للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فالجواز في صور ثلاث والمنع في واحدة، وسواء كانت الأجرة معينة أو مضمونة وأما غير المعينة إذا هلكت، فالجواز مطلقاً، بل هو الواجب به القضاء.

(و) جاز (دار غائبة): أي جاز كراؤها كذا الحانوت والفرن ونحو ذلك (كالبيع) لها المتقدم ذكره، فلا بد من رؤية سابقة لا يتغير بعدها ولو بعدت أو بوصف شاف ولو من مكريها أو على الخيار بالرؤية (أو نصفها أو نصف كعبد): يعني أنه يجوز كراء بعض الشيء والبعض الثاني إما لربه أو شريكه.

ثم يستعملانه أو يقتسما أجرته على قدر الحصص.

(و) جاز الكراء (مشاهرة) وهو ما عبر فيه بلفظ: "كل"، نحو: كل يوم أو كل جمعة أو كل شهر أو كل سنة بكذا. (ولا يلزمهما) عقدها؛ فلكل منهما حله عن نفسه متى شاء ولا كلام للآخر والكراء فيه بعد كل يوم أو جمعة إلخ أو على ما اتفقا. وجاز تقديمه وتأخيره لبعد العمل، وعلى كل حال ليست بلازمة.

(إلا بنقد) من المكري (فبقدره): أي فيلزم بقدر ما نقد. فإذا قال: كل يوم بدرهم ونقد مائة درهم لزم مائة يوم وهكذا، ولو قال كل شهر بعشرة ونقد خمسة لزم نصف شهر.

(كالوجيبة): فإنها تلزم، نقد أو لم ينقد، بقدر ما سمى من المدة، ومن أراد الفسخ منهما عن نفسه فلا يجاب له إلا بتراضيهما معاً. وهي ما لم يعبر فيها بلفظ "كل" كما لو وقعت (بشهر كذا) كرجب (أو هذا الشهر) أو سنة كذا أو هذه السنة بالمعرفة (أو): أكتريها (شهراً أو سنة) أو جمعة أو يوم أو نصف [١] كل بالنكرة أو نصف ما ذكر من المعرفة (أو): أكتريها منك (إلى كذا) إن كان معلوماً، نحو: إلى شهر كذا أو سنة كذا أو قدوم زيد، وهو معلوم كل ذلك وجيبة يلزم بالعقد إلى الغاية.

(و) جاز (عدم بيان الابتداء، وحمل) إذا لم يبينه (من حين العقد) وجيبة أو مشاهرة.

(و) جاز (أرض مأمونة الري): أي كراؤها (سنين كثيرة): كالثلاثين والأربعين (وإن بشرط النقد) لعدم التردد بين السلفية والثمنية. والمأمونة: هي المتحقق ريها عادة، كمنخفض أرض النيل، وكالمعينة بكسر - العين المهملة - وهي تسقى بالعيون والآبار، وكأرض المشرق المتحقق ريها بالمطر.

(و) جاز (غيرها): أي المأمونة (إن لم ينقد): أي لم يشترط النقد، فإن اشترط النقد لم يجز (وإن سنة) للتردد بين السلفية والثمنية، وأما النقد تطوعاً بعد العقد لم يضر.

(ووجب) الكراء (في أرض النيل إذا رويت) بالفعل:

ــ

قبض الأوائل ليس كقبض الأواخر.

قوله: [فالجواز في صور ثلاث]: واحدة فيما إذا لم ينقض ولم يضطر واثنتان عند الاضطرار وهما نقد أم لا والمنع فيما إذا نقد ولم يضطر وكل من الجائز والممنوع كانت الأجرة فيه معينة أو مضمونة فالجواز في ست والمنع في اثنتين.

قوله: [فالجواز مطلقاً]: أي نقد أم لا، اضطر أم لا كانت الأجرة معينة أو مضمونة.

قوله: [ونحو ذلك]: أي من باقي العقارات.

قوله: [ولو من مكريها]: أي كما يقال في البيع يكفي الوصف ولو من بائعه خلافاً لمن يمنع ذلك.

قوله: [بالرؤية]: أي عند الرؤية أي فيجوز العقد على دار أو حانوت أو نحو ذلك من غير رؤية لما ذكر ولا وصف ويجعل له الخيار عند رؤيتها.

قوله: [ثم يستعملانه]: إما معاً إن أمكن ذلك أو يقتسمانه مهايأة.

قوله: [أو يقتسما أجرته]: هكذا نسخة المؤلف بغير نون والمناسب إثباتها لعدم الناصب والجازم، ومعنى قسمة الأجرة أنهما يكريانه للغير ثم يقتسمان ما يأتي.

قوله: [حله عن نفسه متى شاء]: هذا قول ابن القاسم في المدونة، وهو أحد أقوال ثلاثة. حاصلها: أن القول الأول لا يلزم الكراء في الشهر الأول ولا فيما بعده وللمكتري أن يخرج متى شاء ويلزمه من الكراء بحساب ما سكن. والثاني يلزمهما المحقق الأقل كالشهر الأول لا ما بعده. والثالث يلزم الشهر إن سكن بعضه.

قال الشيخ ميارة: وبهذا الأخير جرى العمل عندنا، وهذه الأقوال الثلاثة داخلة في الكراء مساناة كذا في (بن) وفيه أن محل كون كراء المشاهرة منحلاً في غير المطامير التي يخزن فيها الطعام، وأما هي فليس للمكري إخراج الطعام منها قبل أوانه الذي يخرجه المكتري فيه كغلو الأسعار وإخراجها للبذر ويغتفر جهل المدة للضرورة.

قوله: [إلا بنقد من المكري]: المناسب المكتري أو تجعل من بمعنى اللام.

قوله: [أو يوم]: هكذا نسخة المؤلف من غير ألف والمناسب نصبه.

قوله: [أو نصف كل بالنكرة]: الأخصر أو نصف ما ذكر من المعرف والمنكر.

قوله: [لعدم التردد بين السلفية والثمنية]: حاصله أن ما كان مأموناً من أرض النيل والمطر والآبار والعيون يجوز فيها اشتراط النقد ولو لأعوام كثيرة، وما كان غير مأمون منها لا يجوز فيه اشتراط النقد.

قوله: [وهي تسقى]: هكذا نسخة المؤلف، وقد سقط منه الموصول والأصل وهي التي تسقى.

قوله: [وكأرض المشرق]: أي كالشام والأندلس.

قوله: [وإن سنة]: مبالغة في محذوف قدره الشارح بقوله: فإن اشترط النقد لم يجز، والمعنى: أن شرط النقد في غير المأمونة مفسد ولو لسنة واحدة.

وقوله: [للتردد بين السلفية والثمنية]: وجه ذلك: أنها إن رويت صارت الأجرة ثمناً أي تمت في نظير المنافع وإن لم ترو ردها المكتري لصاحبها كانت سلفاً من المكتري للمكري، ثم عادت له وإنما كان هذا حراماً لأن فيه سلفاً جر نفعاً والسلف لا يجوز إلا إذا كان لوجه الله والنفع الذي يجره هو احتمال كونها تروى فينتفع بها رب الدراهم.

قوله: [وأما النقد تطوعاً]: مقابل قوله أي لم يشترط النقد.


[قال مُعِدُّ الكتاب للشاملة]
[١] قوله: (يوم أو نصف) كذا في ط الحلبي والمعارف، ولعل الصواب: «يوماً، أو نصفاً).

<<  <  ج: ص:  >  >>