للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وسيأتي مفهوم بعد الإبان (أو لم يزرع) المكتري (لعدم بذر): فيلزمه الكراء، ولا يعذر بعدمه لتمكنه من إيجارها لغيره. ولذا لو عدم البذر من المحل لسقطت الأجرة لعموم العذر.

(أو سجن) عطف على: "عدم"، أي أو لم يزرع لسجن فيلزمه الكراء، سجن ظلماً أو لا، ما لم يقصد من سجنه منعه به عن الزرع. وإلا فالكراء على من سجنه كما لو أكرهه على عدمه.

(بخلاف تلفه): أي الزرع (بآفة الأرض) أي الناشئة منها (كدودها أو فأرها أو عطش) في أرض المطر لعدم نزوله عليه كعدم الري في النيل (أو غرق) للأرض (قبل الإبان واستمر) الغرق عليها حتى فات وقت ما تراد له فلا يلزمه الكراء (ولو عطش البحر [١]) دون البعض (أو غرق) البعض واستمر دون البعض (فلكل حكمه): وهو أن ما عطش أو لم يرو أو غرق قبل الإبان واستمر فلا كراء له، وما لم يعطش ولم يغرق فعليه فيه الكراء.

(ولو جر السيل) أو النيل (حباً) بذر في أرض (أو) جر (زرعاً) نبت في أرض لمالكها أو مالك منفعتها (لأرض) أخرى (فلربها): أي فالحب المجرور أو الزرع لرب الأرض المجرور إليها، لا لربه؛ لأنه لما انجر إلى أرض غير أرضه قهراً عنه كان ضائعاً فيثبت لمن نبت في أرضه، ولا شيء عليه لربه من مثل ولا قيمة.

(ولا يجبر مؤجر) لدار أو غيرها (على إصلاح) للمكتري منه إذا حصل في الدار أو الحانوت أو الحمام أو البئر المكتراة خلل (مطلقاً) كان يمكن معه الانتفاع أم لا، يضر بالمكتري أم لا. باتفاق في الكثير المضر، وعلى مذهب ابن القاسم في اليسير. فالخلاف إنما هو في اليسير ولو مضراً.

(و) إذا لم يجبر المكري على الإصلاح فإذا لم يصلح (خير الساكن) بين الفسخ والإبقاء (في) حدوث خلل (مضر) ولو مع نقص منافع، كهطل: أي تتابع المطر من السقف للخلل الحادث به، وكهدم ساتر أو بيت من بيوتها أو الباذهنج.

(فإن بقي فالكراء) كله لازم له. ومفهوم: " مضر " أنه إذا كان لا يضر فلا خيار له ويلزمه السكنى. إلا أنه إذا كان لا ينقص من الكراء شيئاً فظاهر، كسقوط بعض شرفات البيت ونحوه مما لا يعتنى به عادة. وإن كان ينقص من الكراء حط عنه بقدره وإن قل؛ كسقوط تجصيصها أو ذهاب بلاطها أو هدم بيت من بيوتها وكان لا يضر وسقوط شرفاتها مع تنقيصه من الكراء. فإن أصلح المكتري بلا إذن كان متبرعاً لا شيء له في الأقسام الثلاثة. فإن انقضت المدة خير رب الدار بين دفع قيمته منقوضاً أو أمره بنقضه كالغاصب، بخلاف ما لو أذن فله قيمته قائماً إذا لم يقل ربها: عمر وما صرفته فعلي، فيلزمه جميع ما صرفه. وقولنا: "وخير الساكن في مضر": أي إذا لم يصلح المؤجر كما قدمنا، فإن أصلح له قبل خروجه لم يكن له خيار،

ــ

الحالة لأن ذلك الغرق بمنزلة الجراد الطارئ على الزرع.

قوله: [وسيأتي مفهوم بعد الإبان]: أي في قوله أو غرق قبل الإبان.

قوله: [ولذا لو عدم البذر] إلخ: أي عدموه ملكاً وتسلفاً حتى من البلد المجاورة لهم.

قوله: [ما لم يقصد من سجنه] إلخ: ويعلم قصده بقرينة أو بقول.

قوله: [فلكل حكمه]: أي ما لم يكن الباقي قليلاً بالنسبة للتالف كخمسة أفدنة من مائة إذا كانت مفرقة الفدادين فلا أجرة لها لأنها كالهالك، وقيل لا يلزمه لها أجرة مطلقاً وإن كانت غير مفرقة كما يؤخذ من الحاشية، ومثل عطش البعض باقي آفات الأرض التي تمنع الكراء.

قوله: [ولو جر السيل]: مثل ذلك ما إذا انتثر للمكتري أرضاً حب من زرعه في تلك الأرض زمن الحصاد فنبت فيها في العام القابل فلا يكون لصاحبه، بل لرب الأرض لإعراض ربه عنه بانقضاء مدته، ولذا لو بقيت مدة الكراء كان الزرع له، وأما لو بذره في الأرض التي اكتراها فلم ينبت في سنته بل في قابل كان لربه وعليه كراء الأرض، كما أن عليه كراء العام الماضي إن كان عدم النبات لغير عطش ونحوه وإلا فلا كما تقدم.

قوله: [أو الزرع لرب الأرض المجرور إليها]: أي وهو مالك ذاتها أو منفعتها.

قوله: [ولا يجبر مؤجر]: أخذ بعض الأشياخ من هذه المسألة أنه لا يجبر من له خربة في جوار شخص يحصل له منها ضرر على عمارتها ولا على بيعها ويقال له: ادفع عن نفسك الضرر بما تقدر عليه ولا ضمان على ربها إن حصل بسببها تلف، وبه أفتى الشيخ سالم السنهوري وأفتى بعضهم بلزوم رب الخربة بما يدفع الضرر من عمارة أو بيع، وهذا هو الذي ارتضاه شيخ مشايخنا العدوي.

قوله: [وعلى مذهب ابن القاسم في اليسير]: أي وأما ابن حبيب فيقول: يجبر المكري على الإصلاح فيها قال ابن عبد السلام وبه العمل.

قوله: [أو الباذهنج]: أي وهو المسمى بالملقف.

قوله: [فالكراء كله لازم له]: أي لأن خيرته تنفي ضرره.

قوله: [بعض شرفات البيت]: الشين مضمومة والراء مضمومة أو مفتوحة أو ساكنة.

قوله: [كان متبرعاً] إلخ: هذا إذا كان العقار ملكاً وأما من استأجر وقفاً يحتاج لإصلاح فأصلحه المكتري بغير إذن ناظره فإنه يأخذ قيمة بنائه قائماً لقيامه عنه بواجب للوقف على الناظر لا لأجل المستأجر فالوجوب لحق الله لا لخصوص الساكن.

قوله: [في الأقسام الثلاثة]: أي وهي المضر وغير المضر ولا ينقص الكراء وغير المضر وينقص.


[قال مُعِدُّ الكتاب للشاملة]
[١] في ط المعارف: (البعض)، ولعلها الصواب كما في أقرب المسالك.

<<  <  ج: ص:  >  >>