، لا إن كان لا ثمر له كالأثل، أو لم يبلغ حد الإثمار كالودي، فلا تصح المساقاة عليه إلا تبعاً.
ثم ذكر محترز الشروط الثلاثة بقوله: (لا) تصح مساقاة (كقضب): بفتح القاف وسكون الضاد المعجمة: نبت معلوم، (و) لا (قرط) بضم القاف (و) لا (موز)؛ لأنها تخلف ولا تنتهي لأجل معلوم؛ لأن الذي لم ينته منه يناله من سقي العامل، فكأنه شرط زيادة عليه.
(ولا ما حل بيعه) ببدو صلاحه (و) لا ما لا ثمر، إما لكونه لا يثمر أصلاً كالأثل والطرفاء، وإما لكونه لم يبلغ حد الإثمار مما يثمر لصغره (نحو ودي) بفتح الواو وكسر الدال المهملة: صغار النخل (إلا تبعاً) لغيره مما يصح فيه المساقاة: وهذا راجع
ــ
بل هو محل الخلاف، كلفظ عاملت. قال (بن): ولفظ ابن رشد: والمساقاة أصل في نفسها لا تنعقد إلا بلفظ المساقاة على مذهب ابن القاسم، فلو قال رجل: استأجرتك على عمل حائطي هذا بنصف ثمرته لم تجز على مذهبه كما لا تجوز الإجارة عنده بلفظ المساقاة، بخلاف قول سحنون فإنه يجيزها ويجعلها إجارة، وكلام ابن القاسم أصح. اهـ باختصار.
قوله: [أي من العقود اللازمة]: أي عند جمهور الفقهاء خلافاً لأبي حنيفة فإنه منعها، وأما صاحباه فقد وافقا الجمهور.
قوله: [فليس لأحدهما فسخها بعد العقد]: أي وقبل العمل، فليست كالقراض بل كالإجارة كما في (بن) نقلا عن الأبهري.
قوله: [يستحق العامل الثمار فيها أي المساقاة بالظهور] إلخ: عبارة المتن هنا وشرحها غير ظاهرة المعنى؛ لأن هذا الكلام يوهم أن المساقى -بالفتح- لا حق له في البستان بعد العقد وقبل ظهور الثمار، وأنه لو قام أصحاب الديون على صاحبه يأخذونه ويطردون العامل بغير شيء، وهذا ينافي لزومها بالعقد وخلاف المنصوص، فإن الأصل قال في شرح خليل: ولم تنفسخ المساقاة بفلس ربه أي الحائط الطارئ على عقدها، وإذا لم تنفسخ بالفلس الطارئ بيع الحائط على أنه مساقى، ولو كانت المساقاة سنين، كما تباع الدار على أنها مستأجرة والموت كالفلس؛ لأن المساقاة كالكراء لا تنفسخ بموت المتكاريين، وأما لو تأخرت المساقاة عن الفلس لكان للغرماء فسخها. اهـ، ومثله في الخرشي.
قوله: [ولا بالجذاذ ولا بالطيب]: هذا غير ضروري؛ لأنه إذا استحق بالظهور فلا يتوهم توقفه على الجذاذ والطيب.
قوله: [المعقود عليه]: أي الأصل المعقود عليه، فلذلك عمم بقوله: "من شجر أو زرع".
قوله: [كالموز]: مثال للشجر الذي يخلف والكاف فيه استقصائية، وقوله وكالبقل إلخ تمثيل للزرع.
قوله: [فلا تصح فيه]: أي فيما يخلف من هذه المذكورات.
قوله: [إلا تبعاً لغيرها]: أي وإذا دخل تبعاً كان لهما ولا يجوز إبقاؤه للعامل ولا لرب الحائط؛ لأنه زيادة إما على رب الحائط أو على العامل يناله بسقيه مشقة، والفرق بينه وبين البياض ورود السنة في البياض.
قوله: [وألّا يبدو صلاحه]: أي خلافاً لسحنون فإنه أجاز المساقاة بعد بدو الصلاح على حكم الإجارة بناء على مذهبه من انعقاد الإجارة بلفظ المساقاة، وإنما منعت على المذهب المشهور الذي هو مذهب ابن القاسم؛ لأن فيه منفعة لرب الحائط، وهو سقوط الجائحة عنه؛ لأن الثمرة إذا أجيحت في المساقاة لم يكن له بالجائحة شيء، وكان له الخيار بين التمادي أو الخروج بخلاف الإجارة، فإن للأجير أن يرجع فيها إذا أجيحت الثمرة بإجارة مثله فيما عمل. اهـ ملخصاً من (بن).
قوله: [وهو في كل شيء بحسبه]، أي ففي البلح باحمراره أو اصفراره وفي غيره بظهور الحلاوة فيه ومثله البلح الخضراوي.
قوله: [ذا ثمر]: أي شأنه الإثمار.
قوله: [أو لم يبلغ حد الإثمار]: المعنى أو كان ذا ثمر، ولم يبلغ حد الإثمار لأن الشارح أدخل تحت قوله ذا ثمر شرطين محترز الأول منهما ألا يكون شأنه الإثمار كالأثل، ومحترز الثاني قوله: ولم يبلغ حد الإثمار كالودي أي لم يبلغ حد الإثمار في عامه.
قوله: [محترز الشروط الثلاثة]: بل الأربعة كما علمت وكما يأتي في الشارح.
قوله: [نبت معلوم]: أي يشبه البرسيم.
قوله: [ولا قرط]: هو نوع من المرعى ومثل القضب والقرط البرسيم وباقي البقول من ملوخية ونحوها.
قوله: [مما يثمر]: